الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

حرب غزة


- م/ محمود فوزى

رغم مرور اسابيع على حرب الفرقان (27 ديسمبر – 18 يناير) لكن يبدو ان الكثير مازال يتجاهل احداثا كثيره بها ربما عن عمد او غير قصد.
خطط الكيان الصهيوني للحرب منذ أغسطس 2008 وذلك باعتراف قادته وكان يضع امام عينيه عدة توقيتات هامه وهى 19 ديسمبر وقت انتهاء التهدئه و9يناير انتهاء فترة عباس و20 يناير يوم تسلم اوباما السلطه و10 فبراير انتخابات الصهاينه.

التخطيط
كانت خطط الاحتلال الصهيوني تتركز على الانتهاء من العمليه مابين الميعادين الاولين (وقت انتهاء التهدئه وانتهاء فتره عباس) وتمت عمليه جمع المعلومات وتحضير الخطط وتحديد الاهداف التى سيتم قصفها.
وللعلم فان شن حرب من مثل هذا الحجم بالفعل يحتاج للكثير من الوقت للتخطيط والتدريب والتنفيذ وهو ما يؤكد تصريحات قاده الصهاينه من ان العمليه مخطط لها قبل اربعه اشهر من التنفيذ وليس كما يدعى البعض عندنا من ان اطلاق صواريخ حماس والمقاومة فى يوم معين بكثافه هو الذى استفذ الصهاينه فشنت الحرب.
الأمور لديهم لا تدار بمثل هذه السهوله وتحريك الجيوش يتطلب تحركات كثيره وترتيبات عده فالجيش الصهيوني دخل الحرب بكل ثقله ولم يدخل حربا ضد اى دولة وجيش نظامي باكثر مما دخل فى حرب الفرقان على غزة.

وايضا فقد اعلن الصهاينه عدم تجديد التهدئه هذا غير ان التهدئه الاولى تم اختراقها كثيرا جدا بل انهم حاولوا اقتحام غزة بقوة كبيره مرتين يوم 4 نوفمبر (ليله انتخاب اوباما) والاخرى بعدها باسبوعين تقريبا وقد وقفت حماس والمقاومة لها بالمرصاد

دراسة الاجواء السياسيه
من ضمن التخطيط كانت مرحلة دراسه الاجواء السياسيه الاقليميه والعالميه فكان جس نبض الدول العربيه ودراسه احتمالات ردود الافعال فكانت نتيجة دراستهم مطمئنه لهم حيث أدركوا ان عباس و الدول العربيه المعتدله لن يتحركوا عمليا لمقاومة العدوان فهى ان لم تساعد فى العدوان والحصار فهى لن تتحرك عمليا لايقافه وهذا ما استنتجوه.

وبعد ما اطمئنوا الى ذلك الجانب اتجهوا الى الجهات العالميه واذا كان البعض يتذكر كيف كان ساسة الصهاينه يتحركون دوليا قبيل الحرب لتحضير الاجواء الدوليه لتبرير الحرب بينما لم نر تحركا موازيا له من الدول العربيه وهنا اطمأن الكيان الصهيوني تماما للموقف حيث أخذ ضوءا أخضر من امريكا بالاضافه الى الاستنتاج بعدم تحرك دول اخرى دوليه
فقد نشروا شعورا لدى العالم بأن حماس والمقاومة مرفوضتان من الدول العربيه وبالتالى فاذا كان الدول العربيه لاتمانع من الحرب (ان لم تشجعها )فلماذا يفكر احد فى الاعتراض وهو ما بدا واضحا فيما بعد من كلام بيريز فى منتدى دافوس قبل ان يعترض عليه اردوغان.

الأهداف
كانت أهداف الحرب الرئيسيه هى تدمير حماس والمقاومة وانهاء حكومه اسماعيل هنيه تماما ثم اعادة محمود عباس الى القطاع ليستكمل عمله بمحاربه المقاومة فى غزة كما كان من قبل ومثل ما يحدث حاليا فى الضفه.
وما يؤكد مثل هذا الاستنتاج ما كشفته صحيفة السفير اللبنانيه وبعض المصادر الاعلاميه الاخرى من وجود اجتماع بين مندوبين لعباس وامنيين صهاينه وامريكان ومصريين فى سيناء بعد حوالى 36 ساعه من بدء العمليات الجويه حيث توقعوا انتهاء الحرب سريعا وبالتالى يجب دراسه اجواء ما بعد الحرب لدخول قوات عباس.

التنفيذ
فى يوم 27 يناير كانت الضربات الجويه الرهيبه على القطاع واستهدفت منازل ما تعتقد انه اماكن لقاده حكومة هنيه وحركة حماس بالاضافه الى العديد من المنازل المدنيه وذلك لاثاره الغضب الداخلى على حكومة هنيه وحركة حماس.
وارتكبوا فى سبيل ذلك الكثير من المجازر التى يشيب لها الولدان فكانوا يقصفون المنازل على من فيها واحيانا يتم تجميع مواطنين فى منزل ليفتكوا به.
وبالفعل توقعوا ان يتم انهيار داخلى للسلطة فى غزة وبدأت المقاومة فى الرد ولم يتخيل الصهاينه او العرب (المعتدلون) ان يكون مثل هذا الصمود الكبير من المقاومة ومن الشعب الفلسطيني.

استمر الحال اسبوعا كاملا دون حدوث اى انهيار وامتصت حماس والمقاومة الضربه الاولى وبدات بالرد وهنا كانت مساحه المناطق المعرضه للصواريخ الفلسطينيه تزداد فقد زادت حماس مستوى صواريخها شيئا فشيئا من 30 كم حتى وصلت الى 55كم ولكن بشكل تدريجي وهو ما يعبر عن عقليه عسكريه كبيره.
بدا واضحا ان الضربات الجويه لن تؤتى ثمارها من الانهيار الداخلى فكان قرار الصهاينه بالدخول البري وهو ما حدث يوم 3 يناير حيث بدأ اقتحام غزة بافضل قوات لدى الصهاينه وحاولوا عمل انزال جوي واقتحام من البحر وكانت بشائر النصر تلوح حيث فى اول نصف ساعه من الحرب البريه كانت قوات القسام التابعه لحماس تحاصر قوة صهيونيه خاصه وتم قتل 3 واصابه 30 اخرين.

استمر القتال البري القوى وقام ابطال المقاومة بعمليات رائعه ووقعت الخسائر الصهيونيه مما ادى لاستدعاء قوات الاحتياط الصهيونيه بالالاف ولم تنجح ايضا فى هزيمه المقاومة ولم يفلحوا فى اقتحام المدن وان استولوا على بعض المنازل فى اطرافها.

زاد من خسائر الصهاينه زياده طول مسافه صواريخ حماس والمقاومة بل واختياراتها النوعيه حيث بدات فى قصف مواقع عسكريه كانت تخرج منها القوات الصهيونيه مما يدل على دقه كبيره هذا ومن كثره الصواريخ ودقتها تم اغلاق ميناء اسدود .
ومع الوقت كانت الاهداف الصهيونيه تتراجع ففى البدايه كانت تريد تدمير حماس المقاومة وانهاء حكومة هنيه الى ان تقلصت تدريجيا الى ان وصلت الى هدف ايقاع ضرب مؤلمه لحماس وهو ما يمكن ان تبرر به ايقاف الحرب فى اى وقت مدعيه بتحقيق مرادها

النصر
وبالفعل فى الاسبوع الثالث بدأ الانقسام الصهيوني فكان راى ليفنى وزيره الخارجيه وباراك وزير الدفاع بايقاف الحرب ولكن اولمرت رئيس الوزراء ومعه مدير المخابرات كانوا يرفضون
وهى المرحله التى اسماها خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي لحماس) بمرحلة عض الاصابع

ومع الوقت اتخذ الصهاينه قرارا بوقف الحرب والانسحاب تماما وذلك لمحاوله ايقاف الخسائر التى يتكبدوها
وبالفعل يوم 17 يناير اعلن الكيان الصهيوني ايقاف الحرب من طرف واحد وهنا استمرت حماس والمقاومة واجتمعوا واعلنوا فى 18 يناير وقفا لاطلاق النار من جانب واحد تاكيدا (كما اعلن من قبل الناطق باسم القسام) الى ان المقاومة هى من تحدد متى تقف الحرب
واعطت المقاومة مهله اسبوعا لانسحاب الصهاينه تماما وبالفعل كانت قد انسحبت خلال 3 ايام

نتائج
استخدمت القوات الصهيونيه 13 سلاحا جديدا فى المعركه واوقعت اكثر من 1300 شهيد و5400 جريح بينما كانت حماس والمقاومة بالمرصاد فقتلت اكثر من 80 صهيوني واصابه المئات بجروح هذا غير حالات الخوف واصابه 4 طائرات مروحيه واسقاط طائره تجسس بالاضافه الى ان حماس نجحت فى عمليتي خطف جنود ولكن كان الصهاينه لهم راى اخر فقد قصفوا اماكن اختباء افراد حماس ومعهم الجنود الصهاينه فقد ترددت انباء عن ان الصهاينه يحملون اجهزة تكشف عن تواجدهم.

من الخسائر الصهيونيه الانهيار الداخلى فالصهاينه لا يحتملون حربا طويله فى حرب الفرقان كانت مساحه باخل فلسطين 48 بعمق 55 كم مناطق اشباح حيث كانت الحياه مشلوله فلا مدارس او مصانع والحياه داخل الملاجىء بالاضافه الى ان القوى العامله لديهم قليله وبالتالى فاستدعاء الالاف للحرب يعطل القوة الانتاجيه
هذا غير الاهداف التى نجحت المقاومة فى قصفها مثل مصنع الكيماويات فى اسدود الذى قصفته حماس.

هذا قليل من كثير خسره الصهاينه مما اجبرهم على وقف الحرب والانسحاب مما يعلن انتصار حماس والمقاومة.

موقف الدول العربيه
كان التحرك الشعبي كبيرا فقد كان الاخوان ومعهم التيارات المعارضه بتحركات كبيره فى مصر والدول العربيه مما عرض الكثير منهم للاعتقال
اما على مستوى القاده فكانت الدول العربيه (المعتدله) ترفض حتى مجرد الاجتماع لدراسه الامر (رغم انه لم يكن متوقعا منهم الكثير ولكن هذا الموقف يدل اكثر على مستوى التعامل مع الأزمة)وتم تاجيل اول اجتماع لوزراء الخارجيه حتى 31 ديسمبر (اليوم الخامس للحرب – وهو ما بدا كانه اعطاء فرصه للصهاينه لانهاء الامر) واعلنت مصر المبادره العربيه وكان لحماس والمقاومة بعض التحفظات عليها ورفضها الصهاينه ورفضت مصر القمه العربيه والاسلاميه وتم منع العديد من المساعدات من دخول غزة وتم ادخال بعض الجرحى الفلسطينيين بعد تلكؤ وبطء كبير ورفضت ادخال الاطباء الا بعد فتره طويله وبضغوط شعبيه وحتى انهم لم يسمحوا بدخول كل الاطباء الذين ارادوا الدخول رغم كتابتهم اقرارات على انفسهم بتحملهم المسئوليه
وكان معبر رفح يفتح ويغلق كثيرا بحجج مختلفه هذا غير الغاز المستمر فى تصديره للصهاينه
بل وصل الامر بالصهاينه انهم يعلنون الحرب من القاهرة حيث كانت ليفنى قبل الحرب بساعات
وطالب البعض بتاجيل القمه انتظارا للذهاب لمجلس الامن وبالفعل صدر قرار هزيل رقم 1860 ميتا قبل ان يولد فقد رفضه الصهاينه فورا

وفى قمه الدوحه التى رفضتها مصر والسعوديه وعباس كاعلنت قطر وموريتانيا تجميد العلاقات مع الصهاينه بينما قد سبقتهم فنزويلا وبوليفيا
كان غريبا ان تتحرك الدول العربيه (المعتدله) لرفض مجرد القمه العربيه او الاسلاميه واكتفوا بقمه على هامش قمه الكويت الاقتصاديه
عباس
استمر محمود عباس فى محاربه المقاومة فى الضفه بالاضافه الى ما اشرت اليه من اجتماع لتحضير مابعد انتهاء المقاومة ومايؤكد ذلك تصريحات الكثير من اتباعه الى اهل غزة بانهم قادمون لتخليصهم من حماس
ومايؤكد اكثر هذا تصريحات ياسر عبدربه مستشار عباس بأن الصهاينه اخطأوا فى وقف الحرب حيث لم يكملوها
تم تشكيل لجنه منه داخل غزة لدراسه وتحديد مواقع قاده حماس للتغلب عليهم عند دخولهم كما كان يتصور
رفض مجرد حتى حضور قمه الدوحه لدراسه الامر لمجرد حضور خالد مشعل (حماس) ورمضان شلح (الجهاد) واحمد جبريل(الجبهه الشعبيه - القياده العامه)

تركيا
كان الموقف التركى رائعا حيث اعلنت منذ البدايه انها ضد الحرب وطردت السفير الصهيوني واعلنت وقف المفاوضات غير المباشره بين سوريا والصهاينه واعتبرت شن الحرب اهانه لتركيا حيث كان اولمرت فى تركيا قبل الحرب بخمسه ايام وتحركت تركيا للوساطه لايقاف الحرب بل انها اعلنت انها سترفع مطالب حماس لمجلس الامن وتحركت لطرد الكيان الصهيوني من الامم المتحده ثم كان موقف ارودغان رئيس الوزراء بالرد المفحم على اكاذيب بيريز فى مؤتمر دافوس واعلانه عدم عودته للمؤتمر مما ادى لاعتذار بيريز له فيما بعد

ردود على المشككين بالنصر
على الارض انسحب الصهاينه وفشلوا فى احتلال غزة وهو عسكريا يعتبر نصرا ونحن راينا كيف ان الصهاينه فى عام 1967 وفى ساعات قليله احتلت سيناء وغزة والضفه بما فيها القدس والجولان واجزاء من الاردن بينما فشلت كوال 23 يوما فى احتلال غزة

الخسائر البشريه الكبيره فى الصف الفلسطيني بالطبع تحزن القلب ولكن هذا لا يعنى الهزيمه فقد راينا مثلا فى مصر عام 1973 حيث كان الطيران الصهيوني يدخل فى عمق مصر وتم اصابه العديد فهل هذا يعنى الهزيمه بالعكس فقد احرزت مصر انتصارا كبيرا فى عام 1973
هذا غير الخسائر الرهيبه سواء فى الحرب العالميه الاولى او الثانيه ولم يقل احد ان هذا يعد انتصارا بل يمكننا ايضا النظر الى الخسائر البشريه لدى الصهاينه وهى كبيره بالنسبه لهم

يقول البعض ان اتصال الرئيس مبارك باولمرت هو الذى اوقف الحرب او حتى مؤتمر شرم الشيخ وهى الحجه التى اعلنها الكيان الصهيوني كنوع من حفظ ماء الوجه لوقف الحرب والانسحاب فبكل بساطه فقد اعلن مبارك من قبل مطالبته بوقف الحرب فلماذا لم تقف ثم هل كان الصهاينه قادرين على احتلال غزة ولم يفعلوا؟ وقد اعترف الكثير من قاده الصهاينه بالهزيمه فلماذا لا نريد الاعتراف نحن بالنصر؟

للاسف اصبح البعض لدينا يدافع عن الكيان الصهيوني بشكل كبير مما يشتت الذهن لدى الكثير من الناس ولكن الحقيقه غير ذلك وقد اعلنت الخارجيه الصهيونيه مؤخرا قائمه باسماء بعض الصهفيين العرب بانهم يعتبروا سفراء للصهاينه وهو ما يدلل على وقوف الكثير من الاعلاميين والساسه ضد المقاومة.

وانتصرت حماس والمقاومة رغم انف الامريكان والصهاينه وعباس والعرب (المعتدلين).

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية