تختلف الآراء التي رافقت أخبار انتشار الجيش اللبناني على الحدود اللبنانية – السورية الشمالية في تحديد الثغرة التي أقفلها الجيش، وعمّا إذا كانت في اتجاه الجانب اللبناني أم السوري. عِلماً أنّ كلّ ما حصل يهدف الى تعميم سياسة النأي بالنفس في الأمن بعد السياسة. فهل ينجح في ذلك؟
لم تكن خطوات الجيش اللبناني التي اتخذت في الأيام القليلة الماضية في شمال لبنان بالحجم الذي يمكن أن يغيّر المعادلات الأمنية والعسكرية التي كانت قائمة في المنطقة. فباعتراف المراجع الأمنية والعسكرية ان كل ما قام به الجيش انه عزّز مواقع القوة الأمنية المشتركة المنتشرة منذ ثلاث سنوات على الحدود الشمالية التي تمتد نحو 75 كيلومترا من الشاطئ اللبناني الى تخوم وادي خالد بموجب القرار 1701 الذي قال بوجوب ان يتخذ لبنان الخطوات الضرورية لحماية الحدود والمعابر البرّية والبحرية والجوّية ومنها القائمة مع سوريا تحديدا وضبطها بعد ترسيمها ومنع التهريب ونقل الأسلحة والممنوعات الى لبنان.
حجم العملية شمالا
ولذلك لاحظ المراقبون ان الجيش لم يعط العملية حجما اكبر ممّا تستحق متمنيا في بيان له على أهالي المنطقة التجاوب مع القوى العسكرية والتزام الهدوء المنشود لما فيه مصلحتهم وامنهم، في اعتبار أنّ كل ما قام به يكمن في التدابير الإضافية التي أقفلت بعض الثغرات الأمنية والمعابر غير الشرعية على الخطوط التي لم يتم ترسيمها بعد.
قراءة سياسية لا أمنية
ولذلك باتت القراءة لما جرى ويجري جائزة بالمنطق السياسي لا العسكري وهي قراءة تستوجب التوقف عند بعض الملاحظات، أولاها تلك المتصلة بانقلاب الموقف المتوجّس من الجيش الذي عبّر عنه نواب المنطقة من تيار "المستقبل" ومعظم الكتل السياسية والحزبية في 14 آذار عقب العملية التي نفّذتها وحدات من اللواء المجوقل مساء الجمعة الماضي في مزرعتي الهيشة والرامة والتي تمّ ربطها بإحدى الروايات التي تحدثت عن نقل المخطوفين الإيرانيين اليها وثبت لاحقا عدم صحّتها. كما انها جاءت عقب روايات تحدثت عن استعداد القوات السورية للتوغل في الأراضي اللبنانية بحجّة ملاحقة العسكريين السوريّين الفارّين والمقاتلين المناصرين للثورة وتجار السلاح والمهرّبين.
وثاني هذه الملاحظات يتوقف عند تحوّل الحدود اللبنانية ـ السورية غير المرسّمة من همّ لبنانيّ ودوليّ الى همّ سوريّ، على الأقل في ما هو معلن من مواقف، ذلك ان الأيام القليلة الماضية حفلت بتحميل الجانب اللبناني مسؤولية ما يجري في سوريا وكأن كل ما يحصل فيها دُبِّر في الخفاء عقب انطلاق الثورة السورية، وذلك في مشتى حسن ومشتى حمود في مزارع وادي خالد والكنيسة ومشاتل القاع اللبنانية وعرسال وغيرها من القرى اللبنانية المتاخمة لسوريا والتي آوت نازحين سوريّين ومدّت يد العون لهم ولجرحاهم.
وثالث هذه الملاحظات تتوقف عندها المراجع الأمنية والدبلوماسية خصوصا وهي تستذكر الجهود التي بذلت لتحصين المعابر اللبنانية وتجهيزها بالمعدات الإلكترونية الكاشفة للممنوعات والسلاح والتي قدّمتها الحكومات الألمانية والفرنسية والبريطانية للبنان، فإذا بها تذهب هباء بفعل رفض الجانب السوري التزام الوعود التي قطعها للموفدين الفرنسيين تحديدا والدوليين عموما لجهة ترسيم الحدود والتعاون على ضبطها.
وأمام هذه الملاحظات يعتقد المراقبون ان كل ما يجري على الحدود اللبنانية - السورية على أهميّة انعكاساته على الساحة الداخلية لن يحول دون اي تطوّر امنيّ سلبيّ إذا شاءت القيادة السورية نقل المعركة من الداخل السوري الى الجانب اللبناني من الحدود، لكنّ ذلك دونه عقبات دولية وإقليمية كبيرة وخصوصاً إذا التزم الجانب اللبناني الحذر المطلوب في هذه المرحلة بالذات فلا يقدّم احد من لبنان الذريعة التي يمكن من خلالها القيام بأيّ عملية داخل الأراضي اللبنانية.
إجراءات لحماية الداخل
ولذلك تعتبر المصادر المعنيّة أنّ ما يجري من تحرّكات عسكرية وامنية على الحدود يهدف الى إقفال ثغرات في الداخل اللبناني المتشنج على وقع المواجهات التي تتوالى يوميا في الداخل السوري والتي تجلّت بعض ردّات الفعل فيها بما حصل بين محلتي بعل محسن وباب التبانة في طرابلس بعد ظهر امس.
والأهم منذ ذلك كلّه أن يترجم اللبنانيّون قرارهم بالنأي عمّا يحصل في الداخل السوري فيتوقف الجدل العقيم حول جنس الملائكة بين من يعتبر انه بصراخه وبصوته العالي يمكنه ان ينقذ نظام الأسد في حال كان الى أفول، أو أولئك الذين يعتقدون انهم سيساهمون في نجاح الثورة بالتظاهر من بعيد. وفي هذه الحال على الطرفين أن يدركوا قولاً وفعلاً أنّ الساحة اللبنانية لا يمكنها ان تتحمّل تردّدات ما يجري في المنطقة، وان الإجماع على سياسية النأي بالنفس والحياد الإيجابي تفرض خطوات لم يتخذها اللبنانيون بعد، فلماذا التأخير في كلّ ما هو واجب وضروري؟
جورج شاهين:
"الجمهورية"
لم تكن خطوات الجيش اللبناني التي اتخذت في الأيام القليلة الماضية في شمال لبنان بالحجم الذي يمكن أن يغيّر المعادلات الأمنية والعسكرية التي كانت قائمة في المنطقة. فباعتراف المراجع الأمنية والعسكرية ان كل ما قام به الجيش انه عزّز مواقع القوة الأمنية المشتركة المنتشرة منذ ثلاث سنوات على الحدود الشمالية التي تمتد نحو 75 كيلومترا من الشاطئ اللبناني الى تخوم وادي خالد بموجب القرار 1701 الذي قال بوجوب ان يتخذ لبنان الخطوات الضرورية لحماية الحدود والمعابر البرّية والبحرية والجوّية ومنها القائمة مع سوريا تحديدا وضبطها بعد ترسيمها ومنع التهريب ونقل الأسلحة والممنوعات الى لبنان.
حجم العملية شمالا
ولذلك لاحظ المراقبون ان الجيش لم يعط العملية حجما اكبر ممّا تستحق متمنيا في بيان له على أهالي المنطقة التجاوب مع القوى العسكرية والتزام الهدوء المنشود لما فيه مصلحتهم وامنهم، في اعتبار أنّ كل ما قام به يكمن في التدابير الإضافية التي أقفلت بعض الثغرات الأمنية والمعابر غير الشرعية على الخطوط التي لم يتم ترسيمها بعد.
قراءة سياسية لا أمنية
ولذلك باتت القراءة لما جرى ويجري جائزة بالمنطق السياسي لا العسكري وهي قراءة تستوجب التوقف عند بعض الملاحظات، أولاها تلك المتصلة بانقلاب الموقف المتوجّس من الجيش الذي عبّر عنه نواب المنطقة من تيار "المستقبل" ومعظم الكتل السياسية والحزبية في 14 آذار عقب العملية التي نفّذتها وحدات من اللواء المجوقل مساء الجمعة الماضي في مزرعتي الهيشة والرامة والتي تمّ ربطها بإحدى الروايات التي تحدثت عن نقل المخطوفين الإيرانيين اليها وثبت لاحقا عدم صحّتها. كما انها جاءت عقب روايات تحدثت عن استعداد القوات السورية للتوغل في الأراضي اللبنانية بحجّة ملاحقة العسكريين السوريّين الفارّين والمقاتلين المناصرين للثورة وتجار السلاح والمهرّبين.
وثاني هذه الملاحظات يتوقف عند تحوّل الحدود اللبنانية ـ السورية غير المرسّمة من همّ لبنانيّ ودوليّ الى همّ سوريّ، على الأقل في ما هو معلن من مواقف، ذلك ان الأيام القليلة الماضية حفلت بتحميل الجانب اللبناني مسؤولية ما يجري في سوريا وكأن كل ما يحصل فيها دُبِّر في الخفاء عقب انطلاق الثورة السورية، وذلك في مشتى حسن ومشتى حمود في مزارع وادي خالد والكنيسة ومشاتل القاع اللبنانية وعرسال وغيرها من القرى اللبنانية المتاخمة لسوريا والتي آوت نازحين سوريّين ومدّت يد العون لهم ولجرحاهم.
وثالث هذه الملاحظات تتوقف عندها المراجع الأمنية والدبلوماسية خصوصا وهي تستذكر الجهود التي بذلت لتحصين المعابر اللبنانية وتجهيزها بالمعدات الإلكترونية الكاشفة للممنوعات والسلاح والتي قدّمتها الحكومات الألمانية والفرنسية والبريطانية للبنان، فإذا بها تذهب هباء بفعل رفض الجانب السوري التزام الوعود التي قطعها للموفدين الفرنسيين تحديدا والدوليين عموما لجهة ترسيم الحدود والتعاون على ضبطها.
وأمام هذه الملاحظات يعتقد المراقبون ان كل ما يجري على الحدود اللبنانية - السورية على أهميّة انعكاساته على الساحة الداخلية لن يحول دون اي تطوّر امنيّ سلبيّ إذا شاءت القيادة السورية نقل المعركة من الداخل السوري الى الجانب اللبناني من الحدود، لكنّ ذلك دونه عقبات دولية وإقليمية كبيرة وخصوصاً إذا التزم الجانب اللبناني الحذر المطلوب في هذه المرحلة بالذات فلا يقدّم احد من لبنان الذريعة التي يمكن من خلالها القيام بأيّ عملية داخل الأراضي اللبنانية.
إجراءات لحماية الداخل
ولذلك تعتبر المصادر المعنيّة أنّ ما يجري من تحرّكات عسكرية وامنية على الحدود يهدف الى إقفال ثغرات في الداخل اللبناني المتشنج على وقع المواجهات التي تتوالى يوميا في الداخل السوري والتي تجلّت بعض ردّات الفعل فيها بما حصل بين محلتي بعل محسن وباب التبانة في طرابلس بعد ظهر امس.
والأهم منذ ذلك كلّه أن يترجم اللبنانيّون قرارهم بالنأي عمّا يحصل في الداخل السوري فيتوقف الجدل العقيم حول جنس الملائكة بين من يعتبر انه بصراخه وبصوته العالي يمكنه ان ينقذ نظام الأسد في حال كان الى أفول، أو أولئك الذين يعتقدون انهم سيساهمون في نجاح الثورة بالتظاهر من بعيد. وفي هذه الحال على الطرفين أن يدركوا قولاً وفعلاً أنّ الساحة اللبنانية لا يمكنها ان تتحمّل تردّدات ما يجري في المنطقة، وان الإجماع على سياسية النأي بالنفس والحياد الإيجابي تفرض خطوات لم يتخذها اللبنانيون بعد، فلماذا التأخير في كلّ ما هو واجب وضروري؟
جورج شاهين:
"الجمهورية"

6:08 م

Posted in:
0 comments:
إرسال تعليق