الأحد، 6 مايو 2012

من يطلق رصاص القنص على «التبانة» و«جبل محسن»؟

::غسان ريفي::
"السفير"

مجدداً اتجهت الأنظار أمس الى التبانة، ومجددا انتقلت الشائعات كالنار في الهشيم في مختلف أنحاء طرابلس: اشتباكات بين التبانة وجبل محسن تارة، واشتباكات بين بعض أهالي التبانة والجيش اللبناني تارة أخرى. ومجدداً دفعت العاصمة الثانية يوماً من اقتصادها وحركتها التجارية فشلّت الأسواق، وأقفلت المؤسسات والمحال في شارع سوريا وسوق القمح تاركة أمر المنطقة للجيش اللبناني الذي عزز من انتشاره وأقام حواجز تفتيش ثابتة وسيّر دوريات راجلة ومؤللة.

وجاءت هذه الشائعات بعد حركة احتجاجية بدأت ليل أمس الأول وقام بها نفر من أبناء التبانة، على خلفية الادعاء بتعرض أحد منازل المنطقة لرصاصتي قناصة وقبل ذلك لرصاصة كادت أن تقتل فتاة كانت تقف على شرفة منزلها، وتزامن ذلك مع إعلان «الحزب العربي الديموقراطي» عن استهداف منزل في جبل محسن برصاصتين مماثلتين، بعد تعرض منزل مواطن من آل سليمان قبل يومين للاستهداف أيضا.

وفي الوقت الذي أكد فيه «الحزب العربي الديموقراطي» في بيان له أنه يضع الأمر في عهدة الجيش اللبناني، رافضاً كل المحاولات الرامية الى جرّ المنطقة الى فتنة جديدة، قطع عدد من أبناء التبانة كثيراً من الطرقات بالاطارات المشتعلة وبمستوعبات النفايات احتجاجاً، بدءاً من الملولة عند مدخل طرابلس الشمالي مروراً بشارع سوريا وصولاً الى بعض الأحياء الداخلية، وواجهوا الجيش اللبناني خلال محاولته إعادة فتح هذه الطرقات، وتخلل ذلك إطلاق نار، كما عمد عدد من الشبان الى قطع طريق كورنيش النهر بالاطارات المشتعلة قبل أن يعمل الجيش على إعادة فتحها.

وتركت هذه التحركات تساؤلات عدة لدى أهالي التبانة قبل سائر أبناء طرابلس، حول الافراط في هذا الاحتجاج غير المبرر، ومواجهة الجيش الذي كان كوادر «التبانة» أكدوا في أكثر من مناسبة أنهم يتعاونون معه الى أبعد الحدود، وكانت الزيارة التي قام بها عدد من وجهاء المنطقة الى قيادة الجيش في الشمال الشهر الفائت أكبر دليل على استمرار هذا التعاون والتأكيد أن أحداً في هذه المنطقة لا يمكن أن يستهدف الجيش أو أن يعمل على مواجهته. هذا مع العلم أن قطع الطرقات بالاطارات المشتعلة وإحراق مستوعبات النفايات انعكسا سلبا على الأهالي الذين اجتاح منطقتهم الدخان الأسود على مدار ساعات الليل.

ورجحت بعض الأوساط أن تكون هناك رسالة سياسية ما يريد البعض توجيهها من خلال هذا الاحتجاج الذي اتخذ طابعا عنفيا غير مبرر، أو ثمة محاولات جديدة تجري في الخفاء لتوتير أمن طرابلس انطلاقا من خاصرتها الرخوة في التبانة، ومما ضاعف من حجم هذه التساؤلات تزامن كل محاولات التوتير هذه مع قيام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بزيارة طرابلس أمس الجمعة لرعاية احتفال الكشاف العربي.

ولم يخف كثير من كوادر التبانة تخوفهم من مخطط أمني يحضر للتبانة، ومن أن تكون هذه الاحتجاجات مقدمة له، لافتة الانتباه الى أنها بدأت تخشى بعض التحركات غير المحسوبة النتائج تقوم بها مجموعات معروفة الانتماءات والاتصالات، داعية الجيش الى الضرب بيد من حديد على يد من يريد أن يأخذ هذه المنطقة الى المجهول.

ماذا حصل في التبانة خلال الساعات الماضية؟
الثابت في التبانة وجبل محسن أن ثمة جهة ما تقوم منذ فترة بإطلاق النار من قناصات كاتمة للصوت على المنازل في المنطقتين، وقد تم تسجيل أكثر من حادثة من هذا النوع لدى الأجهزة الأمنية التي كشفت على الأماكن المستهدفة، في حين رجحت مصادر طرابلسية وجود طابور خامس يهدف الى إحداث فتنة، وتخوفت من أن يؤدي تمادي هذا القنص الى إصابة أحد الأشخاص في المنطقتين، وانفلات الأمور الأمنية على إثرها، خصوصا في ظل الأجواء المشحونة.

وليل أمس الأول أطلقت هذه الجهة المجهولة النار في الاتجاهين، فحصل الاحتجاج في التبانة وتخلله إطلاق نار. وبعد نجاح الجيش في إعادة فتح الطرقات وتعرضه خلال القيام بمهمته للرشق بالحجارة ومحاولة بعض الشبان تسلق الملالات، قامت قوة من فوج المغاوير عند الخامسة فجرا بمحاولة توقيف عدد من الأشخاص المتورطين بإطلاق النار في أحد الأحياء، فتعرضت الدورية للاستهداف بالرصاص وسارعت الى الرد على مصادر النيران، وتمكنت من توقيف شخص من آل (ع) فيما فرّ الآخرون الى جهة مجهولة.

وعند العاشرة صباحا قام أحد الأشخاص المحتجين على التوقيفات بإطلاق الرصاص باتجاه جبل محسن وفوق نقطة ثابتة للجيش، ما ساهم سريعا بتوتير الأجواء وإقفال المحال في التبانة ومحيطها وإقفال بعض المدارس، لا سيما بعد الشائعات التي انتشرت هنا وهناك عن اندلاع الاشتباكات.

وأصدر «الحزب العربي الديموقراطي» بيانا أكد فيه عدم الانجرار الى أي فتنة مهما حاولت بعض الجهات إشعالها، مشددا على أن مواطني جبل محسن هم لبنانيون وأن أمنهم من أمن كل أبناء طرابلس، وأن أمنهم اليوم في عهدة الجيش اللبناني، داعيا المؤسسة العسكرية الى تحمل مسؤوليتها في الحفاظ على أمن هذه المناطق.

الى ذلك، حذر عضو «كتلة المستقبل» النائب خضر حبيب، في تصريح امس، «مما يجري في طرابلس ومن الجرح الذي ينزف باستمرار ويكبر يوما بعد يوم، وسيؤدي إذا ما استمرت الحال على ما هي عليه إلى ما لا تحمد عقباه».

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية