على أهمية الدلالة التي اكتسبها الاتصال الذي تلقّاه رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط من نائب وزيرة الخارجية الاميركي وليم بيرنز (مساء الاثنين) والذي شكل حضاً اميركياً واضحاً للزعيم الدرزي على المساعدة في تشكيل حكومة جديدة في لبنان، بدا المأزق الحكومي والسياسي في طريق مسدود يصعب معه التكهن بأيّ آجال ومواعيد زمنية محتملة للخروج منه.
وأعربت أوساط واسعة الاطلاع عن اقتناعها بأنّ الحركة الديبلوماسية الكثيفة التي شهدتها بيروت في الاسبوعين الاخيرين، ولا سيما في ظل زيارتيْ كل من مساعدة وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى اليزابيت جونز ومن ثم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند فوزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، بدأت تبرز نتائجها الاولية في تكوين موقف غربي وعربي عريض متفهّم لضرورات تغيير الحكومة الحالية كممرّ لا مفرّ منه للعبور بلبنان الى مرحلة أكثر ثباتاً وتحمل ضمانات الحد الادنى الممكنة للتحضير للانتخابات النيابية المقبلة والحد من انعكاسات الازمة السورية على لبنان.
وقالت هذه الاوساط ان هذا المناخ يمكن اعتباره نقلة نوعية بالغة الاهمية ولو ان الموقف الغربي لا يزال يخشى ما يسمى الفراغ ويشدّد على ضرورة اقتران السعي الى تأليف حكومة جديدة بحوار سياسي يكون بمثابة «حزام أمان» للمرحلة المقبلة.
واذ اكدت ان التطور المتمثل باتصال بيرنز بجنبلاط يعني ان الاميركيين انتقلوا الى مرحلة متقدمة في إثبات اهتمامهم بالوضع اللبناني رغم انشغالهم بالانتخابات الرئاسية الاميركية، اضافت ان مجمل المشهد الذي أعقب زيارتيْ هولاند لبيروت والسعودية بدأ يسفر عن مكسب سياسي مهمّ لقوى 14 آذار على صعيد إقناع المجتمع الغربي والدولي بمطلب تشكيل حكومة جديدة. ولكن هذا المكسب لا يعني ان الطريق اصبحت مسهلة اكثر نحو تحقيق هذا الهدف، بل ان الاوساط نفسها لم تُخْف خشيتها من تعقيدات اضافية قد تبرز تباعاً امام الجهود المحتملة للخروج من الازمة.
ففريق الاكثرية وقوى 8 آذار لم يظهر حتى الان اي استعداد لمجرّد الكلام حول التغيير الحكومي. ولا تستبعد الاوساط الواسعة الاطلاع ان تؤدي طلائع التفهم والدعم الدولي لمطلب التغيير الى رد فعل معاكس يتمسك عبره اطراف الحكومة لاسيما فريق 8 آذار بالرئيس نجيب ميقاتي كخط احمر ممنوع تجاوزه ايا تكن الاحتمالات المقبلة سواء بتغيير محتمل للحكومة او بالابقاء على الحكومة الحالية ، وهو ما يُنتظر ان تتحدّد معالمه في الكلمة التي يلقيها الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله يوم الاثنين وهي الاولى له منذ اغتيال اللواء وسام الحسن في 19 اكتوبر.
وترى الاوساط نفسها ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وان كان يحظى بدعم دولي واسع في جهوده الآيلة الى الخروج من المآزق، يبدو الآن كمن يمسك بـ «كرة النار» منفرداً لان مجمل الدعم الخارجي له لن ينفع في تدوير الزوايا في المواقف الداخلية المتناقضة والشديدة التعارض قبل مرور مرحلة قد لا تكون قصيرة لاقتناع الجميع بضرورة التوجه فعلاً نحو التفاوض السياسي حول مخرج توافقي. وفي رأي الاوساط ان مرحلة «عضّ الاصابع» لا تزال الان طرية العود وفي مطالعها، بما يعني ان اي فريق في معسكريْ 8 آذار و14 آذار لن يكون قابلاً للمساومة والمرونة قبل مرور مزيد من الوقت.
ولذا تعتقد الاوساط ان اهمية التحركات الخارجية الاخيرة ستبدأ بالاتضاح والتأثير حين تشكل اطاراً منسقاً وعملياً لمساعدة الافرقاء المحليين على الحوار وتشكيل جسر خلفي داعم لجهود رئيس الجمهورية، ولكن بلورة هذه الجهود ستحتاج حتماً الى وقت يتجاوز الاسابيع القليلة.
وكان لافتاً ان زيارة عمرو التي تستمر حتى اليوم والتي تشمل لقاءات مع رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والبرلمان نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي وشخصيات سياسية، جاءت وسط المؤشرات السلبية التي «لمستها» القاهرة بإزاء مستقبل الازمة السورية ولا سيما من خلال زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لمصر، علماً ان وزير الخارجية المصري سيغادر بيروت الى الدوحة لمواكبة مؤتمر تستضيفه حول الأزمة السورية.
وفي اليوم الاول لزيارته العاصمة اللبنانية، برز «تدشين» الوزير عمرو لقاءاته باجتماع عقده مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في مقر الاخير في معراب، حيث حمل رسالة دعم لاستقرار لبنان وامنه ودعوة للحفاظ على وحدته الوطنية عبر الحوار لحل المشكلات الناجمة عن اغتيال الحسن وتأثير الأزمة السورية. واعلن عمرو بعد الاجتماع «انني جئتُ برسالة من الرئيس المصري محمد مرسي ومن الشعب المصري كله لأقول ان مصر تقف بجانب لبنان»، لافتا إلى ان «اللقاء مع الدكتور جعجع كان مثمرا».
ومن جهة أخرى، لفت إلى ان «سورية دولة مهمة وما يحدث فيها يؤثر على المنطقة»، مشيرا إلى ان «مصر تسعى لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية ووقف سقف الدماء».
من جهته، أشار جعجع إلى أن «وزير الخارجية المصري أتى إلى لبنان برسالة محبة وصداقة ولم يدخل في التفاصيل»، لافتاً إلى أن «الدول العربية والأجنبية محرجة بالتعاطي مع الحكومة الحالية وزيارة الرئيس الفرنسي أكبر مؤشر على ذلك حيث ان ميقاتي والرئيس بري لم يحضرا للقصر الجمهوري القصر لاستقباله»، قائلا: «الدول أعادت النظر بهذه الحكومة».
وردا على سؤال حول مبادرة سعودية - فرنسية لإنهاء الحالة الموجودة في لبنان قال: «لم أسمع بشيء من هذا القبيل وأشك بوجود أي مبادرة»، منتقدا «الدعوة لأي حوار لتشكيل حكومة لأن الحكومة تشكل وفقا لما ينص عليه الدستور أي من خلال المشاورات».
وفي موازاة ذلك، شكّل الاتصال الذي تلقاه النائب جنبلاط مساء اول من امس من وليم بيرنز تطوراً بالغ الدلالات، ولا سيما في ضوء ما كشفته مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي من انه جرى خلال الاتصال التداول في الوضع الراهن في لبنان «حيث تمنى بيرنز على جنبلاط المساعدة في تأليف حكومة لبنانية جديدة من دون الوقوع في الفراغ
المنار
افادت قناة "المنار" ان لقاء جمع مسؤولين من الحزب "التقدمي الاشتراكي" و"حزب الله" مساء أمس وشدد على تفعيل العمل الحكومي، وهو اعادة للقاءات التنسيقية بين الحزبين.
واشارت "المنار" الى ان اللقاء الذي عُقد في منزل وزير الاشغال العامة غازي العريضي استمر اربع ساعات، وشارك فيه عن "حزب الله" الوزيران محمد فنيش وحسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا، اما عن الحزب "الاشتراكي" فبالاضافة الى العريضي شارك الوزيران علاء الدين ترو واكرم شهيب.
وذكرت القناة ان اللقاء اكد على سياسة النأي بالنفس تجاه الاحداث السورية.
هذا واوضح الوزير العريضي "اننا اتفقنا باللقاء على امور واختلفنا على امور اخرى، مع تأكيد عدم الدخول على خط الازمة السورية، كما تحدثنا عن الواقع السياسي ومخاطر الفتنة السياسية".
ولفت الى انه تمت مناقشة "مسألة الحكومة والموضوع الاقتصادي الاجتماعي وامكانية معالجة ابواب الهدار والفساد التي يُحكى عنها"، معلنا ان "اللقاء الدوري سيلتئم مجددا بغض النظر عن الظروف".
0 comments:
إرسال تعليق