الجمعة، 25 نوفمبر 2011

الصفقة الوحيدة المتاحة للأسد هي تخليه والمجموعة المرتبطة به عن السلطة




يواجه الرئيس السوري بشار الأسد انقلاباً مضاداً له ولنظامه في الأوضاع والمواقف وموازين القوى الداخلية والاقليمية والدولية فيتشدد في مواقفه ويطلق التهديدات، محاولاً طمأنة أنصاره وحلفائه وتغطية ضعفه وعزلته وهو يخوض معركة عمره مع شعبه المحتج ومع الغالبية العظمى من الدول البارزة والمؤثرة، رافضاً كل الحلول السياسية من أجل الحفاظ على نظامه وعلى تحالفه الوثيق مع ايران والقوى المتشددة وحماية المكاسب التي حققتها المجموعة المرتبطة بالقيادة الحاكمة. وهذه المواجهة تقود الى أحد احتمالين: اما انهيار النظام من طريق انقلاب عسكري - مدني يطيح الأسد والمرتبطين به فيتم انقاذ الدولة والمجتمع وحمايتهما من أخطار جسيمة، واما انهيار الدولة وتفكك مؤسساتها فيسقط البلد في الحرب الأهلية ذات الانعكاسات الاقليمية المدمرة. لكن الأسد لم يعد سيد الموقف اذ انه يملك الأسلحة والأجهزة اللازمة لمواصلة المواجهة لكنه سيخسر المعركة لأنه ليست لديه القدرات والامكانات الضرورية لوقف الانتفاضة الشعبية ولمعالجة المشكلة بكل أبعادها ولحماية نظامه من موجة التغيير الواسعة في المنطقة ومن تأثير العقوبات والاجراءات القاسية المتخذة ضده، وللانتصار على شعبه المحتج وعلى الدول الاقليمية والأجنبية المعادية له". هذا هو تقويم مصادر ديبلوماسية أوروبية في باريس وثيقة الصلة بالملف السوري، استناداً الى المعلومات التي تلقتها من دمشق والقاهرة وعواصم أخرى.

وأوضحت هذه المصادر "ان الأسد لم يجد زعيماً عربياً واحدا مستعداً للتدخل لمصلحته وحماية نظامه من السقوط، ولم تؤيد أي دولة دعوته الى عقد قمة عربية طارئة لأن ثمة قراراً اقليمياً - دولياً يقضي بمواصلة المعركة مع الرئيس السوري الى النهاية من أجل تغيير تركيبة الحكم جذرياً واقامة نظام تعددي ديموقراطي يحقق السلم الداخلي والسلم الخارجي ويضمن الحقوق والمطالب المشروعة للسوريين ويحمي الدول المجاورة من السياسات السورية الحالية الخطرة.

وأورد مسؤول أوروبي معني بالملف السوري الوقائع الأساسية الآتية التي تعكس حقيقة ما يجري في سوريا:

أولاً - يتعامل نظام الأسد مع شعبه المحتج كأنه يقاتل عصابات مسلحة متآمرة على بلدها ولذلك أحبط جهود الجامعة العربية ومشروعها لارسال مراقبين الى سوريا لأن هؤلاء سيكشفون حقائق الأوضاع ويؤكدون سلمية التظاهرات وعنف السلطة ويوثقون الانتهاكات ويعملون على وقف العمليات العسكرية ويمهدون لايجاد آلية فعالة لحماية المدنيين بالتعاون مع الأمم المتحدة، مما يوسع نطاق التظاهرات المعادية للنظام.


ثانياً - يواجه النظام ثورة شعبية حقيقية غير مسبوقة في مختلف المناطق والمدن اذ ان السوريين يريدون "استعادة" بلدهم من حكامهم الذين يحرمونهم حقوقهم الأساسية المشروعة أي الحرية والعدالة وسلطة القانون واختيار ممثليهم ومسؤوليهم بأنفسهم ضمن نطاق نظام ديموقراطي تعددي يقوم على أساس التداول السلمي للسلطة من طريق انتخابات حرة وشفافة.

ثالثاً - لن تتوقف الثورة الشعبية الى أن يسقط النظام، وقد فشلت الأجهزة العسكرية - الأمنية في انجاز مهمتها وقت يشهد الجيش انشقاق آلاف العسكريين وعدد كبير من الضباط عن صفوفه وتتزايد عمليات المقاومة المسلحة ضد السلطة ويعمل النظام على تأجيج الفتنة الطائفية.

رابعاً - تعاني سوريا أزمة اقتصادية ومالية واستثمارية واجتماعية عميقة وحقيقية وفي مختلف القطاعات الحيوية وقد تنهار الأوضاع خلال أشهر قليلة اذا لم يحدث تغيير جذري، اذ ان المساعدات الايرانية والعراقية ليست كافية لتوفير حاجات السوريين ولتخفيف وطأة العقوبات والاجراءات الاقليمية والدولية القاسية المفروضة على البلد.

خامساً - أظهرت المشاورات الاقليمية - الدولية الأخيرة ان الكثير من الزعماء العرب والأجانب على اقتناع بأن حكم الأسد شارف النهاية وان التغيير الجذري في سوريا حتمي ومسألة وقت وان الدول التي تساند هذا النظام وأبرزها ايران وروسيا والصين ليست قادرة على انقاذه فعلاً لأن موازين القوى ليست لمصلحتها.

وخلص هذا المسؤول الأوروبي الى القول: "ان الأسد يخوض معركته الأخيرة فيتحدى الجميع وينكر الحقائق ويحذر من مخاطر المواجهة معه من أجل دفع خصومه الكثر الى التراجع واعادة النظر في حساباتهم ومواقفهم وعقد صفقة ما معه. لكن الصفقة الوحيدة المقبولة داخلياً واقليمياً ودولياً هي تلك التي تضمن تخلي الأسد والمجموعة المرتبطة به عن السلطة وتساعد على تغيير النظام جذرياً وسلمياً".



صحيفة النهار

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية