الثلاثاء، 12 فبراير 2013

لبنان ترانزيت لتهريب السجائر!

استورد لبنان في عام 2012 منتجات تبغ وتنباك بقيمة 339 مليون دولار. أي بمعدّل 85 دولاراً للشخص الواحد تقريباً. يدلّ ذلك على طلب قوي يُسجّل نمواً مطرداً، ولكن علاقة لبنان بالتبغ لا تقتصر على الاستهلاك المحلي بل تتعداه إلى (محاولات) التهريب
  
  
 يرصد المهرّبون المخضرمون فرصة في لبنان لإدخال بضائعهم الفاسدة أو غير القانونية إلى السوق المحليّة. ظهر هذا السلوك من فضائح عديدة، من القمح وصولاً إلى معامل كوكايين كاملة. ووفقاً للمعلومات التي نشرتها «الأخبار» في أكثر من مناسبة، فإنّ أشخاصاً يعملون في مرفأ بيروت يستخدمون أوراقاً مزوّرة لتيسير إدخال البضائع على نحو مخالف للقانون. ولكن يبدو أنّ محاولات التهريب لا تقتصر على الانتفاع من السوق المحليّة بل أيضاً على أداء دور الترانزيت، وعبر لاعبين غير محليين أيضاً.
  
 فوفقاً لبيان أصدرته سفارة الجمهورية المصرية في لبنان أمس، فإنّ إدارة الجمارك اللبنانية أحبطت محاولة تهريب سجائر مزوّرة من ماركة «كليوبترا» عبر لبنان بعدما تقدّمت الشركة الشرقية المصرية (Eastern Company Egypt) منذ عام تقريباً بشكوى إلى المكتب التجاري في السفارة.
  
 وفي التفاصيل، أنّ أربع حاويات (Container) من أصل 15 حاوية تابعة لشركة أردنية كانت تحوي 40 طناً من السجائر المزوّرة من ماركة «كليوباترا» المصرية، جرى ضبطها منذ فترة عام تقريباً، وأتلفت أخيراً تحت إشراف وفد من الشركة المذكورة زار لبنان «لحضور عملية إعدام السجائر» (!)
  
 وبحسب البيان نفسه، فإنّ الإضرابات التي شهدتها مصر منذ عام 2011، حين أطيح الرئيس محمد حسني مبارك (وهي اضطرابات لا تزال مستمرّة حتّى اليوم) أدّت إلى استغلال المهرّبين الخلل على المعابر لإدخال كميات من السجائر المزورة. وقال إنّ بعض الشركات عمدت «خلال العامين الماضيين (إلى) استغلال الأوضاع الأمنية في مصر وتهريب السجائر».
 وتُقدّر الخسائر الضريبية من هذه العملية بحوالى 500 مليون دولار سنوياً.
  
 وتوضح مصادر مسؤولة مطّلعة على هذه القضية أنّ إدارة الجمارك ضبطت هذه الكمية قبل عام تقريباً بعدما تبيّن أنّها مستوردة من الصين عبر شركة «التاج» الأردنية بهدف تصديرها إلى السوق الليبية.
  
 وقد تأخّر إتلاف الكمية لأنّ القانون ينصّ على ضرورة حضور الشركة المصنّعة، لأنها في نهاية المطاف من يتحمّل العبء المادّي لعملية التلف التي تراوح بين 10 ملايين و20 مليون ليرة.
 ورأى البيان أنّ الإجراءات المتّحدة في بيروت تُعدّ «تحدياً واضحاً لمافيا التهريب الدولية، ورسالة تحذير لشركات التهريب بعدم استخدام الموانئ اللبنانية كبوابة لعبور البضائع المزورة».
 طبعاً لن يتحدّى لبنان ومصر تلك المافيا، بدليل بسيط هو أنّ معالجة هذه القضية وحدها تطلّبت عاماً كاملاً بينهما! أكثر من ذلك، فإنّ الأبحاث التي أجريت خلال العقدين الماضيين أثبتت أنّ تهريب التبغ عالمياً يتم عبر شبكة أعمال تُقدّر إيرداتها بمليارات الدولارات تقوم على «تحالفات» بين الشركات الرسمية والمهرّبين لتهريب ثلث صادرات السجائر عالمياً بهدف التهرّب من الضرائب والرسوم!
  
 على أي حال، استورد لبنان في عام 2012 ما قيمته 338.9 مليون دولار من التبغ ومنتجات التبغ والتنباك المصنّع (ما يمثّل أكثر من 1.5% من إجمالي الواردات) بنموّ نسبته 10% عن عام 2011. واللافت في هذا النموّ هو أنّه يُسجّل في العام نفسه الذي انطلق فيه العمل بالقانون رقم 174 الذي يحظر التدخين في الأماكن العامّة المغلقة، وفيما تراجع عدد السياح الوافدين بنسبة 17.5%.
 ولكن يبدو أنّ موجة النازحين من الصراع الأهلي في سوريا إضافة إلى استمرار الطلب المحلي القوّي عوّضا عوامل كبح الطلب، وعززا الإقبال على هذه السلعة التي تضرّ بالصحّة وتؤدّي إلى الإصابة بالأمراض السرطانيّة.
  
 وتؤكّد المصادر نفسها أنّ معدّلات تهريب السجائر إلى لبنان تراجعت على نحو كبير خلال فترة العامين الماضيين مع تدهور الأوضاع في سوريا. غير أنّها تُشير إلى أنّ الطلب المحلي استمر بالنموّ نتيجة تدفّق النازحين من البلد المنكوب.
  
 ويُعدّ لبنان بلداً مدخناً من الطراز الأوّل. ويبلغ معدّل المدخّنين 38.5% من إجمالي السكّان؛ يرتفع إلى 46.8% في أوساط الذكور وينخفض إلى 31.5% بين الإناث وفقاً لبيانات منظّمة الصحّة العالميّة.
 ولا يقتصر تعاطي لبنان مع الخارج في مجال التبغ على الاستيراد، فهو يُصدّر أيضاً. وتوضح البيانات الجمركية لعام 2012 أنّ صادرات لبنان من التبغ والتنباك بلغت 20.4 مليون دولار، بنموّ نسبته 3% عن العام السابق. ومن المتوقع أنّ تكون قد نمت عائدات إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية في عام 2012 بنسبة تفوق 30% لتبلغ 627 مليون دولار، وفقاً لما أعلنه المدير العام للإدارة ناصيف سقلاوي أخيراً.
  
 من جهة أخرى، يُشار إلى أنّ زيادة الحركة عبر مرفأ بيروت، للتعويض عن إغلاق المعابر البريّة بسبب الصراع الدائر في سوريا، تؤدّي إلى ضغط إضافي قد يزيد الفرص المتاحة للتهريب عبر هذا المرفق، وإن بهدف الترانزيت وليس بالضرورة للسوق المحلية. ووفقاً لمعلومات «الأخبار»، فإنّ زيادة وتيرة العمل في مرفأ بيروت أدّت إلى وفاة ثلاثة أشخاص دهساً في ساحات الكشف عن البضائع بآليّات الشركة المشغّلة لمركز بيروت للحاويات، «BCTC»، خلال الفترة القليلة الماضية.
  
 هذه الحوادث ناجمة عن سوء الإدارة والتعقيدات اللوجستية، غير أنّها تزايدت أخيراً نتيجة كثافة العمل في المرفأ. وقد نظّم العملاء الجمركيون هناك احتجاحاً أمس لمعالجة هذا الوضع.
 ورغم استمرار تباطؤ عجلة الاقتصاد العام الماضي وعدم تجاوز معدّل النموّ عتبة 2%، استمرّت حركة التجارة الخارجية بالتوسّع، وارتفعت واردات لبنان بنسبة 5.6% إلى 21.28 مليار دولار، فيما نمت الصادرات بنسبة 5.1% إلى 4.48 مليارات دولار.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية