الجمعة، 1 مارس 2013

عقبات أمام السيطرة الإيرانية على سوريا


فقد النظام في دمشق السيطرة على ثلث الأراضي السورية على الأقل. وجماعات الثوار التي تدرك أهمية إيران في السيطرة أمنياً على الثورة، تنصب الكمائن للمواكب الإيرانية. قام جيش الدفاع الإسرائيلي بتفجير وتدمير نقل مزعوم للسلاح متوجّه من سوريا الى جنوب لبنان. قُتل جنرال مهم من الحرس الثوري الإيراني كان مكلّفاً بمهمة إعادة إعمار جنوب لبنان، في شباط  الجاري في طريقه الى بيروت. هدّدت جماعات الثوار بضرب مواقع لحزب الله داخل لبنان إنتقاماً من تدخّل هذه المجموعة المموّلة من إيران في الصراع الدائر في سوريا الى جانب الحكومة.

الوضع الأمني المتردّي في سوريا جعل إيران تبحث عن طريقة للحفاظ على أهم حليف لها في المنطقة في السلطة، أي حكومة دمشق. وقد أخذ في الاعتبار اعتماد خطة احتياطية "ب"، تقوم على اعتماد رواق [ممر] علوي يحافظ على الوصل ما بين إيران، وشمال العراق، وسوريا، ولبنان، حسبما قال محلّلون للشؤون الدولية.

وفقاً للمحلّل في صحيفة البلد علي الأمين، سوريا مهمة جداً من الناحية الجغرافية بالنسبة لإيران ولكافة المجموعات التي تعتمد في تمويلها على هذه الأخيرة، بحيث لن تسمح طهران باستيلاء حكومة معادية لها على السلطة. "إذا ازدادت التوترات في سوريا، ستكون الخسارة على عدة مستويات وليس فقط على المستوى اللوجيستي"، أشار قائلاً.

أما ماثيو لافيت، أحد كبار المدراء في برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فقال: يبدو أنّ لـ"حزب الله" وإيران خطة واضحة جداً في سوريا، هي دعم النظام بالقدر الممكن وبناء ميليشيات منظمة على طريقة "حزب الله" تكون موالية لمصلحة إيران و"حزب الله" متى يسقط نظام بشار. "بالطبع، الطريقة التي سيسقط فيها ستكون بالغة الأهمية. هل سيرحل، هل سيُقتل، هل سيهرب الى اللاذقية؟ أي نوع من بقية الدولة سوف يترك خلفه؟ إذا قامت دولة لامركزية ضعيفة ذات أغلبية سنية في دمشق لا تسيطر على المناطق الريفية أو على الساحل، حينها سيكون لدينا حكومة لا تبحث عن المزيد من الخلافات وقد لا ترغب بالتصادم مع "حزب الله"، رغم أنّها قد تكون غير راضية عنه"، أشار قائلاً.

لقد أنفقت حكومة الجمهورية الإسلامية مبالغ مالية ضخمة وجهوداً كبيرة في شمال العراق من أجل تأمين طريق نحو سوريا ولبنان. وفقاً للمحلّل التركي سيتين سيتينر من مركز الدراسات الشرق أوسطية والاستراتيجية، كانت الديبلوماسية الإيرانية ناشطة جداً في العراق، في حين استمرّت الحكومة في طهران بالاستثمار في مشاريع اقتصادية مشتركة.

وكانت طهران تحاول إقناع الحكومة العراقية بتوقيع اتفاق يسمح للطائرات الإيرانية باستخدام الممر الجوي العراقي، الطريق الأنسب لنقل البضائع من دون ان تُفتّش او تتعرّض للخطر. وقيل إنّ الحكومة العراقية أغمضت عينيها لفترة عام 2012 عن حركة مرور البضائع الجوية نحو سوريا. ولكن تحت ضغط الولايات المتحدة، قرّرت الحكومة العراقية أنّها لا تستطيع ان تخاطر بخسارة المساعدة التي تأتيها من واشنطن.

إيران والعراق وقّعتا اتفاقاً لتعزيز التعاون في المرور في بداية عام 2013، ولكنّه اقتصر فقط على العبور عبر سكك الحديد والطرقات العامة. وبالتالي يكون على الإيرانيين الإلتزام بالطريق العامة وخطوط سكة الحديد نحو دمشق، ما قد يطرح مشكلة في المناطق الواقعة على الحدود التي تسكنها قبائل سنية تدعم الثوار السوريين. كما أنّ الاستثمارات الإيرانية في العراق وسوريا مستمرة ومتماثلة. فقد تم ّ الأسبوع الماضي الاتفاق على مشروع بقيمة 10 مليارات دولار لبناء خط غاز يمتد من إيران الى سوريا مروراً بالعراق.

وفقاً لـ "الأمين"، البرّ ليس الطريق الوحيد الذي يمكن لإيران استخدامه لنقل اللوازم اللوجستية للبنان، ولحليفها "حزب الله". "لطالما أعلن "حزب الله" أنّ منطقة العبور بين إيران، سوريا، ولبنان ليست بهذه الاهمية الكبيرة، بما أنّهم قادرون دائماً على استخدام البحر. ولكن "حزب الله" يخسر الكثير من دون الدعم السوري"، شدّد قائلاً.

الخطة الكبرى هي إبقاء الحكومة مسيطرة على سوريا. "هذا ما يفسّر الدور الكبير الذي يلعبه ["حزب الله" وإيران] في الدفاع عن النظام السوري، مخاطرين بعلاقتهما الجيدة مع الشعب السوري. الشعب يعتبر اليوم "حزب الله" عدواً له"، أشار قائلاً. "الخطة "ب" سوف تقوم على إنشاء دولة علوية من شأنها أن تعوّض خسارة النظام السوري كداعم. سوف يقوم "حزب الله" بدعم الانقسام في سوريا إذا ناسب ذلك مصالحه"، كما يشير الأمين.

لا يخفى على أحد تورّط المجموعة اللبنانية هذه في الصراع السوري. فقد قال أحد المتحدثين باسم الثوار السوريين الأسبوع الماضي إنّ "حزب الله" اجتاح ثماني قرى في منطقة القصير وحاول الانتقال الى قرى سنية قريبة تسيطر عليها مجموعات الثوار.

بدوره قال لافيت، الذي يضع كتاباً يتتبّع آثار "حزب الله" حول العالم، إنّ الأمر لا يقتصر فقط على كون إيران و"حزب الله" يرتّبان الأمور بحيث يستمران بامتلاك نفوذ في سوريا، ولكنّ إيران تتابع كذلك استثمارها في لبنان. "في حين قد لا يمتلكون [الإيرانيون] طريقاً برية عبر سوريا- من خلال الطيران الى دمشق وعبور الحدود براً نحو لبنان- لديهم طرق أخرى وهي الشحن بالسفن، ففي الماضي كان يوجد خط شحن للأسلحة عبر السفن يتوقّف في تركيا. فإذا كانت بقايا نظام الأسد لا تزال قادرة على السيطرة على اللاذقية، تكون مشكلتهم قد حُلّت"، شدّد لافيت قائلاً.

"لدينا حالات في الولايات المتحدة تتعلّق بأشخاص يحاولون تأمين أسلحة لـ "حزب الله" عبر أوروبا وفي حالتين على الأقل، جرى شحن المواد عبر اللاذقية، حيث لم تكن ثمة حاجة لدفع أي رسوم جمركية، لأنّ المرفأ كان يخضع لسيطرتهم بالكامل. إذا كانوا لا يزالون قادرين على السيطرة على المرفأ، سيؤمّنون على الأقل ذلك الطريق"، 

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية