الأحد، 1 يوليو 2012

لواء إسكندرون بعد الجولان ... مهنة الأسد بيع الأوطان

بقلم: عبد العزيز الخليل
جلس العماد مصطفى طلاس مزهواً ومنتفشاً كما الطاووس، وقد رأى مقاعد المدرج السابع في كلية الآداب بجامعة دمشق قد امتلأت بالحضور؛ رجالاً ونساءً، طلاباً وأساتذة ليسمعوا المحاضرة الختامية في ندوة لقسم التاريخ أواخر الألفية الماضية (1998/1999م)، وقد بلغ به التيه أن أطلق للسانه العنان فتكلم في الأوضاع السياسية الراهنة آنذاك بلا تشفير أخلاقي وليس تشفيراً رسمياً بالطبع، فأطلق الأوصاف البذيئة والكلمات النابية على عرفات والملك حسين، وبعض النكات الجنسية المبتذلة التي أخجلت بعض الرجال قبل النساء، وما زاده غرورا إلا بعض الضحكات والتصفيق من هنا وهناك، غير أن سؤالاً غريباً جاءه في نهاية اللقاء من إحدى الفتيات الحاضرات قد أربكه، وقد ظن جميع من في المدرج وأنا منهم أن هذه الفتاه خرقاء بلهاء، فقد سألته: هل تنطبق مقولة (الأرض مقابل السلام) على حالة لواء إسكندرون مع تركية؟ أجاب -وقد أسعفته ابتسامات الحضور لهذا السؤال الغبي- بأن السؤال لا معنى له. أتسأل -حقاً- الآن هل كانت تلك الفتاة غبية خرقاء، أم أنها ذكية تعرف ما لا نعرف؟ وهل كنا نحن جميع الحضور أغبياء، ولم نعرف ما خفي عنا؟ اليوم بعد أن انقشعت الغشاوة عن أعيننا، وتكشّف المستور، ظهر أن هذه الفتاة –بقصد منها أو بغير قصد- كانت أفطن منا جميعا، فقد أثبتت الوقائع أن مقولة (الأرض مقابل السلام) نُفّذت مع تركية، ولكن الأمر تم بالمقلوب، فقد منحتنا تركية السلام مقابل التخلي عن أرضنا (لواء إسكندرون)، وأبعدت جيشها الغاضب والمتربص على الحدود بعد أن وقع نظام حافظ الأسد اتفاقية أضنة عام 1998م، التي تخلى على أثرها حافظ الأسد عن ورقته الكردية (حزب العمل الكردستاني) في مساومة الأتراك ومقايضتهم، كما تخلى فيها عن المطالبة بلواء الإسكندرون، فأوقف الحملات الإعلامية المطالبة به، وقام بحذفه من الخريطة السورية رويدا رويدا (وهي عادة أسدية أكدها المعلم مؤخراً)، فيما كانت المصادر السورية تنفي أمام الإعلام أي تخل عن لواء الإسكندرون، معللة بأن المصلحة السورية تقضي بتأجيل القضايا الخلافية مفضلة التعاون الاقتصادي والسياسي مع تركية. وليته وقف عند هذا الذل والإذعان، بل قضت الاتفاقية بالسماح للجيش التركي بالدخول إلى الأراضي السورية بعمق (15)كم لملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني، إضافة إلى حظر أي وجود عسكري سوري داخل هذه المنطقة، حتى غدا من دخل هذه المنطقة من السوريين آمنا من بطش النظام السوري (من دخل حمى الأتراك فهو آمن)، وأما الأكراد (سوريون وأتراك) فهم غير آمنين من الجيش التركي، ولعل الجميع شاهد النازحين السوريين الذين أقاموا مخيماتهم داخل الأراضي السورية، ولم تستطع قوى الشبيحة والأمن أن تطالهم. لقد باع حافظ الأسد لواء الإسكندرون للأتراك كي يحافظ على الكرسي، كما باع الجولان ليستلم الكرسي، وفي كل بيعة له لا بد أن يقدم هدايا تذكارية للمشتري، فسلم الزعيم الكردي عبد الله أوجلان كسكرة بعد الاتفاق، مثلما أهدى الكيان الصهيوني (فوق البيعة) حدوداً آمنة طوال أربعين عاماً، فغدا الجولان المحتل جنة في الدنيا خضرة وجمالاً، فيما الشق السوري يبكي دماراً وأطلالاً خربة، لا لشيء إلا لنتسول عليها دموعاً مبتذلةً ودعماً زائفاً. وكما يقول المثل الشائع (هذا الشبل من ذاك الأسد) فقد جرب الأسد الصغير حظه في البيع فقرر أن يمتهن مهنة أبيه وأجداده من قبل (حينما حالوا أن يستبدلوا بسورية وطناً مسخاً)، فلم يبع هذه المرة جزءاً من سورية كعادة البائع المحترف (أبيه)، بل باع ما لا يملكه هو أو غيره، إذ باع فلسطين للصهاينة، ولكن علانية هذه المرة، وأمام وسائل الإعلام، فاعترف بالكيان الصهيوني، من خلال اعترافه بدولة فلسطينية على حدود67، وهي التي كان يرفضها –كذباً ومخاتلةً- طوال العقود الماضية، والسبب بادٍ للجميع، وهو النجاة بالكرسي، حتى غدا لسان بشار هاتفاً (يا إسرائيل ما إلنا غيرك يا إسرائيل). وإذا ما عرفنا الآن أن بعض آل الأسد بدأ يبيع ممتلكاته هنا وهناك خوفاً من الطوفان، فالسؤال القادم: ماذا سيبيع الأسد الصغير وهو يصارع أمواج الشعب للبقاء على الكرسي؟

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية