منذ الفيتو الروسي والصيني، بدأت الأزمة في سوريا تنحو منحى آخر، أي ان الوضع في سوريا، قبل "الفيتو" هو غيره بعد "الفيتو"، كما بات واضحا خاصة بعد زيارة سيرغي لافروف ورئيس أجهزة الاستخبارات الخارجية ميخائيل فرادكوف لسوريا، والتي كانت بغرض التأكيد على أمرين: الأول ان روسيا "تكفل" بقاء بشار الأسد ونظامه، والثاني ان مواجهة المعارضين للنظام، حتى بالمدافع والدبابات والطائرات الروسية، مسموح لا بل مطلوب..
لذلك، فإن التصعيد في مواجهة المعارضين من ادلب الى حماة الى دير الزور ودرعا وغيرها، هو تصعيد روسي على أيدي "شبيحة" النظام السوري.. والسبب ان روسيا تريد أن توجه رسالة ممهورة بدم الشعب السوري، الى العرب وبالتحديد دول الخليج والى الجامعة العربية والى الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والى كل منْ يعنيه الأمر، أن زمن التفرد بقضايا العالم وخاصة الشرق الأوسط، قد انتهى، وما يحدث في سوريا يشكل فرصة لروسيا، لتفرض المشاركة وتقاسم النفوذ في أي حل لأية أزمة قائمة أو ستنشأ مستقبلا في العالم.. وهي غير مستعدة لتكرار الخطأ الذي وقعت فيه في ليبيا وفي كل دول "الربيع العربي"..
لذلك، فإن الرهان على تبدل الموقف الروسي يبقى رهانا خاسرا، على الأقل في المدى المنظور. فالموضوع أعمق من موقف عابر أو وجهة نظر، وحماية الأسد ونظامه جدي، وليس مجرد مناورة سياسية، فسوريا بالنسبة لروسيا في الوقت الراهن هي بوابة العبور لـ"الحرب الباردة" وبالتالي ساحة "مقايضة" لاستعادة موقعها، كما كان الأمر في زمن الإتحاد السوفياتي.. وإلا ما معنى هذا الهجوم الروسي "الفاقع" على المعارضة السورية، واتهامها بكل الموبقات، مقابل "تبرئة" النظام القمعي الفاسد، والتأييد المطلق له بقصف المدن بالمدافع والدبابات، فيما ارتكبت ابشع المجازر بحق المدنيين، ولافروف لا يزال على باب الطائرة في مطار دمشق؟؟!! يبدو ان الحنين قد عاد لدى القادة الروس وخاصة فلاديمير بوتين، الى زمن الإتحاد السوفياتي وحكم الحزب الواحد والى ما قبل سقوط جدار برلين.
وهنا لا بد من الإشارة، الى ان روسيا والصين، تخشيان انتقال "وباء" الربيع العربي وربما "الربيع الإسلامي" الى بلديهما، وسبق للصين أن قمعت "ربيعها"، وروسيا ترى ان درء مخاطر "الربيع" عنها يكفله فقط إعادة إحياء الحرب الباردة..
كيف تواجه المعارضة السورية الحرب الباردة؟؟!!
إن التحدي كبير أمام المعارضة السورية، فالمعارضة لا يجوز أن تبقى "معارضات" متناقضة وربما متناحرة.. فالنظام وحده هو المستفيد من هذا التشرذم، وكفى الحديث عن "عدادات" من يمثل أكثر ومن يمثل أقل، والحديث عن "الأبوة" للثورة وعن المرجعيات في الداخل والخارج.. في وقت تسقط فيه آلاف القتلى والجرحى.. وعلى المعارضة أن تعي، ان العالم لن يقف الى جانبها إذا لم تقف هي مع نفسها، فالمعارضة ليست بحاجة لا للعدد ولا للعديد، بقدر حاجتها للوحدة.. ولذلك عليهم جميعا ان يوصدوا كل الأبواب بوجه التحديات الداخلية والخارجية، فالثورة السورية أمام منعطف جديد وجدي وخطير.. والتاريخ لن يرحم..
خاصة بعد أن بعث الفيتو الروسي – الصيني برسالة "تهديد" الى كل "المعارضات" ان "الإنتصار ممنوع وإسقاط بشار ونظامه ممنوع".. والكلام عن "محو قطر من الخارطة" صحيح، ولو حرص السفير فيتالي تشوركين على عقد مؤتمر صحافي لنفي التهديد.. لكن الرسالة الى قطر والى مجلس التعاون الخليجي والى الجامعة العربية قد وصلت وأكثر من واضحة..!! وهو بعث أيضا برسالة "تطمين" واضحة الى النظام انه "باق" وان لا خيار أمامه الا الحل الأمني وبكل الوسائل المتاحة ولو أدى ذلك الى حرب اهلية مفتوحة..
بالطبع، كل هذه الرسائل يجب أن لا تدعو الى الخوف، فلا يكفي الروس تحالفهم مع ايران ومع النظام السوري، للدخول الى ملفات الشرق الأوسط، فهذا أكثر من وهم، وبالعكس فان الفيتو والدعم الروسي للنظام السوري وإطلاق يد شبيحته، انما سيؤدي الى عزلة روسيا والصين، فالعالم العربي وتركيا والشرق الأوسط قبل الربيع العربي شيء وبعده شيء آخر.. وغدا لناظره قريب!!
وعلى روسيا أن تقرأ جيدا، أبعاد التفاهم والمصالحة بين "فتح" و"حماس"، التي رعته مصر وقطر..
السلاح السوفياتي كان فيما مضى، لدعم حركات التحرر في العالم، ولدعم نضال الشعوب المقهورة والمظلومة، ولم يكن في يوم من الأيام سلاحا لدعم الأنظمة المستبدة التي تقمع وتقتل شعوبها وتذبح معارضيها وتنكل بأطفالها وشيوخها.. وكما حفظ العرب والعالم للإتحاد السوفياتي "العظيم" وقوفه الى جانب قضايا الشعوب.. فإنه من دون شك سيحفظ لنظام بوتين، تصديه للربيع العربي، وتفويض الأنظمة الفاسدة والمستبدة، باستخدام سلاحه، لقتل وتنكيل الشععوب الطامحة للحرية والكرامة والعدالة!
د. صلاح أبو الحسن
كاتب لبناني
لذلك، فإن التصعيد في مواجهة المعارضين من ادلب الى حماة الى دير الزور ودرعا وغيرها، هو تصعيد روسي على أيدي "شبيحة" النظام السوري.. والسبب ان روسيا تريد أن توجه رسالة ممهورة بدم الشعب السوري، الى العرب وبالتحديد دول الخليج والى الجامعة العربية والى الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والى كل منْ يعنيه الأمر، أن زمن التفرد بقضايا العالم وخاصة الشرق الأوسط، قد انتهى، وما يحدث في سوريا يشكل فرصة لروسيا، لتفرض المشاركة وتقاسم النفوذ في أي حل لأية أزمة قائمة أو ستنشأ مستقبلا في العالم.. وهي غير مستعدة لتكرار الخطأ الذي وقعت فيه في ليبيا وفي كل دول "الربيع العربي"..
لذلك، فإن الرهان على تبدل الموقف الروسي يبقى رهانا خاسرا، على الأقل في المدى المنظور. فالموضوع أعمق من موقف عابر أو وجهة نظر، وحماية الأسد ونظامه جدي، وليس مجرد مناورة سياسية، فسوريا بالنسبة لروسيا في الوقت الراهن هي بوابة العبور لـ"الحرب الباردة" وبالتالي ساحة "مقايضة" لاستعادة موقعها، كما كان الأمر في زمن الإتحاد السوفياتي.. وإلا ما معنى هذا الهجوم الروسي "الفاقع" على المعارضة السورية، واتهامها بكل الموبقات، مقابل "تبرئة" النظام القمعي الفاسد، والتأييد المطلق له بقصف المدن بالمدافع والدبابات، فيما ارتكبت ابشع المجازر بحق المدنيين، ولافروف لا يزال على باب الطائرة في مطار دمشق؟؟!! يبدو ان الحنين قد عاد لدى القادة الروس وخاصة فلاديمير بوتين، الى زمن الإتحاد السوفياتي وحكم الحزب الواحد والى ما قبل سقوط جدار برلين.
وهنا لا بد من الإشارة، الى ان روسيا والصين، تخشيان انتقال "وباء" الربيع العربي وربما "الربيع الإسلامي" الى بلديهما، وسبق للصين أن قمعت "ربيعها"، وروسيا ترى ان درء مخاطر "الربيع" عنها يكفله فقط إعادة إحياء الحرب الباردة..
كيف تواجه المعارضة السورية الحرب الباردة؟؟!!
إن التحدي كبير أمام المعارضة السورية، فالمعارضة لا يجوز أن تبقى "معارضات" متناقضة وربما متناحرة.. فالنظام وحده هو المستفيد من هذا التشرذم، وكفى الحديث عن "عدادات" من يمثل أكثر ومن يمثل أقل، والحديث عن "الأبوة" للثورة وعن المرجعيات في الداخل والخارج.. في وقت تسقط فيه آلاف القتلى والجرحى.. وعلى المعارضة أن تعي، ان العالم لن يقف الى جانبها إذا لم تقف هي مع نفسها، فالمعارضة ليست بحاجة لا للعدد ولا للعديد، بقدر حاجتها للوحدة.. ولذلك عليهم جميعا ان يوصدوا كل الأبواب بوجه التحديات الداخلية والخارجية، فالثورة السورية أمام منعطف جديد وجدي وخطير.. والتاريخ لن يرحم..
خاصة بعد أن بعث الفيتو الروسي – الصيني برسالة "تهديد" الى كل "المعارضات" ان "الإنتصار ممنوع وإسقاط بشار ونظامه ممنوع".. والكلام عن "محو قطر من الخارطة" صحيح، ولو حرص السفير فيتالي تشوركين على عقد مؤتمر صحافي لنفي التهديد.. لكن الرسالة الى قطر والى مجلس التعاون الخليجي والى الجامعة العربية قد وصلت وأكثر من واضحة..!! وهو بعث أيضا برسالة "تطمين" واضحة الى النظام انه "باق" وان لا خيار أمامه الا الحل الأمني وبكل الوسائل المتاحة ولو أدى ذلك الى حرب اهلية مفتوحة..
بالطبع، كل هذه الرسائل يجب أن لا تدعو الى الخوف، فلا يكفي الروس تحالفهم مع ايران ومع النظام السوري، للدخول الى ملفات الشرق الأوسط، فهذا أكثر من وهم، وبالعكس فان الفيتو والدعم الروسي للنظام السوري وإطلاق يد شبيحته، انما سيؤدي الى عزلة روسيا والصين، فالعالم العربي وتركيا والشرق الأوسط قبل الربيع العربي شيء وبعده شيء آخر.. وغدا لناظره قريب!!
وعلى روسيا أن تقرأ جيدا، أبعاد التفاهم والمصالحة بين "فتح" و"حماس"، التي رعته مصر وقطر..
السلاح السوفياتي كان فيما مضى، لدعم حركات التحرر في العالم، ولدعم نضال الشعوب المقهورة والمظلومة، ولم يكن في يوم من الأيام سلاحا لدعم الأنظمة المستبدة التي تقمع وتقتل شعوبها وتذبح معارضيها وتنكل بأطفالها وشيوخها.. وكما حفظ العرب والعالم للإتحاد السوفياتي "العظيم" وقوفه الى جانب قضايا الشعوب.. فإنه من دون شك سيحفظ لنظام بوتين، تصديه للربيع العربي، وتفويض الأنظمة الفاسدة والمستبدة، باستخدام سلاحه، لقتل وتنكيل الشععوب الطامحة للحرية والكرامة والعدالة!
د. صلاح أبو الحسن
كاتب لبناني

6:02 م

Posted in:
0 comments:
إرسال تعليق