الجمعة، 8 يونيو 2012
من عرسال إلى التبانة في طرابلس وصولاً إلى قرى وادي خالد في الشمال، هل أصبحت دماء وحياة واستقرار المواطنين اللبنانيين متفاوتة في القيمة والرعاية والحماية..؟؟
3:38 م
اضف تعليق
حسان القطب
هل نحن فعلاً اليوم نعيش في مرحلة التفاوت الطبقي وحتى في حماية المناطق وصولاً إلى التمييز الديني وحتى التفريق في قيمة المواطنة، فأصبح هناك طبقة أشرف الناس التي تقطع الطرقات وتحمل السلاح وتمارس ما تريد دون حسيب أو رقيب بل وبمواكبة تضمن الحماية والرعاية والتبرير طبعاً..باسم المقاومة وحماية مشروعها..؟؟ وطبقة تعاني وتتهم وتضطهد وتعاقب وتترك فريسة سلاح النظام السوري الذي لم يفتك بشعبه فقط، بل وبالمواطنين اللبنانيين عبر الحدود أيضاً، برضا وقبول بل وبشعور بالحبور من أتباعه في لبنان دون أن يرف لهذا الفريق وأتباعه جفن أو حتى إطلاق عبارات الاستنكار والإدانة الوهمية والشكلية بل والكاذبة بالتأكيد....؟؟ وهل القتل الذي يمارس بحق مواطن لبناني شمالي أو بقاعي من قبل عصابات الأسد قد أصبح مقبولاً ومبرراً بل ويجد له من يبرره في وسائل إعلامه وعلى لسان سياسييه..؟
حقيقة الأمر هي أن الأزمة السورية الحالية جعلت من لبنان الكيان والدولة والشعب خارج سيطرة النظام السوري، وجعلت الساحة اللبنانية بعيدة فعلياً عن هيمنة هذا النظام الذي اعتاد التدخل في كافة شؤون لبنان وشجونه، كما أن الفريق المتحالف مع نظام سوريا في لبنان لم يتكيف بعد مع حقيقة أن يد النظام السوري قد ضعفت، ولم تعد قادرة على تغيير المعادلات أو التأثير على مجرى الأحداث السياسية في لبنان..لذلك يشتد الضغط على بعض مكونات الشعب اللبناني الأساسية، وكون الانقسام اللبناني أصبح عميقاً ومتجذراً نتيجة الظروف الإقليمية الضاغطة وارتباط بعض مجموعاته بمشاريع إقليمية ودولية، هذه العوامل جعلت من هذا الفريق اللبناني يتحالف مع نظام سوريا المتهالك ضد فريق لبناني أساسي وضد الشعب السوري الذي يعاني كل أصناف العذاب والقتل على يد نظامه والاضطهاد في لبنان على يد حلفائه، وما خروج آلاف المواطنين السوريين اللاجئين إلى لبنان خلال الأيام الماضية هرباً من ظلم من يتحالف مع النظام ضد الشعب في سوريا ولبنان إلا خير دليل.. حتى ولو تجاهلت وسائل الإعلام والأجهزة الأمنية حقيقة ما يجري في مناطق معينة وعلى يد فريق معين من ممارسات بحق أبناء الشعب السوري الشقيق في لبنان
غياب نظام سوريا أو عجزه دفع النظام الإيراني إلى اتخاذ المبادرة بالتدخل المباشر في الشأن اللبناني لتغطية الفراغ وسد العجز....وقد قام عملياً بتحضير الأرضية المناسبة لهذا الدور من خلال الإمساك المباشر بناصية حزب الله وبمفاتيح ومفاصل القيادة فيه.. وحضور ووجود الحرس الثوري الإيراني في لبنان ليكون هو صاحب القيادة العسكرية الفعلية لميليشيا حزب الله..دفع بحلفاء سوريا للحديث بشكل مبهم وبطريقة إثارة القلق وبعبارات تبعث الرهبة في قلوب اللبنانيين عن وجود تنظيم القاعدة والمجموعات السلفية في شمال لبنان وبلدة عرسال بهدف التغطية على وجود مجموعات الحرس الثوري وعلى خطورة ولا شرعية وجودها والدور الذي تقوم به.. وذلك لأن نظام إيران يجد أن لا خيار له سوى محاولة دعم نظام سوريا الحالي الذي لا بديل له ولا غنى عنه لما يملكانه من قواسم مشتركة في التركيبة السياسية العداء لمكونات أساسية في المنطقة، وكذلك هو الحال أيضاً بالنسبة لحزب الله وحلفائه.. ولما كانت القدرة على التأثير المباشر في مجريات الأحداث المتفاقمة والمتطورة على الأسوأ في سوريا.. فقد وجد هذا المحور..(إيران- سوريا- حزب الله) أن من الضروري التهويل بتطوير الصراع على السلطة من داخل سوريا إلى خارجها.. وكان قد سبق لهذه القوى مجتمعة أن لوحت بهذا الخيار في حال استهداف بشار الأسد مباشرةً أو أوشك نظامه على السقوط.. من هنا جاءت الاعتداءات المتكررة على بلدات وقرى ومدن الشمال والبقاع لإثارة الرعب والخوف والهلع في نفوس المواطنين اللبنانيين كافة
ويبقى السؤال الأهم وهو كيف اتفق أن الاعتداءات تتم فقط بحق وضد فريق لبناني ومكون أساسي في التركيبة اللبنانية...؟
ولماذا تتقاعس القوى الأمنية في الدفاع عن المواطنين اللبنانيين في هذه القرى والبلدات..؟ هل المطلوب منها أن تحمل السلاح للدفاع عن نفسها وهل هذا التصرف مسموح ومقبول..؟؟ أم حينها ستنطلق أقلام الصحافة الصفراء في الحديث عن حالة انتشار السلاح في قرى وبلدات معينة ذات طابع معين وانتماء محدد..؟؟ هل هذا هو الهدف والمطلوب..؟ وأي كيان هذا الذي نعيش فيه، وأي مستقبل ينتظر أبناءنا وأحفادنا ونحن نرى التمييز والعنصرية قد أصبحت متفشية ومنتشرة ولدى البعض هي مبررة...شرعاً وقانوناً..؟؟
صحيح أن لنظام سوريا تأثير مباشر وغير مباشر على بعض القوى في دول المحيط والمجاور له، ولكن ضعفه وانشغاله في الصراع الداخلي أفقده الكثير من الأوراق المهمة والهامة وأبعدت عنه عوامل قوته وإمكانيته على التأثير.. في حالة الاستقرار الحالية في دول الجار وبالتحديد في فلسطين بعد ابتعاد حماس عن دول وقوى هذا المحور.. وكذلك حال بعض المجموعات العراقية التي لم تعد ترى في النظام السوري راعياً قوياً وحليفاً يعتمد عليه
لذلك لم يبق من إمكانية للعبث والتهديد بالفوضى وإشعال المنطقة طائفياً ومذهبياً في المنطقة سوى الكيان اللبناني الهش بتركيبته الاجتماعية والطائفية وعمق نزاعات سياسييه وطموحات بعضهم بمن فيهم بعض رجال الدين الذين يستندون في حضورهم ومواقفهم ودورهم لرعاية نظامي سوريا وإيران..وأضف إلى ذلك أن شعوراً من هذه القوى يفيد بأن غياب النظام السوري الحالي عن الساحة سوف يقطع خط إمدادها مع إيران الراعي والممول المالي الأساس.. كما أن قدرتها على التلاعب بالواقع اللبناني سوف تتلاشى..لذا كان لا بد لها من لعب دور صاعق التفجير القابل للانفجار في أية لحظه بإشارة من سوريا وإيران، للإشارة إلى القوى الخارجية ودول المجتمع الدولي بان لبنان لن يكون بمنأى عن تداعيات التطورات السورية الداخلية وان الترابط والتداخل بين الشأنين اللبناني والسوري هو لصيق وقوي.. والخيار الوحيد للمجتمع الدولي للمحافظة على استقرار لبنان وهدوئه هو الإبقاء على نظام الأسد والتفاوض معه.. بأي شكل من الأشكال
ومع ذلك ورغم صعوبة الأوضاع واقلق على المستقبل الذي ينتاب فريق المحور السوري – الإيراني في لبنان، يدرك هذا الفريق أن لا قدرة له على مواجهة حرب مفتوحة على امتداد الساحة اللبنانية أو حتى الانخراط في حرب داخلية قد تبدأ في مراحلها الأولى سياسية ولكن ستتحول في نهاية المطاف طائفية ومذهبية، مما سيكشف حقيقة دوره وطبيعة مشروعه..؟؟ من هنا فإن المعارك العسكرية والاعتداءات الدموية التي تنشب بين الحين والأخر في أكثر من منطقة تبقى محدودة بالشكل والمضمون وحتى في المساحة والمكان والزمان بشكل يمكن معه ضبطها وضمان عدم خروجها عن السيطرة ولكن بعد تظهيرها إعلامياً بشكلٍ كبير مما يدفع العالم بأسره لمشاهدة خطورتها ونتائج تداعياتها والتعبير عن قلقه وخوفه في حال خرجت هذه الأحداث عن السيطرة
إلى جانب ذلك فإن الحديث المستجد الذي جرى مؤخراً عن عودة شبح الاغتيالات مستهدفاً رموزاً من قوى تحالف سوريا – إيران.. هدفه الإشارة إلى أن قوى هذا المحور هي المستهدفة فعلياً وإنها ضحية مفترضة من قبل قوى تكفيرية وإسلامية متطرفة وتهدف أيضاً إلى استدرار العطف والتأييد من دول الغرب التي يعاديها هذا الفريق كما يقول، لأن هذه القوى أي (الإسلامية) هي ما يخشى الغرب حضورها ودورها.. ولكن يتبين يوماً بعد يوم أن لا حقيقة لهذه المعلومات والدليل على ذلك أن القوى التي يتم اتهامها بالتخطيط أو بالتورط في هكذا مشروع يتم التواصل معها في المخيمات من قبل قيادات أمنية رسمية وحتى من قبل قوى متحالفة مع سوريا وإيران في لبنان حتى قيل أن بعضها يتلقى دعم مادي..؟؟
لذلك لا خوف من اندلاع حرب أهلية في لبنان لأن القوى القادرة على إشعالها هي القوى التي تمسك بزمام المبادرة والسلاح والميليشيا، وهي التي تدرك أن حرب مفتوحة مع الطوائف اللبنانية في لبنان معناها خسارتها لما اكتسبته أو حصلت عليه من مكتسبات على الساحة السياسية والأمنية اللبنانية طوال عقود الهيمنة والوصاية السورية....ولكن يبقى العنوان الأساس هل نحن المواطنون في لبنان متساوون في الانتماء والحقوق والواجبات أم لا...؟؟؟ والخشية كل الخشية أن يكون لا...!
0 comments:
إرسال تعليق