الجمعة، 22 مايو 2009

تحذير من فقدان نهر الفرات وللأبد في وادي الرافدين



حذر مسؤول عراقي رفيع المستوى من "كارثة" اقتصادية وبيئية وشيكة في حال استمرار معدلات الانخفاض الحاد في تدفق مياه نهر الفرات الذي تسيطر تركيا على مقدراته ويعبر سوريا قبل وصوله الى هذا البلد.

ويقول عون ذياب عبد الله مدير عام المركز الوطني لادارة الموارد المائية ان "معدل تدفق مياه الفرات عند الحدود العراقية السورية قبل عدة اعوام كان 950 مترا مكعبا في الثانية فيما يبلغ حاليا 230 فقط"، اي ان نسبة الانخفاض تبلغ حوالي 75 في المئة.

ويؤكد ان "مشكلة الفرات سببها تشييد عدد كبير من السدود في تركيا حيث هناك خمسة بينها 'سد اتاتورك العظيم' اما في سوريا فهناك سدان على المجرى الرئيسي للنهر".

وطالبت السلطات العراقية تركيا بزيادة كميات المياه المتدفقة الى العراق عبر الفرات الى 700 متر مكعب في الثانية، وفقا للمسؤول.

ويعقد وزراء المياه والري في سوريا والعراق وتركيا اجتماعات من وقت لاخر لبحث التعاون بين دولهم في هذا المجال...وينبع دجلة والفرات من الجبال التركية. وفيما يعبر الفرات سوريا قبل العراق، يمر دجلة بالعراق بعد عبوره الحدود السورية التركية لكنه يتلقى مياه روافد عدة تنبع في ايران.

ويروي النهران العراق من الشمال الى الجنوب قبل ان يشكلا شط العرب الذي يصب في مياه الخليج...واقامت ايران سدودا على روافدها فيما يتهمها مسؤولون عراقيون بتحويل مسار بعض هذه الروافد الى الداخل الايراني بدلا من العراق.

ويتابع عبد الله ان "تركيا تسعى الى زيادة مساحاتها الزراعية من 256 الف هكتار الى اكثر من مليون و 700 الف هكتار، لذلك فانهم بحاجة لكميات كبيرة من المياه".

وطالبت وزارة الموارد المائية في السادس من ايار/مايو الحالي، تركيا وايران الايفاء بوعودهما عبر ارسال كميات من المياه لضمان الموسم الزراعي وتفادي "الشحة الشديدة" في البلاد.

ويشير المسؤول الى تدني مستوى تدفق المياه من ايران اثر تغيير مجرى نهر الكارون الذي يصب في شط العرب ونهر الكرخ الذي يغذي هور الحويزة، الواقع بين ايران ومحافتي ميسان والبصرة في العراق.

كما شيدت ايران سدودا على روافد دجلة ما ادى الى انخفاض منسوب المياه في مجرى نهر الزاب الاعلى، القادم من ايران...ويطالب عبد الله "مواصلة المحادثاث مع تركيا وايران وسوريا للتوصل الى اتفاقية تؤمن حصول العراق على حصص كافية".

ويؤكد ان العراق وقع اتفاقية واحدة مع تركيا العام 1946 تلزم الجانبين بالتفاوض عند الحاجة لانشاء سدود مائية، لكنه يوضح ان "تركيا لا تستمع لما نقوله الان".

وحول مقولة مقايضة الماء بالنفط، يقول عبد الله "من الخطأ مقايضة الماء بالنفط لان الماء ليس سلعة ونهر الفرات موجود على الارض منذ الخليقة".

وفيما يتعلق بدجلة، يشير الى ان "معدل مياهه يبلغ حاليا 55% من المعدل العام (...) وقد تكون هناك شحة اذا انجزت تركيا سد 'اليسو' المتوقع اكماله العام 2012 بطاقة استيعابية حجمها 11 مليار متر مكعب".

وقد اكدت وزارة البلديات والاشغال قبل فترة "انقطاع كامل للمياه الواردة من نهر الكارون القادم من ايران ما ادى الى عدم صلاحية مياه الشرب في منطقه الفاو وتسبب بتلوث وملوحة عالية في المياه الخام".

ويوضح عبد الله ان "العراق يستخدم تسعين بالمئة من المياه لاغراض الزراعة فانخفاض معدلاتها سيؤدي حتما الى تراجع الكميات ونوعية الانتاج بالاضافة الى ارتفاع معدلات التصحر".

من جهة اخرى، يقول محمد العطية (65 عاما) احد مزارعي الارز في الديوانية (180 كلم جنوب بغداد) ان "ما يحدث كارثة اقتصادية".

ويضيف العطية الذي ورث الزراعة عن اسلافه، ان "الاف العائلات تعتمد بشكل كامل على زراعة الارز ونقص المياه يؤدي الى هجرة مئات الشبان بحثا عن العمل في اماكن اخرى من البلاد (...) اخشى ان تفقد ارضنا خصوبتها".

بدوره، يؤكد عبد الواحد الميالي احد وجهاء قضاء الشامية (غرب الديوانية) ان "زراعة الارز هي المهنة الوحيدة للاهالي منذ عشرات السنين فمنعها او تقليص المساحات المزورعة سيؤدي الى عواقب اقتصادية بينها البطالة والهجرة ومشاكل كبيرة".

ويقول عبد الله ان استمرار انخفاض معدلات المياه في الفرات سيؤدي لكارثة في تموز/يوليو المقبل، لان الزراعة ستتوقف وسيحدث جفاف في الاهوار وبالتالي هجرة الاف العائلات.

ويدعو الى "مواصلة التعاون مع تركيا وايران وسوريا للتوصل الى اتفاقية واضحة بشأن تقاسم المياه في دجلة والفرات"، و"العمل بجدية لوقف الهدر والاستخدام الامثل للمياه وازالة مصادر تلوثها لتحسين نوعيتها".

ويختم لافتا الى ان المياه الجوفية في شمال وغرب العراق تشكل عشرة بالمئة من حاجات البلاد، لكن "استخراجها بحاجة الى بذل جهود كبيرة".

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية