الخميس، 29 مارس 2012

هل يكشف حزب الله للبنانيين حجم المساعدات المالية الإيرانية وكيفية إنفاقها؟

إن من حق كل مواطن أن يحاسب الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية على سياساتها العامة وبالتحديد على سياستها المالية، لأن المال الذي يجبى من المواطنين يتم بهدف رعايتهم وخدمة شؤونهم وكذلك فإن أموال الهبات والمساعدات التي تصل للجمهورية اللبنانية ممثلة بالحكومة اللبنانية إنما تأتي لخدمة جميع اللبنانيين دون استثناء وليس لطائفة أو فريق وإلا لكنا نعيش في كانتونات وتجمعات استيطانية طائفية ومذهبية، أو مستوطنات حزبية.. من هنا لا يحق لنا أن نعترض على أي معارضة حقيقية للسياسة المالية للدولة اللبنانية، لذا ومنذ مدة ليست بالبسيطة ونبيه بري وقادة حزب الله والحلفاء من جماعة ميشال عون يتحدثون عن الميزانيات الموقوفة من قبل الحكومات السابقة أو المتعاقبة كما يرغب بعضهم في تسميتها بطريقة أتهامية، ورئيس لجنة المال في البرلمان اللبناني العوني الهوى والانتماء واللغة، يصر على أن هناك خللاً ما في الميزانيات السابقة، التي لم تمر ولم تقر حتى الآن ومنها ميزانية العام 2011، بالرغم من أنها من مسؤولية هذه الحكومة التي يهيمن عليها هذا الفريق.

أخر الأرقام التي بقي بري ونصرالله وعون يثيرون الجدل حولها هي قضية إنفاق 11 مليار دولار من قبل الحكومة التي كان يرأسها الرئيس فؤاد السنيورة إبان إغلاق المجلس النيابي من قبل بري وتعطيل الحكومة من قبل بري ونصرالله. وقضية أخرى كان ولا يزال يتحدث عنها نواب حزب الله باستمرار وهي المساعدات المالية للبنان التي وصلت ووزعت عقب حرب تموز/يوليو عام 2006، هذه الحرب التي عانى منها لبنان الكثير من الويلات والخراب والدمار والخسائر البشرية.. ودائماً ما يتحدث ويتساءل قادة وإعلام حزب الله عن كيفية إنفاق المساعدات، بطريقة توحي أن فريقاً لبنانياً من المتضررين قد تم استهدافه فمنعت عنه المساعدة من قبل الحكومة، وأن المبالغ المذكورة استعملت في غير وجهتها الصحيحة..ولكن هذا الفريق يتجاهل وجود موقع الكتروني لوزارة المالية وللهيئة العليا للإغاثة يتضمن كافة مصادر التبرع وكيفية الإنفاق وأوجه الصرف بالأسماء بالنسبة للأشخاص وأسماء المدن والقرى والمؤسسات التي استفادت.

في خطابه الأخير كما في خطاباته السابقة أكد نصرالله أن المقاومة الإسلامية (حزب الله) هي مقاومة جميع اللبنانيين وهي تدافع عن الوطن بمختلف مكوناته وهي أي المقاومة إلى جانب الجيش والشعب يشكلون المثلث الذهبي، وان من واجبنا كمواطنين وواجب كل من يؤيد المقاومة دعمها ومساعداتها سياسياً ومالياً وإعلامياً. وأعلن نصرالله "أننا في حزب الله نتلقى الدعم المعنوي والسياسي والمادي بكل أشكاله الممكنة والمتاحة من الجمهورية الإسلامية في إيران منذ عام 1982". بناءً على هذا الكلام نرى أن أوجه الشبه متطابقة بين واقع ودور الحكومة اللبنانية وتنظيم حزب الله فكليهما مسؤول عن حياتنا وأمننا ومستقبلنا وإن بطرق مختلفة، وإذا كان المال الذي يقدم للحكومة اللبنانية على شكل قروض أو هبات أو مساعدات هو لخدمة جميع اللبنانيين، باعتبار أن الحكومة اللبنانية هي الممثل الشرعي والوحيد لهذا الشعب، كذلك فإن المساعدات العينية والأموال النقدية التي تأتي لمساعدة حزب الله سواء من دولة إيران أو من سواها باعتبار أن حزب المقاومة هذا يمثل مقاومة كل اللبنانيين دون استثناء، وبالتالي يصبح من حقنا نحن المواطنين أن نعرف حجم ومصير هذه الأموال والمساعدات وكيف أنفقت تماماً كما نسأل الحكومة اللبنانية.. لن نسأل عن السلاح فهذا ليس من شاننا بل شان مخابرات الجيش التي تتابع هذه التفاصيل لأنه من مسؤولياتها كما أظن، ولكن المال الذي يدفع لحزب الله على انه حزب مقاوم يدفع باسمنا نحن اللبنانيين جميعاً ولنا في هذا المضمار ملاحظات حول كيفية إنفاقه:

- من الذي يقرر صرف المساعدات المالية باسم المقاومة على جمعيات وأشخاص لا تمارس العمل المقاوم، بل مهمتها شتم ومهاجمة قوى الداخل اللبناني التي لا تتفق مع سياسة حزب الله؟

- من الذي يحدد كيف ومتى وأين يصرف المال، وهل استعمل بعضه في الحملات الانتخابية الأخيرة؟

- من هي الجهة الرقابية الرسمية أو حتى غير الرسمية التي تراقب وتحاسب الصرف والإنفاق خاصةً بعدما سمعنا ورأينا حالات غير مطمئنة ومظاهر غنى وترف غير مبرر؟

- هل المال الذي يقدم للمقاومة هو بهدف القتال لتحرير الأراضي المحتلة في مرتفعات شبعا وكفرشوبا، أو لإقامة حفلات الإفطار والعشاء والغداء وشراء السيارات والشقق والأراضي والمحلات وغيرها باسم المقاومة لرعايتها وحمايتها من مشاريع الفتنة، أم أن هذا المال هو الفتنة بعينها؟

- هل رحلات السفر إلى طهران وغيرها من العواصم للمؤيدين والأنصار والراغبين عبر مطار دمشق الدولي، هي من ضمن الدعم الذي يقدم للمقاومة باسم اللبنانيين جميعاً؟

- هل هذا المال الذي جاء باسمنا جميعاً لحمايتنا كما يقال لنا، ينفق على جميع اللبنانيين وبشكل متوازن في جميع المناطق، أم فقط في مناطق معينة وذات صبغة طائفية محددة؟

- هل تستطيع قيادة المقاومة أن تفتح موقعاً الكترونياً تشرح فيه أوجه الإنفاق على الشؤون الاجتماعية والخدماتية التي تقدم لعائلات الشهداء والأسرى والمعوقين.. وسائر النفقات الأخرى ومن بينها الشخصيات والجمعيات؟

- هل هذا المال الذي يقدم للمقاومة باسمنا جميعاً هو بهدف ترويع العدو إعلامياً أم لشن حملة إعلامية ضد دول صديقة وشعوب مضطهدة كالشعب السوري مثلاً الذي يهاجمه إعلام حزب الله كل يوم؟

هذه بعض النقاط فقط وهناك الكثير بعد، وإذا كانت الشفافية تفيد المحاسبة فالنزاهة تتطلب تقديم نموذج أفضل، فإذا كانت هذه المقاومة تمثلنا جميعاً فمن حقنا معرفة حجم الدعم ومصدره وكيفية الإنفاق وأوجهه، وإذا كانت هذه المقاومة تمثل طائفة أو حزب أو مجموعة أو مشروع أو أنها جزء من مشروع إقليمي، عندها نتنازل عن حقنا في المعرفة والمحاسبة، ولكن لا يحق لحزب الله حينها أن يتحدث عن مثلث الشعب والجيش والمقاومة، ولا يحق له أيضاً أن يحاسب الحكومة لأنه إذا كان يتهمها بالفساد أو بالضبابية فهو معها سواء، بحسب مضمون اتهاماته لها، وبالتالي هو ليس مثالاً يحتذى، وسلوكه وممارساته وتصرفاته ومصاريفه لا تقدم النموذج الأمثل. فمن يطالب بالمحاسبة ويسمح لنفسه بالاتهام والتخوين ليراجع نفسه وسلوكه وليحاسب نفسه أولا، لأننا إلى الآن لا نعرف حجم المساعدات المالية النقدية الإيرانية ولا كيفية إنفاقها، ولا أظن أن حزب الله سوف يقدم لنا كشف حساب لا الآن ولا في المستقبل.

حسان القطب

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية