الأحد، 24 أبريل 2011

الثورات تؤزّم العلاقات الأميركية-السعودية


تمر العلاقات الأمريكية السعودية بأزمة. فالملك عبد الله يعتقد أن غرام إدارة أوباما بقيم الحرية الإنسانية ساذج ولا يناسب الدول الخليجية المحافظة مثل السعودية والبحرين، في وقت تشكل إيران التهديد الأكبر. من جهتها، واشنطن مستاءة مما أشيع عن عرضٍ قدمه العاهل السعودي لدعم مصر مادياً إذا قرّر حسني مبارك التشبث بالسلطة. وثمة، أيضاً، عامل النفط: فمع ارتفاع أسعار البنزين الأمريكي، ورغم وعود الرياض بتعويض مبيعات الغاز والنفط الليبية، إلا أن السعوديين "خفّضوا الإنتاج في منتصف آذار/مارس" وفقاً لـ "وكالة الطاقة الدولية".

ولذا، فعندما جلس مستشار الأمن القومي الأمريكي توم دونيلون مع العاهل السعودي المُسنّ في 12 نيسان/أبريل، فقد كان هنالك بالفعل، كما أفادت "وكالة الأنباء السعودية" باقتضاب، "عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك" التي ينبغي النقاش حولها. وفي حين كان الملك عبد الله قد شعر بالود في البداية تجاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما — الذي تعامل معه باحترام مبالغ في ما يبدو — فإن العاهل السعودي يشعر الآن أن البيت الأبيض قد خذله في كل شيء تقريباًـ بدءاً من عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية إلى إيران، خصوصاً إيران.

لقد كان اجتماع دونيلون مهماً على وجه الخصوص بسبب ما قيل عن مشاركة الأمير بندر بن سلطان، الذي كان ذات مرة سفير السعودية في واشنطن ويشغل الآن منصب الأمين العام لـ "مجلس الأمن الوطني السعودي"، مع نادراً يظهر علناً. ولسنوات عديدة، خاصة عندما كان الأمير بندر سفيراً في الولايات المتحدة، لم الملك عبد الله يثق به . فهناك الكثير جداً من القصص الساخرة التي أشاعها الأمير بندر في العاصمة الأمريكية عن العاهل السعودي، الذي كان ولياً للعهد في ذلك الحين، والتي وصلت إلى أسماع المسؤولين في المملكة. ومع ذلك، فالأمير بندر كانت لديه، وربما ما تزال لديه مواهب سياسية ودبلوماسية يحتاج إليها الملك عبد الله، وخاصة الآن.

في تشرين الأول/أكتوبر 2010، كتبتُ مقالة في "فورين بوليسي" عنوانها "عودة الأمير بندر" تحدثت فيها عن عودة بن سلطان إلى بلاده؛ وكان بندر قد ظهر مجدداً بعد اختفاء غامض عن عناوين الأخبار دام عامين. ومع أن مقالي كان صحيحاً من الناحية الحَرفية، فإنه كان سابقاً لأوانه بعض الشيء لأن الأمير الداهية اختفى ثانية لعدة أشهر. وقد عاد الأمير إلى الظهور مرة أخرى في الأسابيع القليلة الماضية، حيث تم تكليفه بمهمات رفيعة المستوى في باكستان والهند والصين.

إن مغزى هذه التطوّرات ليس واضحاً بما في الكفاية، لكن ستكون هناك تكهنات حول مستقبل السفير السعودي الحالي في واشنطن عادل الجبير. فهل يمكن أن نشهد تكراراً لما حدث خلال الأسابيع القليلة الأولى من فترة تولي الأمير تركي الفيصل منصب سفير السعودية في الولايات المتحدة بين عامي 2005 و 2006، عندما قام الملك عبد الله بإبلاغ البيت الأبيض بأن مبعوثه الرسمي (الأمير تركي الفيصل) لم يعد يمثل يعبّر عن آراء العاهل السعودي في واشنطن؟

ولم يتّضح وقتها الخطأ الذي ارتكبه الأمير تركي. لكن يبدو أنه كان قد كتب أثار السخط الملكي. وبدلاً من التعامل مع واشنطن عن طريق الأمير تركي، أعاد الملك عبد الله إلى دائرة الضوء السفيرَ السابق الأمير بندر، الذي بدأ يسافر ذهاباً وإياباً بين الرياض وواشنطن، مُصلحاً ومُغذياً لأهم علاقة خارجية للمملكة، تلك العلاقة التي كانت ما تزال مضطربة بسبب شبهات حول ارتباطات سعودية بـ تنظيم «القاعدة».

على غرار سلفه تركي الفيصل: عادل الجبير سفير بالإسم فقط؟

وقد ظلّ الأمير تركي في منصبه كسفير إسمي لبلاده في واشنطن. وأثار ذلك إستياءه، حيث أنه لم يكن يعلم حتى إذا كان الأمير بندر في واشنطن أم لا. ولكي يعرف ذلك، كان غالباً ما يَرسل أحد مساعديه إلى "مطار دالاس" و"قاعدة أندروز الجوية" في ضواحي العاصمة الأمريكية واشنطن، للتحقق ومعرفة ما إذا كانت طائرة الأمير بندر واقفة على مدرج الطائرات أم لا. وفي نهاية المطاف، استقال الأمير تركي وحل محله "الجبير"، الذي شغل ذات مرة منصب معاون الأمير بندر، وكانت مهاراته في اللغة الإنجليزية محل إعجاب شديد من قبل الملك عبد الله. ومنذ ذلك الحين قام عادل، كما هو معروف على نحو واسع، بانتهاز المناسبات في واشنطن لتبادل الكلام [مع المسؤولين الأمريكيين]، لكن على ما يبدو بصورة غير فعالة؛ وفي هذا الصدد، أفضى لي أحد أقرب زملائه بين السفراء الأجانب في واشنطن في الشهر الماضي أن: "هذا البيت الأبيض يبدو عاجزاً عن فهم الوضع."

وقد كان عادل حاضراً أيضاً في اجتماع دونيلون في الرياض حيث أدى مهمته المعتادو كمترجم للملك، سواء كانت للمباحثات علاقة بالولايات المتحدة أم لا. وقبل ذلك بأسبوع، قام بنفس المهمة عندما توقف وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس في السعودية. وهناك ابتسامات في الصور الرسمية لكن لم يظهر ما يوحي بأن الجانبين على وفاق.

سلطان انتهى ونايف الملك المقبل!

إن الملك عبد الله يظهر بمظهر يثير الشفقة بشكل متزايد. ففي أواخر العام الماضي أجرى عمليتين جراحتين في ظَهره في مدينة نيويورك، وعاد إلى وطنه بعد رحلة استجمام في المغرب قبل أن يوصي أطباؤه بأن باستطاعته الرجوع إلى بلاده، كما أُخبرتُ، لأنه شعر بقلق بالغ من المزاج الثوري الذي يجتاح الشرق الأوسط. ورغم أنه يستطيع فقط المشاركة في ساعتين أو ثلاث من الاجتماعات الرسمية كل يوم، إلا إنني أُخبرتُ بأنه ليس من السهل تقاسم عبء الحكم. فخليفته المُفترض ولي العهد الأمير سلطان بات عاجزاً عقلياً. إن مظهره جيد، ولكن عقله قاصر — وفي هذا الصدد، قالت برقية دبلوماسية أمريكية نشرها موقع "ويكيليكس" إنه كان "عاجزاً من جميع النواحي العملية." إن وزير الداخلية الأمير نايف الذي يدير المملكة بصفة يومية هو الأمير الذي يُرجّح أن يصبح العاهل القادم، لكنه يقضي حالياً عطلة في خارج البلاد في جهة غير معلنة، ويبدو أنه واثق من قاعدة سلطته داخل أسرة آل سعود ومن دعم المحافظين المتدينين في المملكة.

أوباما: تعجّل في مصر ويتأخّر في ليبيا!

في هذه الأثناء، يشهر الملك أنه محاط بالمخاطر. فلم يسرّه سقوط نظام مبارك، الذي ظل صديقاً لواشنطن لمدة ثلاثين عاماً وأطيح به في غضون 18 يوماً فقط. إن الرجل الذي يرغب الملك عبد الله يرغب في أن يرحل إلى الجحيم هو معمر القذافي — الذي حاول ذات مرة اغتيال العاهل السعودي — إلا أن أوباما لم يتكفّل بذلك. وفي البحرين المجاورة، يعتبر الملك عبد الله أن [أبناء] الأغلبية الشيعية هم دون البشر في أحسن الأحوال، وعملاء إيرانيين على أسوأ تقدير. والآن، يرى العاهل السعودي بأن الرئيس بشار الأسد يواجه تهديداً متزايداً. ويكن الملك السعودي مودة خاصة تجاه سوريا. فإحدى زوجاته السابقات (أكثر من أن تحصى، لكنهن لم يزدن قط عن أربعة في وقت واحد وفقاً للشريعة الإسلامية) كانت من سوريا، وشقيقتها تزوجت عم بشار، رفعت الأسد. إن أحد الذرية من هذا الزواج هو الأمير عبد العزيز بن عبد الله الذي عيّنه والده مسؤولاً عن العلاقة مع سوريا، وقد حضر، هو الآخر، إجتماع الملك مع مستشار الأمن القومي الأميركي، دونيلون.

عندما غادر مستشار الأمن القومي الأمريكي الرياض إلى عاصمة الإمارات العربية المتحدة، أبو ظبي، ومن ثم إلى بلاده، انطلق الملك عبد الله لحضور سباقات الجمال مع ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في مهرجان "الجنادرية" السنوي. ولا بد أن ذلك قد وفَّر بعض الاسترخاء من اضطرابات وإحباطات السياسات الحالية في الشرق الأوسط.

سايمون هندرسون


0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية