الاثنين، 23 يناير 2012

«غضبة عريضة» ضد النظام السوري في العريضة بعد استعادة صيّاديها الثلاثة جثّة وجريحاً و... معذّباً




... «غضبة» عارمة على النظام السوري والحكومة اللبنانية معاً. هكذا صار «خط الاحتقان» مشتركاً في بلدة العريضة الشمالية الحدودية مع سورية التي كانت «تغلي» امس مع تشييع الفتى ماهر حمد (16 سنة) الذي كان قضى برصاص البحرية السورية التي اعترضت مركب صيد كان يستقله الضحية مع عمه خالد الذي أصيب بجروح في رجليه وشقيق الأخير فادي قبل اقتيادهم من المياه الاقليمية اللبنانية الى سورية (طرطوس) ثم تسليمهم الى السلطات اللبنانية بعد اتصالات رفيعة المستوى.
ولم تطوِ استعادة الصيادين الثلاثة بعيد منتصف ليل السبت - الاحد (عبر نقطة العبودية الحدودية)، واحداً جثة والثاني (خالد) مصاباً بجروح استدعت نقله في حال حرجة الى المستشفى (في طرابلس) والثالث بآثار واضحة للتعذيب، ملف الخروق السورية للحدود اللبنانية التي تمدّدت هذه المرة الى البحر، طارحة علامات استفهام كبرى حول «جدوى» سياسة النأي بالنفس التي يعتمدها لبنان الرسمي حيال الأزمة السورية ودافِعة نواباً شماليين من 14 آذار الى تكرار مطالبة الجيش اللبناني بحمل مسؤولياته في حماية الأهالي في المناطق الحدودية مع سورية «او نشر قوات دولية».
في العريضة التي لفّتها امس حالة اعتراض عارمة بلغت حدّ الاصرار على مواصل قطع الطريق الدولية مع سورية حتى إعادة مركب الصيد الذي لا يزال في عهدة البحرية السورية وتعويض عائلة الضحية، لم تنطفئ «نار» الغضب على «شبيحة ينتهكون سيادة بلدنا ويقتلون أبناءنا بدم بارد»، وعلى سلطة لبنانية لم «يشفع بها» موقفان لرئيسيْ الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي اللذين استنكرا ما حصل، فيما دعا الاول الى «ضرورة احترام سيادة كل دولة على أراضيها».
السبت - الأحد كانت واحدة من «ليالي الشمال الحزينة» التي حملت الى العريضة شاباً شُيّع بمشاركة حشد كبير من ابناء عكار حملوا الجثمان على الأكف، وجالوا فيه عند نقطة الحدود (في العريضة) ليصلى عليه في مسجد القرية.
ومن خلف غبار المأساة، ارتسمت علامات استفهام حول الرواية السورية للحادث التي ووُزعت عبر وكالة «سانا» وجاء فيها «ان عناصر دوريات الموانئ السورية في محافظة طرطوس تمكنت من ضبط قارب لبناني للتهريب بعد تسلله من شمال لبنان الى المياه الاقليمية السورية قبالة قرية الخرابة بطرطوس». واتهمت «سانا» طاقم المركب اللبناني بمحاولة الهرب واقدام «خمسة قوارب لبنانية من المياه الاقليمية اللبنانية على اطلاق النار باتجاه القارب مما ادى الى اصابة اثنين من افراده».
واستوقف الدوائر المراقبة ان الرواية السورية لم «تصمد» امام مشد فادي حمد «المعذّب» يظهر على شاشات التلفزة راوياً ما حصل مع المركب اللبناني، ومن دون ان توقفه السلطات اللبنانية ما شكّل «تبرئة» تلقائية للثلاثة من تهمة تهريب السلاح، وزاد من وطأة مقتل الفتى ماهر الذي تلقى ذووه تقريراً طبياً سورياً يفيد أنه توفي قضاءً وقدراً، في حين هناك رصاصة في رأسه.
اما فادي حمد، الذي قيل له عندما أُبلغ ليل السب أنه سيتم الإفراج عنه «إن ما جرى كان خطأً وأنهم ظنوا مركبه مركباً آخر»، فروى ما حصل كالآتي: «كنّا قد نصبنا الشباك (في اليوم السابق للحادث) عصراً داخل المياه اللبنانية مقابل مصب النهر الكبير الذي يفصل بين لبنان وسورية، وتوجهنا صباح السبت كالعادة لانتشال الشباك، وما إنْ وصلنا الى المكان، شاهدنا مركب صيد عليه ستة اشخاص يقترب منّا، فأومأنا له بعدم الاقتراب حتى لا يتلف الشباك، فابتعد لبعض الوقت صوب الاراضي السورية، ثم عاد، ولما اقترب مجددا، شاهدنا أن الرجال المدنيين على متن المركب مسلحون، فحاولنا الهرب».
وأضاف: «تعرّضنا في هذه اللحظات لإطلاق نار من المركب، ما تسبّب بإصابة ابن شقيقي ماهر حمد الذي كان يقود القارب، في خاصرته، فسقط في ارض القارب وصار يصرخ من الألم، على الأثر نزل اربعة مسلحين الى مركبنا وأطلقوا النار مجدداً ما أدى إلى اصابة شقيقي خالد في قدميه، واقتادونا مع المركب الى سورية حيث نقل ماهر وكان لا يزال على قيد الحياة، وخالد الى المستشفى، بينما اخذوني الى مركز الامن العسكري في طرطوس».
وأكد فادي أنه تعرّض «للضرب بالسوط في المركز»، وأن التحقيق معه تركّز حول اذا كان يهرّب سلاحاً، وقال: «سُئلت مرارا ما اذا كان مصدر السلاح من (الرئيس) سعد الحريري، فقلت لهم انني صياد (...) لكنهم كانوا يضربونني، وكانت يدي مقيدتين»، وأشار الى انه تبلغ بعد ساعات بأن «خطأً حصل»، وأن الرئيس السوري بشار الاسد «يريد ان يعفو» عنه، كما نقل اليه خبر وفاة ابن شقيقه ماهر قبل اقتياده الى الحدود وتسليمه الى لبنان.
من جهته، اعلن احمد حمد (والد الفتى مار) ان ابنه وشقيقيه كانا على الزورق، موضحاً ان زوجته دخلت سورية بعد الحادث وتمكنت من رؤية ماهر «ميتاً نتيجة اصابته بالرصاص في مشرحة مستشفى باسل الاسد في طرطوس».
وكانت عائلة الصيادين الثلاثة تبلغت عند الساعة الثانية عشرة منتصف ليل السبت - الاحد نبأ عملية الافراج عنهم التي تمت قرابة الساعة الواحدة بعيد منتصف الليل عبر نقطة العبودية الحدودية التي توجه اليها افراد من العائلة برفقة عدد كبير من ابناء بلدة العريضة والقرى المجاورة ليستقبلوا الصيادين فادي وخالد وتولت سيارة تابعة للدفاع المدني نقل جثة الفتى ماهر.
وجاءت عملية الافراج عن الثلاثة بعد اتصالات لبنانية - سورية على ارفع المستويات، واكبها استنكار رئيس الجمهورية ميشال سليمان «اطلاق النار الذي ادى الى سقوط ضحية»، مؤكداً في بيان صادر عن المكتب الاعلامي للرئاسة «ضرورة احترام سيادة كل دولة على اراضيها». ودعا «الى التعاون بين الجانبين السوري واللبناني لمنع تكرار ما حصل»، طالباً تسليم الاشخاص الذين احتجزوا بالسرعة الممكنة ومباشرة التحقيقات ومراجعة الاجراءات الواجبة لتجنب حصول مثل هذه الحوادث مستقبلا».
من ناحيته، دان الرئيس نجيب ميقاتي الاعتداء على الصيادين، معتبراً أنه يجب اتخاذ الإجراءات المناسبة لعدم تكراره. وأضاف في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي: «يجب الإسراع بمعالجة هذا الحادث من قبل لجنة التنسيق الامنية اللبنانية - السورية، وإعادة الصيادين اللبنانيين».
وأجرى ميقاتي لهذه الغاية بحسب مكتبه الإعلامي اتصالات مع قائد الجيش العماد جان قهوجي والمراجع الأمنية المختصة.


صحيفة الرأي

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية