الأربعاء، 31 أكتوبر 2012
هذا ما آلت إليه صورة إيران في المنطقة!
12:07 م
اضف تعليق
القاهرة- فادي شامية
لم تكن صورة إيران في العالم العربي سوداء كما هي اليوم. حتى في أحلك أيام الحرب العراقية- الإيرانية كان من العرب من يؤيد إيران –أو يتفهم موقفها- إزاء نظام "البعث" في العراق. تراجعت صورة إيران كثيراً عما كانت عليه في بدايات ثورة الإمام الخميني، لكنها لم تبلغ الحضيض الذي وصلته في وقتنا هذا، بما في ذلك الفترة التي أعقبت احتلال العراق، وانتشار القتل المذهبي الذي تورطت به الميليشيات التابعة لـ "المشروع الإيراني". ليس أشد من الثورة السورية على صورة إيران وأدواتها في المنطقة اليوم؛ إنها الثورة الكاشفة فعلاً!.
في ظل تنامي العداء للمشروع الإيراني في المنطقة العربية والإسلامية؛ انعقدت ندوة في القاهرة قبل أيام (14/10/2012) ضمت عدداً لا يُستهان به من الباحثين والمفكرين العرب، بدعوة من "مركز أمية للبحوث والدراسات الإستراتيجية" (مركز دراسات مهتم بالقضية السورية قريب من "الأخوان المسلمين"). أكثر من 14 بحثاً أضاءت على مرتكزات المشروع الإيراني؛ السياسية والديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية والقيمية، وعلى واقع ومستقبل هذا المشروع وعلاقته بـ"الربيع العربي"، قدّمها باحثون إسلاميون وقوميون عرب.
البحوث والمداخلات جميعها أجمعت على خطورة "المشروع الإيراني الطائفي التوسعي"، وإن اختلف بعضها في كيفية التعامل معه، وفي الغضون قاربت النقاشات موضوعات حساسة من قبيل؛ الفتنة المذهبية الناشطة حالياً، وترتيب المخاطر التي تواجه الأمة العربية، غير أن البيان الختامي خلص إلى تأكيد العداء لـ "المشروع الإيراني" لا الشعب الإيراني، "انطلاقاً من أن العرب لا يعادون إيران بالمطلق، وإنما يعتمد ذلك على جوهر السياسات الإيرانية تجاه العالم العربي"، مع شديد التحذير من "أدوات المشروع الإيراني في العالم العربي، سواء كانت تعمل تحت مسمى الوحدة الإسلامية، أو مناصرة القضية الفلسطينية، والتحذير من استغلال هذه القضايا للنفاذ إلى العمق العربي، أو محاولات صرف النظر عن خطورة المشروع الإيراني، بتسليط الضوء على خطر المشروع الإسرائيلي المُجمع على عداوته؛ فكلا المشروعين يعمل على تقويض المجتمعات العربية لصالح الهيمنة الخارجية"!.
وإذ بلغ العداء لـ "المشروع الإيراني" عتبات "المشروع الصهيوني"، فقد شددت خلاصات أعمال الندوة على "رفض نظرية اعتبار الشيعة العرب جميعهم جزءاً من المشروع الإيراني، لأن خطورة المشروع الإيراني لا تكمن في المذهب الذي يتبعه وإنما في عنصريته وتوسعه؛ فضلاً عن أن أدواته تضم شيعة وسنة وغير مسلمين أيضاً". إضافة إلى ضرورة "حث الشيعة العرب الرافضين للمشروع الإيراني على تفعيل حراكهم السياسي رفضاً لهيمنة نظام ولاية الفقيه".
ولأن النظرة إلى إيران مهما كانت سلبية، إلا أن التعامل مع واقع الجغرافيا والتاريخ، يدفع – وفق خلاصات الندوة- باتجاه "إنشاء مراكز أبحاث متخصصة في الشأن الإيراني بما يساعد على دراسة الواقع والمشروع الإيراني بشكل علمي وموضوعي، وإنشاء وسائل إعلامية عربية موجهة إلى الداخل الإيراني وناطقة باللغة الفارسية لمخاطبة المجتمع الإيراني بلغة العقل والحوار".
في الندوة التي نقلت أعمالها غير فضائية مصرية وعربية، لفتت موضوعات ساخنة؛ من قبيل حال عرب الأهواز، وعلاقة إيران في تسعير الاضطرابات في البحرين والسعودية، و"استعمالها حزب الله للوصول إلى شواطئ المتوسط"، غير أن الموضوع الأشد حرارة تمثل بتورط إيران وأدواتها في الدم السوري. في هذا الموضوع بالذات لم يكن ثمة "تسامح"، إلى درجة فقدان الموضوعية وأدب الحوار أحياناً إزاء من يبدي أعذاراً مخففة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد انعكس ذلك في طلب "مناصرة الثورة السورية التي تعاني من إجرام المشروع الإيراني، ومطالبة الكتائب المسلحّة التابعة لإيران بالكفّ عن الاشتراك في قتل السوريين إلى جانب المجرم بشار الأسد، وتنبيههم إلى أنهم يتعاملون مع سليل خيانة يغطي نفسه بشعار الممانعة الفارغ".
عندما تنحدر صورة أي مشروع إلى درجة اعتباره عدواً -أو خطراً على أقل تقدير-، فهذا يعني أنه لم يعد قابلاً للاختراق والتوسع، لكن ذلك لا يلغي، أن العرب بحاجة إلى قيام مشروع جامع، لمواجهة المشروعات المتصارعة على المنطقة العربية!.
0 comments:
إرسال تعليق