أعلن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد خلال زيارته مؤخراً لبندر عباس أنه قد تم فعلاً توفير مليون وستمائة ألف وظيفة جديدة من أصل مليونين ونصف وظيفة كان قد وعد بها العام الماضي، ثم ما لبث أن أخذته فورة الحماسة ليعد من جديد بمليونين ونصف وظيفة أخرى في السنة الجديدة، الأمر الذي أوقع مركز الإحصاء الايراني في ورطة حقيقية "لترقيع" كلام الرئيس المبجّل، ليخرج المركز بعد عناء ليزف خبر تقلص عدد العاطلين عن العمل من 3.2 مليون شخص العام الماضي إلى 2.8 مليون شخص هذا العام متناسين أن قانون الرياضيات البسط للطرح سينتج عنه ما يعادل 400 ألف وظيفة فقط! الأمر الذي يجعل وصف المفكر الإيراني قاسم داراني عن أحمدي نجاد صائباً عندما قال: "أقسم بالله الذي لا إله إلا هو، لم يمرّ في تاريخ ايران الطويل والعريض أن يحكمها رئيس بحماقة سيادته وجهالته وتخلفه العقلي والفكري والعقدي"!
ثم يأتي بيانٌ لأمانة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بباريس ليفضح مشهداً جديداً لأكاذيب ملالي إيران فيما يخص محاولة إغتيال سفير المملكة العربية السعودية عندما صرّح مسؤول بارز بوزارة مخابرات النظام الإيراني: "إن المتهم الثاني في المخطط المزعوم لاغتيال سفير العربية السعودية هو من كبار الأعضاء في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وقد تنقّل بين مختلف البلدان باستخدام جوازات سفر إيرانية ووثائق هوية مزورة أخرى". ولم يهنأ الإيرانيون طويلاً بهذه الكذبة لتشويه صور المقاومة الوطنية الشريفة إذ أعلنت وزارة الخارجية الأميركية تعليقاً على هذه الإفتراءات بقولها: "نعتقد أن مصدر هذه التقارير ليس إلا الصحف الحكومية الإيرانية وهي المصادر التي لها سجل موثق من اختلاق القصص الإخبارية"!
وأكدت أمانة المقاومة أنّ حكومة الملالي دأبت على نسبة جرائمها البشعة لحركة مجاهدي خلق تحديداً إذ سبق وأن اتهمتها بجريمة القتل البشع للقساوسة المسيحيين في إيران وتفجير مرقد الإمام الرضا في مدينة مشهد الإيرانية في عام 1994 وارتكاب المجزرة بحق حجاج بيت الله الحرام في عام 1987 إضافة لجريمة قتل نداء آغا سلطان خلال انتفاضة الشعب الإيراني عام 2009 وهي الجرائم التي اضطلع بها مجرمو الحرس الثوري وقوات التعبئة المعروفة بالباسيج.
إن ّ الكذب هو من مبادئ الرافضة التي لا جدال فيها والتي أصّلوها شرعاً تحت مسمّى "التقيّة"، وما فتئوا من نشر أكاذيبهم دون حياء بل ودون وجود أبسط حدود المنطق فيها، فتهافت ملالي ايران وسَدَنة قُم على مباركة ثورات مصر وتونس وليبيا واليمن ودعمهم وتخطيطهم لأعمال الشغب في البحرين يُقابلها استنكارهم واسنفارهم لكل ما يملكون ضد ثورة أحرار سوريا على ديكتاتورية الطُغمة العلوية الحاكمة، فلماذا ساندوا الشعوب هناك وعاندوا الشعب هنا؟ السبب أنّ الحكومة السورية شيعية باطنية تدين لهم بالولاء والتبعية على عكس بقية الحكومات الأخرى، ثم ما معنى أن تُزبد ايران وترغي وتملاً الدنيا تهديداً ووعيداً لما أسمته بالتدخل العربي في البحرين لكن لا يخجل رئيسها من زيارة استفزازية لجزر اماراتية محتلة منذ أكثر من أربعين سنة!
يا سيادة الرئيس المتحذلق، أليس شعبك بحاجة أمسّ لكل ريالٍ يتم إهداره في نشر الفتن والجري المسعور خلف أحلام التوسع الفارسي في البلدان العربية؟ أليسَ شعبك الذي يرزح تحت وطأة الفقر وكبت الحريات وارتفاع معدلات البطالة بصورة غير مسبوقة بأولى بالأموال بدلاً من ضخ النفط لحكومة سوريا (مجاناً) ومنذ سنين طويلة ودفع مئات الملايين من الدولارات شهرياً لها حتى لا يسقط بشار وحكومته الدموية أمام غضب الشعب السوري المسحوق؟ أليس شعبك بأجدر أن يشعر بالكرامة والعدالة والحرية في وطنه بدلاً من أن يجدها من استطاع الهرب من نيران جلاوزتك على أراضي الدولة التي تحتل جزرها ظًلماً وعدواناً؟
أليس مُخزياً أن يخرج محسن رضائي أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام ليهدّد المملكة العربية السعودية بالرد الحاسم في حال استمرارها بمشروع الاتحاد مع البحرين، وليكمل تخبطه بفضيحة مجلجلة عندما طالب بتشكيل "اتحاد الدول الفارسية الاسلامية"-بما فيها البحرين طبعاً- رداً على مقترح اتحاد الدول الخليجية العربية! فما معنى أن يستنكر كياناً رابطه أكبر بكثير من رابط ما يُنادي به؟ هل هو التغابي أم أنّ أولئك المُعمّمون قد أصابهم الجنون عندما رأوا العرب قد فطنوا للعبة ايران القذرة وعلموا كيف يردون لهم الصاع؟
إنّ وجه السياسة الإيرانية الكالح قد ألقى آخر أقنعته إبّان أحداث البحرين الآثمة والتي خُطّط لها وتمت إدارتها من خلال مخابرات إيران وحرسها الثوري وما تلك الأسلحة والمتفجرات التي وجدت في المدرسة الإيرانية بالبحرين وبعبوّات الفاكهة والتمور القادمة من ايران إلا دليلٌ على سوء نوايا نجاد وزمرته تجاه بلداننا، فما تم لم يكن حراكاً شعبياً طبيعياً، بل كان بداية انقلاب واحتلال فارسي لدولة عربية ذات سيادة، وإلا فما معنى مطالب الشيعة هناك؟ وأي نموذج يريدون تبنّيه؟ أنموذج سيدتهم ايران هو مطمحهم ومبلغ أمرهم؟ ألا يرون الحكم التوليتاري الفاشي فيها؟ ألا يرون الفتك بالمتظاهرين واغتيال رموز المعارضة وكبت الحريات العامة؟ ألا يرون ما جرى لعرب الأحواز من إلغاء حقوق واساءة معاملة رغم أنهم من الشيعة لكنّ ذنبهم الوحيد أنهم عرب؟ ألا يرون تزوير الانتخابات وقتل الصحفيين وإغلاق الصحف الحرّة؟ ألا يرون بخس الأقليات حقوقها وعدم الاعتداد بها كفئات وطنية ما دامت لا تنتمي للعرق الفارسي المقدس؟ أنتعجب من تآمركم على أهلكم ووطنكم أم نتعجب من حماقتكم وقِصَر نظركم وسيركم للعبودية باختياركم!
إن عنتريات ملالي هذه الدولة المارقة لا تتوقف عند حد ولا يبدو أنها ستتوقف لأنها وجدت ضوءاً أخضراً من المتنفذين في البيت الأبيض رغم تشدّقهم بمعاداة ايران ورفضهم لبرنامجها النووي ومساعيها التوسعية، وقد ظهر ذلك جلياً عندما انسحب الأسطول الأميركي الخامس والمرابط قرب المياه الإقليمية البحرينية إلى مضيق هرمز فور بدء أحداث الشغب فيها، الأمر الذي أعاد لنا مقولة ديك تشيني فور علمه باحتلال صدام حسين لدولة الكويت عندما تساءل: "أهنالك ضرر من أخذ صدام للكويت؟"، وبدا ذلك واضحاً في تلكؤ الولايات المتحدة في اتخاذ أي إجراء حاسم لولا ضغط كبير من مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة وحكّام الخليج العربي، فما يهم واشنطن هو أن تبقى منابع النفط آمنةً بعيدة عن أيدي القوى الأخرى، وهي بذلك لا يهمها إن أصبح الخليج بأكمله محتلاً من ايران، فهناك توافق غريب بين الطرفين وكأني بأميركا قد قامت بمراجعة تاريخ الشيعة الطويل لتتفاجأ بأنهم لم يقوموا ولو لمرةٍ واحدة بمهاجمة أحدٍ سوى السُنّة فقط، لذلك سُلّم العراق على طبقٍ من ذهب لعمائم طهران السود، كيف لا وهي مأمونة الجانب مهما علت الأصوات وزادت التهديدات ولوّح أوباما بأصبعه النحيل، ألم يقل حاكم العراق السابق بول بريمر بأنهم مستعدون للتعاون مع الشيعة فقط لا السنّة!
لذا لم يكن بغريبٍ أن يتعنتر كل المحسوبين على سِلك الملالي، فها هو مهدي جمران رئيس المجلس الأعلى للمحافظات في ايران يُعلن عن بدء عمل المؤتمر الثالث عشر للمجلس يوم 24 مايو الحالي في جزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة والذي أكد أن سبب اختيار أبو موسى تحديداً كان على حد قوله: " رداً على التطاولات والأوهام التي يعيشها العرب حول ملكيتهم للأراضي الفارسية"!،و قبلها بأيام خرج الجنرال حسين فيروزأبادي رئيس أركان الجيش الايراني ليرسل تهديدات مدويّة لدول الجوار الخليجية فور وقوفها ضد المحاولة الايرانية الآثمة لاحتلال مملكة البحرين ليُصرّح وكأنه رئيس دولة لوحده: "إن جبهة الديكتاتوريات العربية في الخليج معادية لايران " مؤكداً أن هذه المنطقة "كانت دائماً ملك إيران"، وأضاف: "بدلاً من فتح جبهة لا يمكن الدفاع عنها مع ايران على هذه الدكتاتوريات أن تتخلى عن الحكم ووضع حد لجرائمها الوحشية وترك شعوبها تقرر مستقبلها بحرية"، ولو ترك عنه الكذب والدجل المعتادين لسكت و(انطم) فجميعنا نرى ما فعل هو وأمثاله من الفرس المحترقين بنار العصبية المقيتة من تفرقة وسلب حقوق ضد عرب الأحواز والبلوش والآذر والأكراد وبقية الأقليات
هؤلاء الأفاقون الأفاكون – وبينما ينعم الجميع بالعدالة والأمن وكرامة العيش في دول الخليج المجاورة- حرموا مواطنيهم من غير عِرقهم كافة الحقوق، فلا يحق لأحد من أهل السنة أن يترشح لأي منصب رفيع بل حتى منصب عادي مثل مدير بلدية أو مستشفى، ولو في منطقة تبلغ نسبة أهل السنة فيها 100% مثل كردستان وبلوشستان!، كما يُضيّق عليهم في الجامعات ويمنعوا من تخصصات معينة حتى لا يساهموا في تطوير أقاليمهم، أما الكليات العسكرية فمحرمة على أهل السنة تحريماً قطعياً لا يقبل المناقشة، وليس الأمر مقصور على السُنّة، فإقليم الأحواز العربي ذو الأغلبية الشيعية والمسؤول عن أكثر من 80% من الناتج القومي لإيران يعيش أبناءه في مستويات معيشية متردية للغاية ويتعرضون لحملات اضطهاد متزايدة وتضييق كبير فيما يخص الحريات العامة وحقوق المواطنة!
إنّه لمن المؤسف أن يغزو فكر الملالي وأكاذيبهم كافة بيوتنا ومخادع نومنا من خلال قنوات فضائية لا حصر لها وجميعها يتحدث بالعربية وتُنقل من خلال قمرين عربيين هما عربسات ونايلسات، وتبث أكاذيبها وافتراءاتها ليل نهار لغسل أدمغة البسطاء ممن يستهويهم ويستدرجهم الخطاب الديني وذكر آل البيت عليهم السلام، بينما لا توجد ولا قناة خليجية واحدة تحمل فكرنا وقيمنا لايصالها بلغة فارسية للمُغرّر بهم تحت حكم خامنئي ونجاد وأضرابهم، أو تتبنى نقل أصوات الأقليات المظلومة في جمهورية الأكاذيب هذه لكشف أمرهم أمام الجميع، وكم يزيد استغرابي أن قناة مثل الجزيرة والتي لم تترك حجراً في وطننا العربي إلا وبحثت تحته، كيف أنها لم تتحدث عن المآسي والأهاويل التي يُعاني منها العرب وبقية الأعراق في ايران!
إن ايران تُسابق الزمن وتحاول اختصار مراحل برنامجها التوسعي وفترته الزمنية بعد أن ظهر لاعب مناوئ على الساحة الإقليمية ألا وهو تركيا أردوغان وسعيها بدورها لاستعادة مكانتها القديمة إبّان الخلافة العثمانية والتي تعرف إيران يقيناً أنّ ما يجمع تركيا والدول العربية أكبر بكثير مما يجمع ايران بنفس الدول، ولا زالت تذكر كيف وقفت تركيا العثمانيين حجر عثرةٍ أمام مطامع الدولة الصفوية الايرانية في السابق، من هنا لا نستغرب السُعار المحموم لساسة ايران و"إرسالياتهم التشيعية" في كافة دول المنطقة والتركيز على مصر تحديداً لثقلها الكبير في أي معادلة سياسية في الشرق الأوسط بكامله، وأنّ أي تغيير في موقف مصر لصالح ايران يعني نجاحاً ساحقاً لبرنامجها التوسعي!
لذا لم يكن مفاجئاً للمراقبين أن تقوم إيران بضخ 500 مليون دولار لنشر التشيّع في مصر مستغلّةً أجواء ما بعد الثورة ثم ارهاصات المرحلة الانتخابية الذي تعيشه مصر ليعلنوا عن زيارة علي الكوراني المعروف بتشيعه المتطرف وليقوم هذا الكوراني بافتتاح أول حسينية شيعية في القاهرة بعد أن وصل عددها لأكثر من 80 حسينية منتشرة في ربوع مصر بصورة سرية، بانياً صنيعه على فتوى لإمام الأزهر السابق الشيخ شلتوت بجواز تدريس الفقه الشيعي!، وأقول ليس مفاجئاً لأن الأوراق قد انكشفت خلال حرب أميركا على العراق ونزوح الكثير من العراقيين للدول المجاورة، حيث عمدت ايران سريعا لاستغلال الفرصة وارسال العديد من عملاءها وعمائمها إلى مصر تحديداً لنشر التشيّع تحت ستار الهرب من الحرب والبحث عن مكانٍ أكثر أمناً، وخيراً فعل شيخ الأزهر أحمد الطيب برفضه لإقامة أي حسينيات منعاً لزعزعة استقرار البلد وايعازه للسلطات المصرية بإغلاق تلك الحسينية وتفويت الفرصة على مروجي الفتن الايرانيين، والذين لم ييأسوا بعد، فقد خرجت الأخبار باستضافة ايران لخمسين دكتوراً وأستاذاً جامعياً مصرياً خلال معرض الكتاب الأخير ومقابلتهم مستشار المرشد الأعلى للثورة الايرانية و"خضوعهم" لثلاثين محاضرة سياسية ودينية من قبل أساتذة ايرانيين!
إن جمهورية المؤامرات والكذب لا تتوقف عن حبك حبائلها تجاه جيرانها العرب، ومن يفقد المبادئ البسيطة للتعاملات الإنسانية تجاه شعبه ليس بمستغربٍ أن يكون تصرفه الخارجي في قمّة النزق والعنجهية الاستعلائية، فقدهدد الحرس الثوري الإيراني النائب الأصولي المخضرم علي مطهري -وهو واحداً من أكثر النواب جرأةً واستقلالية- بمقاضاته وملاحقته أمام القضاء إذا لم يسحب "ادعاءاته" بحصول تزوير وتلاعب لصالح الحرس الثوري، في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وكانت قناة "العربية" قد نقلت يوم الانتخابات الأخيرة في الثالث من مارس الماضي "أن انتخابات الدورة البرلمانية التاسعة في إيران، شهدت عمليات واسعة للتزوير والتلاعب بالأصوات وبيع وشراء الأصوات بشكل غير مسبوق من قبل مختلف التيارات، وخاصة الباسيج وقوات الحرس الثوري في العاصمة طهران وفي جميع المدن الإيرانية" الأمر الذي لا يدع شكّاً لمراقب من أن ساسة ايران لا يضعون وزناً لأية أخلاقيات أو مبادئ يمكن مراجعتهم أو تذكيرهم بها، فلا لغة تعلو لديهم فوق لغة الكذب ولا منهج يؤمنون به سوى منهجية التلفيق والتأليب وليّ الحقائق ولا مسار يتّبعونه سوى مسار حبك المؤامرات تجاه الآخرين وطعنهم من الداخل!
إننا كدولٍ خليجية أمام مفترق طرق لا يقبل التأخير ولا أنصاف الحلول، فبرنامج ايران لا يخفى على أعمى، ومن المهم أن نُسارع لحماية "وجودنا" بخلق أي شكلٍ لكيانٍ اتحادي حتى ولو كان شبيهاً بمجموعة اليورو، فغياب هذا الكيان هو ما جرأ ايران علينا وهو ما جعل أميركا لا تُلقِ بالاً بمن يُهدّدنا أو من الممكن أن يبتلع بقيّة أراضينا بعد أن ابتلع الأحواز والعراق وسوريا وجنوب لبنان وبلوشستان وجزرنا الثلاث، وها هو الموقع الإخباري المُقرّب من الخارجية الإيرانية "بولتن نيوز" يؤكد أنّ "منابع النفط في العراق والسعودية والكويت شيعيّة ولا بد أن تعود لإيران"!، وحيث أن استمرارنا في إنكار الواقع أوتصغير خطره الكبير لن يؤدي إلا لمزيد من التعقيدات والتأزيمات فإنّه من الملحّ –إضافة لخلقٍ الكيان الوحدوي الكبير- أن نبدأ في "هز" الداخل الايراني بتوجيه قنواتٍ إعلامية فارسية اللغة يكون بمقدورها فضح أكاذيب ملالي طهران وقُم وأن تُريها الواقع الحقيقي الذي يعيشه الإيرانيون في أبوظبي ودبي والرياض والكويت، ولا بأس أن يكون هناك دروساً في الرياضيات لتعليم الرئيس المبجّل أن هناك فرقاً كبيراً بين المليون وستمائة ألف وبين الأربعمائة ألف!
عائشة سيف السويدي
كاتبة إماراتية
ثم يأتي بيانٌ لأمانة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بباريس ليفضح مشهداً جديداً لأكاذيب ملالي إيران فيما يخص محاولة إغتيال سفير المملكة العربية السعودية عندما صرّح مسؤول بارز بوزارة مخابرات النظام الإيراني: "إن المتهم الثاني في المخطط المزعوم لاغتيال سفير العربية السعودية هو من كبار الأعضاء في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية وقد تنقّل بين مختلف البلدان باستخدام جوازات سفر إيرانية ووثائق هوية مزورة أخرى". ولم يهنأ الإيرانيون طويلاً بهذه الكذبة لتشويه صور المقاومة الوطنية الشريفة إذ أعلنت وزارة الخارجية الأميركية تعليقاً على هذه الإفتراءات بقولها: "نعتقد أن مصدر هذه التقارير ليس إلا الصحف الحكومية الإيرانية وهي المصادر التي لها سجل موثق من اختلاق القصص الإخبارية"!
وأكدت أمانة المقاومة أنّ حكومة الملالي دأبت على نسبة جرائمها البشعة لحركة مجاهدي خلق تحديداً إذ سبق وأن اتهمتها بجريمة القتل البشع للقساوسة المسيحيين في إيران وتفجير مرقد الإمام الرضا في مدينة مشهد الإيرانية في عام 1994 وارتكاب المجزرة بحق حجاج بيت الله الحرام في عام 1987 إضافة لجريمة قتل نداء آغا سلطان خلال انتفاضة الشعب الإيراني عام 2009 وهي الجرائم التي اضطلع بها مجرمو الحرس الثوري وقوات التعبئة المعروفة بالباسيج.
إن ّ الكذب هو من مبادئ الرافضة التي لا جدال فيها والتي أصّلوها شرعاً تحت مسمّى "التقيّة"، وما فتئوا من نشر أكاذيبهم دون حياء بل ودون وجود أبسط حدود المنطق فيها، فتهافت ملالي ايران وسَدَنة قُم على مباركة ثورات مصر وتونس وليبيا واليمن ودعمهم وتخطيطهم لأعمال الشغب في البحرين يُقابلها استنكارهم واسنفارهم لكل ما يملكون ضد ثورة أحرار سوريا على ديكتاتورية الطُغمة العلوية الحاكمة، فلماذا ساندوا الشعوب هناك وعاندوا الشعب هنا؟ السبب أنّ الحكومة السورية شيعية باطنية تدين لهم بالولاء والتبعية على عكس بقية الحكومات الأخرى، ثم ما معنى أن تُزبد ايران وترغي وتملاً الدنيا تهديداً ووعيداً لما أسمته بالتدخل العربي في البحرين لكن لا يخجل رئيسها من زيارة استفزازية لجزر اماراتية محتلة منذ أكثر من أربعين سنة!
يا سيادة الرئيس المتحذلق، أليس شعبك بحاجة أمسّ لكل ريالٍ يتم إهداره في نشر الفتن والجري المسعور خلف أحلام التوسع الفارسي في البلدان العربية؟ أليسَ شعبك الذي يرزح تحت وطأة الفقر وكبت الحريات وارتفاع معدلات البطالة بصورة غير مسبوقة بأولى بالأموال بدلاً من ضخ النفط لحكومة سوريا (مجاناً) ومنذ سنين طويلة ودفع مئات الملايين من الدولارات شهرياً لها حتى لا يسقط بشار وحكومته الدموية أمام غضب الشعب السوري المسحوق؟ أليس شعبك بأجدر أن يشعر بالكرامة والعدالة والحرية في وطنه بدلاً من أن يجدها من استطاع الهرب من نيران جلاوزتك على أراضي الدولة التي تحتل جزرها ظًلماً وعدواناً؟
أليس مُخزياً أن يخرج محسن رضائي أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام ليهدّد المملكة العربية السعودية بالرد الحاسم في حال استمرارها بمشروع الاتحاد مع البحرين، وليكمل تخبطه بفضيحة مجلجلة عندما طالب بتشكيل "اتحاد الدول الفارسية الاسلامية"-بما فيها البحرين طبعاً- رداً على مقترح اتحاد الدول الخليجية العربية! فما معنى أن يستنكر كياناً رابطه أكبر بكثير من رابط ما يُنادي به؟ هل هو التغابي أم أنّ أولئك المُعمّمون قد أصابهم الجنون عندما رأوا العرب قد فطنوا للعبة ايران القذرة وعلموا كيف يردون لهم الصاع؟
إنّ وجه السياسة الإيرانية الكالح قد ألقى آخر أقنعته إبّان أحداث البحرين الآثمة والتي خُطّط لها وتمت إدارتها من خلال مخابرات إيران وحرسها الثوري وما تلك الأسلحة والمتفجرات التي وجدت في المدرسة الإيرانية بالبحرين وبعبوّات الفاكهة والتمور القادمة من ايران إلا دليلٌ على سوء نوايا نجاد وزمرته تجاه بلداننا، فما تم لم يكن حراكاً شعبياً طبيعياً، بل كان بداية انقلاب واحتلال فارسي لدولة عربية ذات سيادة، وإلا فما معنى مطالب الشيعة هناك؟ وأي نموذج يريدون تبنّيه؟ أنموذج سيدتهم ايران هو مطمحهم ومبلغ أمرهم؟ ألا يرون الحكم التوليتاري الفاشي فيها؟ ألا يرون الفتك بالمتظاهرين واغتيال رموز المعارضة وكبت الحريات العامة؟ ألا يرون ما جرى لعرب الأحواز من إلغاء حقوق واساءة معاملة رغم أنهم من الشيعة لكنّ ذنبهم الوحيد أنهم عرب؟ ألا يرون تزوير الانتخابات وقتل الصحفيين وإغلاق الصحف الحرّة؟ ألا يرون بخس الأقليات حقوقها وعدم الاعتداد بها كفئات وطنية ما دامت لا تنتمي للعرق الفارسي المقدس؟ أنتعجب من تآمركم على أهلكم ووطنكم أم نتعجب من حماقتكم وقِصَر نظركم وسيركم للعبودية باختياركم!
إن عنتريات ملالي هذه الدولة المارقة لا تتوقف عند حد ولا يبدو أنها ستتوقف لأنها وجدت ضوءاً أخضراً من المتنفذين في البيت الأبيض رغم تشدّقهم بمعاداة ايران ورفضهم لبرنامجها النووي ومساعيها التوسعية، وقد ظهر ذلك جلياً عندما انسحب الأسطول الأميركي الخامس والمرابط قرب المياه الإقليمية البحرينية إلى مضيق هرمز فور بدء أحداث الشغب فيها، الأمر الذي أعاد لنا مقولة ديك تشيني فور علمه باحتلال صدام حسين لدولة الكويت عندما تساءل: "أهنالك ضرر من أخذ صدام للكويت؟"، وبدا ذلك واضحاً في تلكؤ الولايات المتحدة في اتخاذ أي إجراء حاسم لولا ضغط كبير من مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة وحكّام الخليج العربي، فما يهم واشنطن هو أن تبقى منابع النفط آمنةً بعيدة عن أيدي القوى الأخرى، وهي بذلك لا يهمها إن أصبح الخليج بأكمله محتلاً من ايران، فهناك توافق غريب بين الطرفين وكأني بأميركا قد قامت بمراجعة تاريخ الشيعة الطويل لتتفاجأ بأنهم لم يقوموا ولو لمرةٍ واحدة بمهاجمة أحدٍ سوى السُنّة فقط، لذلك سُلّم العراق على طبقٍ من ذهب لعمائم طهران السود، كيف لا وهي مأمونة الجانب مهما علت الأصوات وزادت التهديدات ولوّح أوباما بأصبعه النحيل، ألم يقل حاكم العراق السابق بول بريمر بأنهم مستعدون للتعاون مع الشيعة فقط لا السنّة!
لذا لم يكن بغريبٍ أن يتعنتر كل المحسوبين على سِلك الملالي، فها هو مهدي جمران رئيس المجلس الأعلى للمحافظات في ايران يُعلن عن بدء عمل المؤتمر الثالث عشر للمجلس يوم 24 مايو الحالي في جزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة والذي أكد أن سبب اختيار أبو موسى تحديداً كان على حد قوله: " رداً على التطاولات والأوهام التي يعيشها العرب حول ملكيتهم للأراضي الفارسية"!،و قبلها بأيام خرج الجنرال حسين فيروزأبادي رئيس أركان الجيش الايراني ليرسل تهديدات مدويّة لدول الجوار الخليجية فور وقوفها ضد المحاولة الايرانية الآثمة لاحتلال مملكة البحرين ليُصرّح وكأنه رئيس دولة لوحده: "إن جبهة الديكتاتوريات العربية في الخليج معادية لايران " مؤكداً أن هذه المنطقة "كانت دائماً ملك إيران"، وأضاف: "بدلاً من فتح جبهة لا يمكن الدفاع عنها مع ايران على هذه الدكتاتوريات أن تتخلى عن الحكم ووضع حد لجرائمها الوحشية وترك شعوبها تقرر مستقبلها بحرية"، ولو ترك عنه الكذب والدجل المعتادين لسكت و(انطم) فجميعنا نرى ما فعل هو وأمثاله من الفرس المحترقين بنار العصبية المقيتة من تفرقة وسلب حقوق ضد عرب الأحواز والبلوش والآذر والأكراد وبقية الأقليات
هؤلاء الأفاقون الأفاكون – وبينما ينعم الجميع بالعدالة والأمن وكرامة العيش في دول الخليج المجاورة- حرموا مواطنيهم من غير عِرقهم كافة الحقوق، فلا يحق لأحد من أهل السنة أن يترشح لأي منصب رفيع بل حتى منصب عادي مثل مدير بلدية أو مستشفى، ولو في منطقة تبلغ نسبة أهل السنة فيها 100% مثل كردستان وبلوشستان!، كما يُضيّق عليهم في الجامعات ويمنعوا من تخصصات معينة حتى لا يساهموا في تطوير أقاليمهم، أما الكليات العسكرية فمحرمة على أهل السنة تحريماً قطعياً لا يقبل المناقشة، وليس الأمر مقصور على السُنّة، فإقليم الأحواز العربي ذو الأغلبية الشيعية والمسؤول عن أكثر من 80% من الناتج القومي لإيران يعيش أبناءه في مستويات معيشية متردية للغاية ويتعرضون لحملات اضطهاد متزايدة وتضييق كبير فيما يخص الحريات العامة وحقوق المواطنة!
إنّه لمن المؤسف أن يغزو فكر الملالي وأكاذيبهم كافة بيوتنا ومخادع نومنا من خلال قنوات فضائية لا حصر لها وجميعها يتحدث بالعربية وتُنقل من خلال قمرين عربيين هما عربسات ونايلسات، وتبث أكاذيبها وافتراءاتها ليل نهار لغسل أدمغة البسطاء ممن يستهويهم ويستدرجهم الخطاب الديني وذكر آل البيت عليهم السلام، بينما لا توجد ولا قناة خليجية واحدة تحمل فكرنا وقيمنا لايصالها بلغة فارسية للمُغرّر بهم تحت حكم خامنئي ونجاد وأضرابهم، أو تتبنى نقل أصوات الأقليات المظلومة في جمهورية الأكاذيب هذه لكشف أمرهم أمام الجميع، وكم يزيد استغرابي أن قناة مثل الجزيرة والتي لم تترك حجراً في وطننا العربي إلا وبحثت تحته، كيف أنها لم تتحدث عن المآسي والأهاويل التي يُعاني منها العرب وبقية الأعراق في ايران!
إن ايران تُسابق الزمن وتحاول اختصار مراحل برنامجها التوسعي وفترته الزمنية بعد أن ظهر لاعب مناوئ على الساحة الإقليمية ألا وهو تركيا أردوغان وسعيها بدورها لاستعادة مكانتها القديمة إبّان الخلافة العثمانية والتي تعرف إيران يقيناً أنّ ما يجمع تركيا والدول العربية أكبر بكثير مما يجمع ايران بنفس الدول، ولا زالت تذكر كيف وقفت تركيا العثمانيين حجر عثرةٍ أمام مطامع الدولة الصفوية الايرانية في السابق، من هنا لا نستغرب السُعار المحموم لساسة ايران و"إرسالياتهم التشيعية" في كافة دول المنطقة والتركيز على مصر تحديداً لثقلها الكبير في أي معادلة سياسية في الشرق الأوسط بكامله، وأنّ أي تغيير في موقف مصر لصالح ايران يعني نجاحاً ساحقاً لبرنامجها التوسعي!
لذا لم يكن مفاجئاً للمراقبين أن تقوم إيران بضخ 500 مليون دولار لنشر التشيّع في مصر مستغلّةً أجواء ما بعد الثورة ثم ارهاصات المرحلة الانتخابية الذي تعيشه مصر ليعلنوا عن زيارة علي الكوراني المعروف بتشيعه المتطرف وليقوم هذا الكوراني بافتتاح أول حسينية شيعية في القاهرة بعد أن وصل عددها لأكثر من 80 حسينية منتشرة في ربوع مصر بصورة سرية، بانياً صنيعه على فتوى لإمام الأزهر السابق الشيخ شلتوت بجواز تدريس الفقه الشيعي!، وأقول ليس مفاجئاً لأن الأوراق قد انكشفت خلال حرب أميركا على العراق ونزوح الكثير من العراقيين للدول المجاورة، حيث عمدت ايران سريعا لاستغلال الفرصة وارسال العديد من عملاءها وعمائمها إلى مصر تحديداً لنشر التشيّع تحت ستار الهرب من الحرب والبحث عن مكانٍ أكثر أمناً، وخيراً فعل شيخ الأزهر أحمد الطيب برفضه لإقامة أي حسينيات منعاً لزعزعة استقرار البلد وايعازه للسلطات المصرية بإغلاق تلك الحسينية وتفويت الفرصة على مروجي الفتن الايرانيين، والذين لم ييأسوا بعد، فقد خرجت الأخبار باستضافة ايران لخمسين دكتوراً وأستاذاً جامعياً مصرياً خلال معرض الكتاب الأخير ومقابلتهم مستشار المرشد الأعلى للثورة الايرانية و"خضوعهم" لثلاثين محاضرة سياسية ودينية من قبل أساتذة ايرانيين!
إن جمهورية المؤامرات والكذب لا تتوقف عن حبك حبائلها تجاه جيرانها العرب، ومن يفقد المبادئ البسيطة للتعاملات الإنسانية تجاه شعبه ليس بمستغربٍ أن يكون تصرفه الخارجي في قمّة النزق والعنجهية الاستعلائية، فقدهدد الحرس الثوري الإيراني النائب الأصولي المخضرم علي مطهري -وهو واحداً من أكثر النواب جرأةً واستقلالية- بمقاضاته وملاحقته أمام القضاء إذا لم يسحب "ادعاءاته" بحصول تزوير وتلاعب لصالح الحرس الثوري، في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وكانت قناة "العربية" قد نقلت يوم الانتخابات الأخيرة في الثالث من مارس الماضي "أن انتخابات الدورة البرلمانية التاسعة في إيران، شهدت عمليات واسعة للتزوير والتلاعب بالأصوات وبيع وشراء الأصوات بشكل غير مسبوق من قبل مختلف التيارات، وخاصة الباسيج وقوات الحرس الثوري في العاصمة طهران وفي جميع المدن الإيرانية" الأمر الذي لا يدع شكّاً لمراقب من أن ساسة ايران لا يضعون وزناً لأية أخلاقيات أو مبادئ يمكن مراجعتهم أو تذكيرهم بها، فلا لغة تعلو لديهم فوق لغة الكذب ولا منهج يؤمنون به سوى منهجية التلفيق والتأليب وليّ الحقائق ولا مسار يتّبعونه سوى مسار حبك المؤامرات تجاه الآخرين وطعنهم من الداخل!
إننا كدولٍ خليجية أمام مفترق طرق لا يقبل التأخير ولا أنصاف الحلول، فبرنامج ايران لا يخفى على أعمى، ومن المهم أن نُسارع لحماية "وجودنا" بخلق أي شكلٍ لكيانٍ اتحادي حتى ولو كان شبيهاً بمجموعة اليورو، فغياب هذا الكيان هو ما جرأ ايران علينا وهو ما جعل أميركا لا تُلقِ بالاً بمن يُهدّدنا أو من الممكن أن يبتلع بقيّة أراضينا بعد أن ابتلع الأحواز والعراق وسوريا وجنوب لبنان وبلوشستان وجزرنا الثلاث، وها هو الموقع الإخباري المُقرّب من الخارجية الإيرانية "بولتن نيوز" يؤكد أنّ "منابع النفط في العراق والسعودية والكويت شيعيّة ولا بد أن تعود لإيران"!، وحيث أن استمرارنا في إنكار الواقع أوتصغير خطره الكبير لن يؤدي إلا لمزيد من التعقيدات والتأزيمات فإنّه من الملحّ –إضافة لخلقٍ الكيان الوحدوي الكبير- أن نبدأ في "هز" الداخل الايراني بتوجيه قنواتٍ إعلامية فارسية اللغة يكون بمقدورها فضح أكاذيب ملالي طهران وقُم وأن تُريها الواقع الحقيقي الذي يعيشه الإيرانيون في أبوظبي ودبي والرياض والكويت، ولا بأس أن يكون هناك دروساً في الرياضيات لتعليم الرئيس المبجّل أن هناك فرقاً كبيراً بين المليون وستمائة ألف وبين الأربعمائة ألف!
عائشة سيف السويدي
كاتبة إماراتية
0 comments:
إرسال تعليق