الأحد، 17 فبراير 2013

الجنرال..."أنا أو لا انتخابات".يروحوا يلعبوا بهونيك شغلة

لم تمرّ في تاريخ لبنان السياسي الحديث شخصية أثارت جدلاً بسبب تناقضات مواقفها كشخصية الجنرال ميشال عون، غير أن قاسماً وحيداً مشتركاً يتفق عليه جميع من يرصدون حراكه السياسي مفاده أنه معطّل لكل التسويات الممكنة والمشاريع التوافقية التي لا تناسب مزاجه وطموحاته.
  
 بعدما فرض على اللبنانيين القبول بتسوية اتفاق الدوحة التي أثمرت "قانون ميشال عون" الانتخابي، وهو القانون الذي فاخر بأنه "رجّع الحق لأصحابه"، وجد أن حسابات "الحقل" لم تأتِ كما يشتهي "بيدره" و"بيدر" حليفه "حزب الله" فبدأ يفكّر بطريقة تمكّنه من احتكار "التمثيل المسيحي" خصوصاً مع ارتفاع أسهم وشعبية منافسيه الرئيسيين على الساحة المسيحية، حزب "الكتائب" وحزب "القوات اللبنانية" فجاءته اللحظة المناسبة المتمثلة بـ"مشروع الفرزلي".
  
 بدأ عملية مزايدته على الساحة المسيحية من خلال الترويج لهذا القانون على أنه الأفضل للمسيحيين وبأنه يؤمن وصول 64 نائباً مسيحياً بأصواتهم، ما دفع منافسيه الى تبنيه في لقاء بكركي الرباعي الشهير، ما جعله مادة أولى في نقاشات لجنة التواصل النيابية التي انبثقت عن اللجان النيابية المشتركة والتي أوكلت إليها مهمة البحث في اقتراحات قوانين الانتخابات للتوصل الى اقتراح توافقي يشكّل أرضية مشتركة يتفق عليها جميع اللبنانيين لخوض الاستحقاق الانتخابي المقبل.
  
 المفارقة هي أن "ابن الأخت" الذي مثل "الخال" في لجنة التواصل التي أمل اللبنانيون أن تتوصل في خلاصة اجتماعاتها الى صيغة لا تعزل أحداً ولا تلغي أحداً وتعطي كل مكونات المجتمع اللبناني حقوقها، لم يقدّم مشروعاً يعبّر عن نظرة "الجنرال الحالم" في صحة التمثيل التي يدّعي أنها مفقودة في "قانون ميشال عون" بل جلّ ما فعله تنفيذاً لأوامر "الخال" هو تعطيل و"تفخيخ" أي اقتراح يقدّم يحتوي في طياته على "غموض بناء" في نتائج الانتخابات التي ستنبثق عن اعتماده.
  
 لقد تسلّح باقتراح "مشروع الفرزلي" الذي اعتبر أنه يحقق المناصفة الفعلية ولم يقبل حتى مناقشة أي اقتراح انتخابي آخر سواء قدّم من قبل "الحليف" الرئيس نبيه برّي، أو من قبل "الخصوم" الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، ولا حتى من "الأشقاء" المسيحيين سامي الجميّل وجورج عدوان.
  
 وعلى الرغم من الرفض المبدئي لتيار "المستقبل" لأي مشروع انتخابي يقوم على مبدأ النسبية، بسبب وجود السلاح غير الشرعي، إلا أن الرئيس سعد الحريري عاد وقدّم تنازلاً تمثّل بتقديم النائب أحمد فتفت ممثل تيار "المستقبل" في اللجنة مشروعاً مختلطاً يقوم عل المزاوجة بين النسبي والأكثري، غير أن النائب عون، رفض المشروع، ربما لأن من قدّمه هو "المستقبل" الذي لم يستطع الجنرال "هضمه" لغاية اليوم، وبحجة أن نتائج الانتخابات استناداً لهذا المشروع تعطي فريقي "8 و14 آذار" حصصاً متساوية في التمثيل النيابي وبالتالي لا تكون لعون الأكثرية التي يحلم بتحصيلها.
  
 وعارض اقتراحاً تقدّم به النائب أكرم شهيّب باسم الحزب "التقدمي الاشتراكي" تشكّل نتيجة الانتخابات بموجبه خلاصة قريبة من خلاصة اقتراح "المستقبل". لم يقبل حتى باقتراح النائب علي بزي باسم الرئيس نبيه بري، والذي ينص على المناصفة بين النسبية والأكثرية، دون أن يعلّل سبب رفضه بحجة منطقية.
  
 وحدّث بلا حرج عن معارضته لمشروع النائب سامي الجميّل وكذلك بالنسبة لمشروع النائب جورج عدوان، وتوّج "الخال" مواقف "ابن الأخت" بإعلانه في حديث إذاعي أمس بأنه سيطعن بأي قانون انتخابي غير "الأرثوذكسي" على اعتبار أن جميع المشاريع التي تطرح "فيها تحايل لمصالح معيّنة".
  
 منذ أن فرض نفسه بحكم الواقع رئيساً لحكومة انتقالية في نهاية عهد الرئيس أمين الجميل في العام 1988، لم يظهر "جنرال الحروب الوهمية الخاسرة" السياسية سوى اندفاعاً غير منضبط ومتفلّت من جميع الأدبيات السياسية والاجتماعية باتجاه حلم وحيد: كرسي رئاسة الجمهورية، وهو في هذا الإطار بذل الغالي والرخيص ليحقق حلمه بدءاً من "حرب الإلغاء" وصولاً الى "حرب التحرير" ولا داع للتذكير بفداحة الخسائر البشرية والمادية التي تكبّدها لبنان بسبب هذا الحلم.
  
 ومنذ اعتماده خيار الهروب من قصر بعبدا من دون عائلته باتجاه السفارة الفرنسية، اختار عون أن يعمل وفقاً لمقولة "خالف.. تُعرف". خالف اتفاق الطائف الذي وضع حداً للحرب الأهلية السيئة الذكرة التي عاناها لبنان واللبنانيون، لأنه لم يؤمن له دوام احتلاله لكرسي رئاسة الجمهورية. أعلن أنه يريد "تكسير رأس" الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد. لم يعترف بعهد الرئيس الراحل الياس الهراوي وشن هجوماً لاذعاً ضده بعد التمديد له في العام 1995، لأن الحظر الذي فرض عليه بعيد لجوئه الى فرنسا بعدم الإدلاء بأحاديث سياسية كان قد انتهى. وكذلك لم يعترف بعهد الرئيس السابق اميل لحود إلا في نهايته بعدما نجحت المفاوضات التي تمت برعاية سلطة الوصاية السورية الى تسوية أعادت ميشال عون الى لبنان بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
  
 ومنذ وصوله الى لبنان في العام 2005، بدأت سلسلة جديدة من فصول "خالف.. تُعرف" بدأت بتوقيع وثيقة التفاهم مع "حزب الله" مروراً وتعطيله تشكيل الحكومات المتتالية في عهد الرئيس ميشال سليمان "كرمى لعيون الصهر" ناهيك عن ممارسة الدور المحبّب الى قلبه وهو التعطيل، فوقف حاجزاً أمام كل المشاريع التي لا تؤتيه أرباحاً مادية أو معنوية.
  
 هذه هي باختصار مفاهيم الجنرال البرتقالي للسياسة. ليس مقبولاً لديه أي طرح لا يحقق له "أضغاث أحلامه". لا يقبل أن يسمع من أحد كلمة لا، وآرائه غير قابلة للنقاش، يعتقد خلقه الله و"كسر القالب". ربما يجب سؤال "ابن الاخت" عما إذا كان مقتنعاً بمواقفه في لجنة التواصل أم أن ما يتخذه من مواقف هو تنفيذ لأوامر "الخال" لأنه كما نُقل عنه قوله "إذا لم أفعل يشحطني".
 لعلّ كلمات الجنرال التي لن تمحى من ذاكرة اللبنانيين تتلخّص بـ"يروحوا يلعبوا بهونيك شغلة".

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية