الأحد، 6 يناير 2013

أَوقفوا سمّ الرابيه ( ميشال عون وجماعته)

لم تعُدْ المسألة مجرّد زلاّت، أو فلتات لسان، اشتهر بها صاحبها، وأوهموه بأنّها تزيد شعبيّته بشعبويّتها، وتجمع الشارع حوله بلغة الشارع، وتمنحه القرب من الناس وكلامهم اليومي.

المسألة وصلت إلى مرحلة شديدة الخطورة، تضرب قيَم المسيحيّين وحضورهم ورسالتهم، عبر ضرب النسيج الإجتماعي الذي ينتمون إليه في الشرق.

وخطورتها تكمن في دوافعها وعوامل تحريكها المكشوفة، والتي يُمكن تلخيصها بثلاثة:

1 -  المشروع الذي ارتبط به صاحب الخطاب التهديمي، وهو مشروع الأقليّات الكبرى والصغرى، من إيران إلى عائلة الأسد و"حزب الله" وبعض المسيحيّين، ودائماً عبر إسرائيل.

2 -  المنافع والمكتسبات الماديّة والسياسيّة، وليس أقلّها الصفقات والحسابات المفتوحة، وكتلة كبيرة من الوزراء والنوّاب.

3 -  هاجس الإنتخابات الذي يقضّ مضجع صيّاح الرابيه، ويكاد يُفقده السويّة البشريّة، واللغة السياسيّة المقبولة، والإتّزان الإنساني.

لم تعُدْ في قاموسه محرّمات. يلتزم تكليفه بأمانةٍ منقطعة النظير. ما لا يستطيع الثلاثي في الضاحيه ودمشق وطهران قوله، ينبري هو إلى ردحه من منبره. وموقفه من النازحين ليس سوى للإستهلاك.

 يفتّش بالفتيلة والسراج عن موضوع، عن تهمة، عن مسبّة، عن كلمة ساقطة، عن نتعة، عن طفرة، عن زفرة... كي يحكّ على حساسيّة البسطاء من المسيحيّين، لعلّهم يُنجدونه بأصواتهم، وينتشلونه من حفرته.

آخر نتعاته كانت وضع كلّ السُنّة في سلّةٍ واحدة: جميعهم بن لادن وزرقاوي وعبسي... حاضنين ومحضونين. كلّهم "تكفير وهجرة" . إرهابيّون بالجملة وبالسليقة، بشحطة قلم ونزوة منبر!

وكأنّه يدعو المسلمين إلى اعتبار جميع المسيحيّين القسّ جونز، أو رسماً كاريكاتوريّاً في الدنمارك وفرنسا، أو كائناً بدائيّاً في مجاهل أفريقيا. أمّا العيش المشترك والإرشاد الرسولي، فتحت زنّاره.

هكذا طلبوا منه، أن يشتم ويتّهم طائفة بأكملها، مفسّراً القرآن، ومعلّماً المسلمين أصول دينهم!

 وهكذا نصَحَته بطانته الرديئة بتقديم نفسه سيفاً للنصارى، لاسترداد عطف الناس على منعطف الإنتخابات

المعيب أنّ "زعيماً" سياسيّاً مسيحيّاً يتولّى بنفسه الردّ على أصوات نافرة، من الدرجة العاشرة، أطلقت شعاراً ممجوجاً أو أدلت بتصريح متزمّت. ويتجاهل أصواتاً  من الدرجة الأولى، دينيّة وسياسيّة، من الأزهر إلى أئمّة وقادة في لبنان وسوريّا والعالم العربي. لم يقرأ وثائق أحمد الطيّب ورسالة معاذ الخطيب.

والمؤسف أن يقضي هذا "الزعيم" وقته في تصيّد كلمة هنا، أو تصريح متوتّر هناك، أو موقف أرعن هنالك، كي ينهال بالتقريع والتشنيع على دين أو طائفة أو مذهب، وعلى نازحين بسبب مذهبهم ومعارضتهم للنظام، وكأنّه مهووس بالحفر في السلبيّات، مقدار هوسه بحفر القبور.

لكنْ، لا عتَبَ على من ينبش قبر جاره، طالما أنّه نَبَشَ قبر أخيه.

ولا أحد ينتظر منه أن يصحو ويعتذر من المسلمين. فمن كانت هذه حالته لا يُلام، بل يُكافَح.

 إذاً، المشكلة تتطلّب مكافحة وعلاجاً، من أجل منع ضررها على المسيحيّين قبل سواهم

 فمَنْ هي الجهة القادرة على العلاج ولجم هذا الهياج، واحتواء الأذى الذي يسبّبه الهائج بتماديه في  "تكليفه الشرعي"، وربّما بتجاوزه حدود التكليف؟  لعلّه يرقص بأقوى من ضرْب "حزب الله" على الطبل!

بالتأكيد، الجهة المعالِجة ليست مجموعة مؤيّديه والهتّافين له. فهي فاقدة قدرتها على التمييز والموقف النقدي، والتجرّؤ على الخطأ والإنحراف.

وليست كذلك الضوابط الذاتيّة لديه مع حاشيته، ففرامله معطّلة منذ زمن بعيد.

ولا نعتقد أنّ هذه الجهة المُصلحة هي المرجعيّات الروحيّة والسياسيّة المسيحيّة. فبعضها في موقع النقيض غير المؤثّر، وبعضها الآخر في موقع القريب الساكت كشيطان أخرس، أو المراوغ كقطّ أملس.

فلا يبقى أمل في إنقاذ هذا المتورّط من نفسه أوّلاً، وإنقاذ المسيحيّين واللبنانيّين من شرّه ثانياً، إلاّ بإحدى وسيلتيْن أرضيّتين، إذا استأخرنا الوسيلة السماويّة:

-  أنْ يستيقظ ضمير المكلِّف، فيعدّل شيئاً من أوامر التكليف ونواهيه، ويضع بعض الماء في نبيذ المكلَّف     (ولو كان لا يتعاطى هذا النوع من المحرّمات فقط ، علناً على الأقلّ). وهذه الوسيلة قليلة الحظّ.

-  أو وسيلة التأديب الشعبي، في يقظة مسيحيّة استثنائيّة، بدأت طلائعها قبل 4 سنوات، وتكتمل في الربيع المسيحي الآتي.

 وهي الوسيلة الوحيدة الناجعة لمنع سموم الرابيه من التفشّي في الجسم اللبناني والمشرقي.

هذه اليقظة ضروريّة وملحّة، لئلاّ يعصف جموح فرد بمصير جماعة.

 قبل أنْ "يقضي الله أمراً كان مفعولا".

الياس الزغبي

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية