الثلاثاء، 31 يناير 2012

خالد مشعل يستنجد بقطر .. ألم يكن من الأفضل احتواء حماس في قطر




بقلم : تحسين التل
دخل خالد مشعل الى الأردن من بوابة قطر، بعد أن أرسلت لنا ولي عهدها، فجلس ساعة من الزمن، وبعدها غادر ليترك لنا رئيس منظمة حماس في الأردن؛ ضيفاً، لغاية الآن، مرحب به من قبل الحكومة التي داخت منذ تشكيلها ورئيسها يقنع الشعب بأن خروج حماس من الأردن كان خطأ قانوني ودستوري، وكأن رئيس الحكومة قادم بحكومته من أجل حماس، وها هي حماس تدخل الأردن بمباركة قطرية

أنا أعلم أن حماس ليس بيدها أوراق لتلعب بها أو تقنع حكومتنا بقوتها على الساحة الدولية، لأن أوراق اللعبة كلها بيد أمريكا، ومن بعدها إسرائيل، والعرب مجرد أحجار تتحرك وفق المرسوم والمخطط لها من قبل القوى العظمى، لكن ما سبب وجود حماس في هذا الوقت بالذات وبعد ثلاثة عشر عاماً على خروجها من عمان وإغلاق مكاتبها، ويعلم الجميع أن حماس منظمة مسلحة لا يرغب بوجودها أحد إلا ضمن نطاق محدود.. ما أغضبني جداً أن قطر تستهتر بنا وبدولتنا، فترسل لنا ولي عهدها، وكان الأولى أن يأتي أمير قطر وعلى رأس وفد كبير ليتوسط لحماس، فقد سبب لنا خالد مشعل إحراجاً دون أن يدري أو ربما كان يدري لكن متى يهتم رئيس منظمة حماس بشعور وإحساس الحكومات والأنظمة ما دام قد ترك سوريا في عز معاناتها وهرب منها ليحمي نفسه ومنظمته في قطر أو الأردن أو في أي مكان آخر بعيداً عن الشارع العربي في سوريا

الأردن دولة مستقلة ذات سيادة، ونحترم الآخرين، وقدمنا للعرب أكثر مما قدموه لنا، حاولت بعض الدول العربية أن تتمادى علينا وهم يعلمون أننا نحميهم من شر إسرائيل، وضحينا من أجل أن تبقى ثرواتهم بين أيديهم يتمتعون بها ويوفرونها لأجيالهم القادمة، وكله على حساب شعبنا، وجيشنا، وأمننا الأردني، وهم دون وجود الأردن وحمايته ومنعته سيكونون مثل الضحية التي إن وقعت بين براثن الضباع تكالبت عليها ونهشتها دون رحمة أو شفقة

الشعب الأردني كريم لدرجة الجنون، ونشمي، وصاحب نخوة عربية قل نظيرها، لكن الكرامة أولاً وأخيراً يا حكام الخليج كله، فمثلما قدمتم الدعم المادي قدمنا حماية لن توفرها لكم كل قوى الأرض، وما قدمناه لكم لا يعادله مال، ولا بترول، ولا مناجم الذهب التي بحوزتكم، ومع ذلك نصمت صمت الأسود، صمت الذين يخافون على وحدة الصف العربي، لكن على أن لا يكون هناك استهتار بنا وبدولتنا، وبمؤسساتنا، وحكومتنا ونظامنا الملكي فهذا كله والله من الخطوط الحمر

إن كانت قطر يهمها خالد مشعل ومجموعته فلتأخذهم عندها وتوفر لهم المكاتب المناسبة، والدعم المالي واللوجستي، وصلى الله وبارك، وأن لا (تدحشهم) في حلوقنا بعد أن خرجوا منذ سنوات وارتحنا منهم ومن وجودهم، أو يجلسون في بيوتهم دون أن تفتح مكاتبهم ويعيشون بيننا كما يعيش آلاف الإخوة وهم في حالة انتظار متمسكين بحق العودة إلى فلسطين

لماذا ترفض الدول العربية استقبال حماس ونستقبلهم نحن.. هل وجود حماس بيننا تكريس للوطن البديل وإن تصريحات خالد مشعل هي ذر الرماد في العيون.. وفيما بعد تقوم وزارة الداخلية بتجنيس مليون فلسطيني على دفعات، وذلك من باب دعم الأشقاء الفلسطينيين، وتسهيل أمورهم، ومراعاة لظروف حياتهم، مع أن كل عملية تجنيس تقوم بها الأردن يدخل يهودي الى فلسطين.. القيادة الفلسطينية تمتلك الجنسية الأردنية كاملة غير منقوصة، وقيادة حماس تمتلك الجنسية الأردنية كاملة غير منقوصة، وأغلب قيادات الشعب الفلسطيني يمتلكون الجنسية الأردنية كاملة غير منقوصة، الله الله ماذا تركتم لفلسطين، وأين فلسطين من قاموس ثورتكم العرجاء

ما من أزمة حدثت في العالم العربي إلا وللأردن فيها نصيب الأسد، والحجة : التضامن العربي، فمنذ أزمة اللاجئين والنازحين، وأحداث أيلول، وأحداث الكويت، والعراق، وليبيا، وسوريا ونحن نتلقى الطعنة تلو الطعنة، نتلقى الضربة تلو الضربة، ويعاني هذا الشعب الذي فقد كل أسباب العيش الكريم، بسبب الهجرات المتتالية، وسيقول قائل؛ إن كل هجرة قسرية كانت مدفوعة الأجر، وتحصل الدولة على الثمن مقابل استقبال الأعداد الهاربة أو اللاجئة أو المهجرة، وأنا أقول؛ إن الشعب الأردني دفع من جيبه آلاف الدنانير وترك المياه، والمدرس والجامعات والمعاهد يستفيد منها غيره بحجة: التضامن العربي، والأموال القادمة إلينا لم يشاهدها المواطن الأردني إلا بالتلفزيون

إن كانت الحكومة الأردنية تعترف بخطأ ارتكبته حكومة سابقة وتريد تصويب هذا الخطأ، عليها أن تطرح القضية أمام مجلس الأمة بشقيه؛ الأعيان والنواب، أو تطرح الأمر أمام الشعب الأردني ليقول رأيه في استفتاء عام، لأن الشعب ليس حقلاً للتجارب، والوطن ليس طاولة قمار للحكومات الأردنية، والتنظيمات المسلحة وغير المسلحة، وإن كانت حماس ورقة ضغط بيد الحكومات فنحن لا نريد اللعب بورقة خاسرة

على الأشقاء في السلطة أن يجتمعوا في رام الله مثلاً ويلجأوا الى لغة الحوار والمصالحة والتقدم نحو مفاوضات سريعة مع إسرائيل ككيان مشترك لأحراز تقدم بعد سنوات من القطيعة استغلتها إسرائيل على أفضل وجه، وأطالت أمد التفاوض على قضايا تافهة لن تحرك شعرة من القضية الفلسطينية التي توزعت بين العواصم العربية مع أن الحل يكمن في فلسطين وليس في أمريكا أو أوروبا أو الشرق الأوسط

من يترك نظاماً عربياً يدخل في حرب طاحنة مع شعبه دون النظر الى من هو الشرعي في الصراع الدائر بسوريا، فلا أمان له، صدقوني؛ تجاربنا مع المنظمات الفلسطينية كلها خاسرة وقد أعادتنا الى الوراء عشرات السنين، وما يمر به الوطن ما هو إلا تراكمات وترسبات السنوات الماضية؟

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية