الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

شروط العفو السعودي عن جنبلاط حسب جريدة السفير




كما بين «الوسط» و«كليمنصو»، كذلك على «تويتر». رسائل الغزل لا تتوقف بين الحريريين والجنبلاطيين، لكن اللقاء بين زعيم «المستقبل» وزعيم الدروز غير وارد في الوقت الحاضر. ثمة من يؤكد ان الضوء الاخضر السعودي لهكذا لقاء لم تلح مؤشراته في الافق بعد. الملك عبدالله بن عبد العزيز، بتأكيد المطلعين على طبخة التقارب، ما زال ناقما على «البيك» الجنبلاطي. وبصريح العبارة، يقول العارفون «طالما الملك على قيد الحياة، لن تطأ اقدام جنبلاط الرياض مجددا». مع ذلك، تبرز رغبة مشتركة لدى الطرفين بالتنسيق، ولو من تحت الطاولة، الى ان يحين أوان فصل الخيط الابيض عن الخيط الاسود.
وعلى قاعدة خذوا اسرارهم من أفواه «تويتر»، قال سعد الحريري في وليد جنبلاط ما لم يسبق له ان قاله بالصوت والصورة. لم ينزع عنه عباءة الزعامة، وان كان «البيك» صاحب الفضل في اخراجه من السرايا الى... السعودية. يؤكد زعيم «تيار المستقبل» انه «سيعمل مع زعيم كان شريفا معي عندما اختلفنا». لا يشعر بان رئيس «جبهة النضال» طعنه في الظهر، ويجزم «بانني وجنبلاط نتحدث بصراحة في المواضيع ونقول الامور كما هي»، ويردّ على سؤال حول امكان انتقال جنبلاط الى صفوف 14 آذار بالقول «اعتقد ان جنبلاط يشاور نفسه، لننتظر ونرَ».
هي مرحلة وقت ضائع أو تقطيع وقت لبناني. العين على «سوريا بشار الاسد». في القاموس «المستقبلي»، الفرق كبير بين وليد جنبلاط ونجيب ميقاتي «الاول خائف على طائفته، الثاني خائن لطائفته». واقع لا يسمح بالاجتهادات. مسار المصالحة، اذا، مع من قرّر «بشرف» اخراج سعد الحريري من السلطة، اقرب بكثير من مصالحة، غير مطروحة اصلا، مع من»طعن آل الحريري في الظهر»، كما يقول أحد المخضرمين المستقبليين.
لا يبدو «لقاء كليمنصو» بين زعيم «جبهة النضال الوطني» وبعض قوى 14 آذار منفصلا عن «اجندة» يروّج لها الحريريون قبل غيرهم من قوى المعارضة. «بيك المختارة» لم يعد خائفا من سوريا... والباقي تفاصيل. هذا يعني لهم الكثير. يراكمون لائحة من النقاط تصبّ في مصلحة عودة «الابن الضال» الى احضانهم. يقول احد نواب «تيار المستقبل» «جنّ جنون جنبلاط حين بدأ مسلسل خطف المعارضين السوريين في لبنان. طلب موعدا عاجلا من دمشق وعبر لها عن «اعتراضه على الاسلوب السوري في ملاحقة المعارضين على الاراضي اللبنانية»... لكن احدا من المسؤولين السوريين لم يردّ عليه». أبدى خشيته من تسليح دروز سوريا وقيل له انهم صاروا مسلحين بالكامل!
يقول المقرّبون من الحريري ان «خطيئة» جنبلاط، المتذرّع بالمسدس المصوّب الى رأسه، بالتخلي عن ابن الشهيد وفرش السجاد الاحمر لنجيب ميقاتي الى السرايا الحكومية، تعوّضها «نقطة ضعف» عند سعد الحريري. نعم لجنبلاط في رقبة «الشيخ» دين لن ينساه. يوم تولى دق النفير السياسي و«قيادة الثورة» بعد ساعات من جريمة 14 شباط. فكان الاجتماع المسائي الشهير عند الساعة السادسة والنصف في غرفة الطعام في قصر قريطم، وفيه أعطي الضوء الأخضر لمعركة خروج الجيش السوري من لبنان.
بعد أحداث السابع من أيار، ومن ثم اتفاق الدوحة، ارتسم مصير الطائفة مجددا امام الزعيم الدرزي. في جلسة جمعته مع أحد المخضرمين في «تيار المستقبل» في منزله في كليمنصو، كان صريحا ومنسجما مع نفسه حين قال «لا استطيع ان اضع دما درزيا ومسيحيا على كتفي. فعلتها مرة ولن افعلها ثانية».
الاندفاعة الجنبلاطية لاعادة ترتيب الاولويات، قادت نحو انعطافة الثاني من آب. آنذاك خرج من بين الحريريين من يؤكد «لن يطول الامر قبل ان يغزل ابن كمال جنبلاط بالاتجاه المعاكس تماما». لم يكن يومها بو عزيزي بوارد اشعال المنطقة بجسده. لكن لاعتبارات محض عاطفية وسياسية كان الجميع يراهن بان «جنبلاط خرج بالجسد فقط من 14 آذار... والدليل اسألوا جمهوره».
في مشاهدات العلاقة الملتبسة بين الحريريين والجنبلاطيين بعد انعطافة الثاني من آب «علامة فارقة». من سمير جعجع الى امين الجميل مرورا بفارس سعيد و«جوقته» وصولا الى جميع نواب المستقبل لم يتجرأ احد منهم على «محاكمة» الزعيم الدرزي، حتى بعد الخروج المدوّي لسعد الحريري من رئاسة الحكومة. نهاد المشنوق يعزف منفردا على وتر انتقاد استدارة الحليف حاملا على «التوقيت السيئ والاسلوب المهين»، معتبرا ان جنبلاط باعلانه زيارة سوريا عبر قناة حكمت الشهابي «يدخل باللعبة القديمة من بابها الخاطئ».
كلام استدرج وقتها ردا حادا من الوزير غازي العريضي، منتقدا «صبّ الزيت على النار». يومها رأى في موقف المشنوق، الذي نزع عنه صفة «الموقف الشخصي»، اساءة الى كل المساعي التي بذلت لتثبيت التفاهم بين الحريري وجنبلاط. كان لزاما على سعد الحريري التدخل السريع لوقف الاشكال عند حده، «وهو العارف بالحساب المفتوح للعريضي عند السعوديين». يقول أحد المستقبليين.
خلال مفاوضات الـ«سين سين» وجّهت السعودية، عبر ملكها الذي زار الشام ثم بيروت رسالة شديدة اللهجة الى وليد جنبلاط. الرياض التي كانت تدفع باتجاه المصالحة بين الحريري والسوريين تجاهلت حيثية المختارة كليا. تمريرة سعودية استغلها رئيس الحكومة آنذاك لاستكمال استدارته باتجاه دمشق.
كان على «الربيع العربي» ان يعيد خلط الاوراق على خط المختارة وادي ابو جميل. فحضرت «ثوابت المرحلة» لدى الزعيم الدرزي. اعلان رفضه لحلف الاقليات، تسليم «حزب الله» سلاحه تدريجا الى الدولة «برضاه» واصراره على تمويل المحكمة. وصول شرارة الثورة الى سوريا، قرّب جنبلاط اكثر فاكثر من رفاقه السابقين ـ الدائمين.
التقاء ضرورة في مطارح عدة. جلسات نقاش طويلة بين وسام الحسن ووليد جنبلاط. يتناول «البيك» طعام العشاء مع فؤاد السنيورة في منزل جميل بيرم صديق بهاء الحريري. وائل ابو فاعور يفتح على السنيورة فيستضيف الاخير رئيس الحزب الاشتراكي على عشاء في منزله. اجتماعات متكررة بين نهاد المشنوق وبهيج ابو حمزة واكرم شهيب. لقاءات «شبابية» بين احمد الحريري وتيمور جنبلاط.
عادت المياه الى مجاريها بين جنبلاط ونهاد المشنوق. التواصل قائم بين كوادر «الاشتراكي» و«المستقبل» مع وعود ايجابية متبادلة بالتنسيق في انتخابات النقابات والجامعات.
غازي العريضي المطلع والمشارك ايضا في حبك خيوط التقارب بين الحليفين السابقين، كان «يداوم» في الوقت نفسه اسبوعيا في مكتب مساعد نائب رئيس الجمهورية السورية اللواء محمد ناصيف... كل ذلك، وزعيم «جبهة النضال» يوجّه رسالة بالبريد السريع الى السعوديين «يحق لي ان تسمعوا مبرراتي بشأن ما حدث ولعل اطلالة جنبلاط الأخيرة عبر قناة «العربية» كان المطلوب منها أن يصل صوته الى الديوان الملكي ليس الا.
نقاش حريري - جنبلاطي كاتم للصوت يتدرج على ساعة «البيك» الراصدة لتطورات الازمة السورية. لا مؤشر للقاء قريب بين «ابن الشهيد» و«رفيق درب الوالد» لسببين اساسيين، وفق مصادر مطلعة على مسار العلاقة الثنائية: لا يرغب سعد الحريري بلقاء وليد جنبلاط خارج لبنان لرمزية هذا التلاقي، مع العلم ان تركيا نصحت مؤخرا بحصول هذا اللقاء.
غير ان حسابات رئيس الحكومة السابق مع السعوديين تقيّد اي مبادرة شخصية من جانبه باتجاه حليف الامس. وفق قناعات العارفين «الملك السعودي لم يغفر لوليد جنبلاط بعد نكثه للوعد السياسي بالبقاء في مركب واحد مع الاكثرية آنذاك، والعاهل السعودي الامير نايف لا يضع الملف الجنبلاطي على جدول اولوياته». لذلك، تمر طريق كليمنصو ـ وادي ابو جميل بالرياض حتما، وان كان الحريريون على المستوى السياسي يبدون مستعجلين اكثر في اخذ جنبلاط بالحضن.
على مستوى القواعد، يبدو ان جمهور رفيق الحريري لا يهلّل كثيرا لمدّ اليد مجددا الى من اخرج «الزرق» من السلطة. ملاحظة ليست على الهامش. باعتقاد كثيرين، فصل جنبلاط الملف السوري عن سلاح حزب الله لن يفسد في ودّ المصالحة الموعودة قضية.

ملاك عقيل

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية