الجمعة، 9 ديسمبر 2011

«هزائم» متتالية لعون على يد حلفائه ترتد «إحباطاً» في بيئته السياسية





يحصد زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، الحليف المسيحي الابرز لـ «حزب الله» والشريك القوي في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، الخسائر مرة تلو الاخرى في تطور سياسي، أفضى الى رفع علامات استفهام حول مكانة عون وحقيقة تحالفاته، لا سيما بعدما لوح بمقاطعة الحكومة وامكان الاستقالة منها.
فغداة الخسارة المكلفة التي مني بها عون مع دفع الحكومة حصة لبنان من تمويل المحكمة الدولية، ومن ثم «مصادرة» حلفائه لمعمل «الزهراني» الكهربائي في صفعة له، جاء «اقتياده» الى المشاركة في جلسة مجلس الوزراء اول من امس بعد «تململه» لاحباط مشروعه في زيارة الاجور وباصوات حليفة له ايدت مشروعاً بديلاً تقدم به الرئيس ميقاتي.
وكان العماد عون، الذي حاول «تقويض» خسائره بوضع لائحة من الشروط لاستمرار مشاركته في جلسات مجلس الوزراء اضطر للمشاركة تحت وطأة «تمنيات» من حلفائه الذين لم يشاطروه الرغبة في مقاطعة الحكومة او تعريضها للشلل.
ورغم التأييد العلني من «حزب الله» لمطالب عون، فان زعيم «التيار الوطني الحر» يشعر بانه «يقاتل» وحيداً في معركة تكاد ان تكون في وجه الجميع، من حلفائه وخصومه على حد سواء، من دون معرفة المغزى الحقيقي لهذه المعركة و«اثمانها» الباهظة.
وكشف مطلعون لـ «الراي» ان «البيئة العونية» تعاني احباطاً لا سابق له نتيجة الخسائر المتلاحقة التي يمنى بها العماد عون، الذي غالباً ما يبالغ في معاركه وفي تحالفاته، ما يجعل نتائج خطواته الناقصة مكلفة.
هذا الواقع جعل الحكومة والصراعات «المستدامة» بين مكوناتها تحت المجهر، خصوصاً في ظل الضجة التي شهدتها البلاد مجدداً حول مسألة زيادة الاجور.
والواقع ان الحكومة الحالية قد تكون سجلت سابقة في اتخاذها قرارين متعاقبين تعرضا للاخفاق والسقوط في مسألة الاجور، فيما هي تعاني من فكفكة متواصلة لوحدة سياساتها او تصوراتها الاجتماعية والاقتصادية. فما جرى في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء من تصويت فاز به اقتراح للرئيس نجيب ميقاتي مقابل سقوط مشروع وزير العمل شربل نحاس (من فريق العماد ميشال عون) حول رفع الاجور جعل الصورة الحكومية تبدو غداة هذا التصويت كأنها اشبه بمبارزات دورية بين معظم مكوناتها وكأن مواعيد جلسات مجلس الوزراء هي استحقاقات دائمة للمفاجآت التي لا يملك احد اي ضمان بما يمكن ان تفضي اليه في يوم من الايام او الاسابيع المقبلة.
وتقول مصادر وزارية لـ «الراي» في هذا المجال ان ما حصل في الجلسة الاخيرة حيث سقط مشروع وزير العمل العوني وفاز اقتراح رئيس الحكومة ومن ثم واجه قرار الحكومة رفضاً نقابياً وعمالياً عارماً، يجعل من الصعوبة بمكان التكهن بما اذا كان مصير الحكومة سيبقى آمناً الى مدة طويلة. فالاحتقان المتصاعد بين رئاسة الحكومة وبعض حلفائها من جهة وتكتل التغيير والاصلاح بزعامة العماد ميشال عون من جهة اخرى ينذر بتوترات متواصلة الى درجة تكاد تتجاوز حالة الخصومة التي كانت قائمة بين عون والرئيس السابق للحكومة سعد الحريري.
ثم ان التعثر الحكومي الواضح في ايجاد حلول عادلة وواقعية للازمة الاجتماعية يكشف الاحراج الكبير الذي يحاصرها من جراء الوقائع الاقتصادية والمالية والاجتماعية الصعبة والخطيرة بحيث ان الحكومة لم تعد قادرة على ارضاء اي فريق من أفرقاء الانتاج.
ولذا تتخوف المصادر نفسها من ان يصبح بقاء الحكومة رهناً بالحسابات السياسية وحدها التي لا يرى اي طرف الان اي مصلحة له في اطاحتها، ولكن ذلك لا يوقف مسيرة التآكل والاهتراء والتراجع على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. وهو امر قد يصبح اشبه بلغم موقت يمكن في اي وقت ملائم لاي طرف متضرر داخلي او خارجي ان يفجره في وجه الحكومة. وفي انتظار ما ستحمله سلسلة جلسات مقبلة لمجلس الوزراء تحت عنوان تفعيل العمل الحكومي، يبدو ان أفرقاء كثراً باتوا مقتنعين ان الخطر على الحكومة من داخلها اصبح اكبر من التحديات التي تواجهها من خارجها.
وكانت جلسة مجلس الوزراء اول من امس شهدت طرح مشروع زيادة الاجور الذي قدمه وزير العمل على البحث حيث تولى نحاس شرحه على شاشة كبيرة ثم شرع الوزراء في مناقشته. ولكن سرعان ما تدخل ميقاتي فأخرج من جيبه خطة مكتوبة تتضمن اقتراحا بديلا لتصحيح الاجور جرى التصويت عليه فنال أصوات 16 وزيراً من أصل 23 كانوا حاضرين وعارضه سبعة وزراء هم وزراء «التيار الوطني الحر» ووزير الدفاع فايز غصن ممثلا «المردة» والوزير بانوس منجيان ممثلا الطاشناق، فيما صوت وزير الصناعة فريج صابونجيان (من الطاشناق) مع الاقتراح وكذلك فعل وزيرا «حزب الله». وتضمن مشروع ميقاتي رفع الحد الادنى للأجور من 500 ألف إلى 600 ألف ليرة لبنانية (400 دولار).

صحيفة الرأي

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية