الثلاثاء، 14 أغسطس 2012
"حزب الله" أمام خيارين لا ثالث لهما
3:24 م
اضف تعليق
علي الحسيني
الإقلاع بداية والسقوط نهاية، عبارة تختزل ما آلت إليه الأوضاع السياسية في لبنان، البلد مقسوم بين شطري الثامن والرابع عشر من آذار، وادّعاء الوسطية من أي جهة لم يعُد يخدم القضية ولا يُجدي نفعاً، إنّه زمن التسابق نحو القمة والكل يعلم أنّ الخاسر الوحيد في هذا السباق هو من تُسقطه الضربات على طرفي الطريق أو حتى في نصفه قبل بلوغه منصة التتويج.
حلفاء سوريا في لبنان هم في سباق مع الزمن، علّهم يصلون إلى الضفة الآمنة، ومع هذا تراهم اليوم أكثر ضعفاً ووهناً إذا ما قيست أحوالهم مع سنوات خلت يوم كان القرار لهم وحدهم، لكن اليوم تبدّل والمرحلة الحالية لا تُشبه سابقاتها لأنّ "المايسترو" السوري ضابط إيقاع الأكثرية الحالية هرم وبلغ من العمر عتياً، فوهنت أعضاؤه وفروعه جرّاء الإخفاقات المتتالية التي لحقت به.
الأوضاع الآنية بدأت تُنذر بقرب سقوط منظومة عاثت في البلاد فساداً قبل أن ينكشف زيفها وفضحها من خلال معلومة خرجت من فمّ احدهم داخل فرع "المعلومات"، وهنا مربض الفرس إذ تقول مصادر سياسية إنّ " قوى "8 آذار" بدأت تتداعى الواحدة تلو الأخرى، وما كان يُسمّى برأس محور الممانعة والمتحدّث الأوحد باسمه أصبح اليوم متّهماً بمحاولة قتل لبنانيين وزرع الفتنة المذهبية والطائفية في البلاد، وبناءً عليه أصبحت الحكومة الحالية لزوم ما لا يلزم وتكويناتها تحتمّ عليها الرحيل اليوم قبل الغد"، وتلفت إلى أنّ "الأرض المهتزّة والمهترئة التي تقف عليها الأكثرية الحالية تجعلها تنذر بعودتها إلى حجمها السابق لأنّ ما عاد يجمعها أصبح أقلّ بكثير ممّا يفرّقها وهي ستشهد في المرحلة المقبلة مجموعة انشقاقات على غرار ما يحصل داخل النظام السوري حليف هذه القوى".
وتكشف المصادر نفسها أنّ "حزب الله" وعلى رغم كلّ ما يحصل حوله، فهو لن ينجرّ على الإطلاق إلى فتنة داخلية، لأنّ مغامرة كهذه سوف تفقده موقعاً ما يزال يجعله متحكّماً بإمبراطورية ما تسمّى بـ"محور الممانعة" الذي أكل الدهر عليه وشرب"، وتؤكّد أنّ "الحزب يقوم في هذه المرحلة بدراسة خطواته بشكل دقيق ومتقن، وهو يحاول قدر الإمكان الابتعاد عن أي وجهة نظر لا تعبّر عن توجّهاتها للمرحلة، وهذا الأمر بان بعد عدم تبنّيه كلام رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد بأن الحزب لن يسكت عن موضوع الوزير والنائب السابق ميشال سماحة".
وتابعت المصادر قولها "هناك انقسام فعلي داخل قوى "8 آذار" حول الطريقة التي يجب أن تُتّبع في هذه الفترة، فمنهم مَن يرى أنّ الأمور لن تستقيم إلّا إذا تمّت مواجهة الفريق الآخر بالقوّة وتحديداً عبر السلاح، بينما يدعو البعض الآخر وتحديداً "حزب الله" إلى اعتماد الطرق الدبلوماسية الكفيلة وحدها بإبقائهم بعيدين عن الأحداث الحاصلة وغير المعروف أين ستحطّ رحالها خصوصاً أنّ قرارات تتعلّق بالمحكمة الدولية في انتظار أن تُعلن في أيّ وقت"، وتشير إلى أنّ "المشهد بالنسبة إلى مصير الحزب لا يبدو ضبابياً طالما أنّه يقف إلى جانب النظام في سوريا ويشجّعه على سفك المزيد من دماء الشعب السوري، ومن هنا يبدو أنّ إحدى خياراته المستقبلية سوف تعتمد سياسة النأي بالنفس عن كلّ ما من شأنه أن يسحب من يده ورقة المقاومة ضدّ إسرائيل".
وتؤكّد المصادر أنّ "حزب الله" وأمام ما يجري من أحداث إقليمية وما يتبعها من ارتدادات في الداخل اللبناني سوف يصل إلى نتيجة يقرّر فيها الخروج من لعبة الزواريب السياسية الداخلية والانكفاء إلى الخلف للاهتمام بموضوع المقاومة فقط. فبعد دراسات معمّقة وصل إلى نتيجة مفادها أنّ خسارته للأوراق الداخلية أقلّ ضرراً من خسارته للجسم المقاوم، وإلّا سوف يكون على مقربة من خسارة الإثنين معاً"، وتشدّد على أنّ "حزب الله" مستعدّ لفعل أيّ شيء من أجل إبعاد شبح المحكمة عنه، لأنّه يعلم علم اليقين أنّ هناك مجموعات داخله مخترقة تعمل بإمرة القيادة السورية من دون العودة إلى قيادتها الحقيقية، والنقاش الدائر في أوساط الحزب يتركّز حالياً على دراسة كافة الجوانب القضائية والأمنية المتعلقة بعناصر تابعة له متّهمة في مجموعة جرائم".
وتجزم المصادر أنّ "خيارين لا ثالث لهما يجري تداولهما داخل قيادة الحزب، الأول يعمد إلى خلق توترات أمنية متنقلة في مختلف المناطق لإرباك اللبنانيين وثنيهم عن الاهتمام بما ستفضي إليه الأحداث في سوريا وما قد يصدر عن المحكمة الدولية، والثاني يقضي بسحب يده من حلفائه المتورطين بأعمال جرمية وإعلان براءته منهم ومن أفعالهم، وفي طليعتهم الوزير والنائب السابق ميشال سماحة"، وتخلص إلى القول "إنّ جوّاً من عدم الثقة بدأ يسود قوى "8 من آذار" خصوصاً بعد الصمت الذي لفّ "حزب الله" حيال هذه القضية، ومن المرجّح أن يُعلن الحزب لاحقاً تفرّغه للعمل المقاوم لاسترجاع هيبة فُقدت بعدما ضاعت في دهاليز السياسات الخارجية قبل المحلية".
"الجمهورية"
0 comments:
إرسال تعليق