الأربعاء، 1 فبراير 2012

التظاهر احتجاجاً على انقطاع الكهرباء مفهوم: ماذا عن التظاهر احتجاجاً على جشع أصحاب المولدات؟




فادي شامية


لم يعد التظاهر وحرق الدواليب وقطع الطرقات... احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي خبراً لافتاً، لكثرة تكرره واعتياد الناس عليه. وجعُ الناس جراء انقطاع الكهرباء أمر مفهوم، ذلك أن الكهرباء اليوم مادة أساسية للعيش، ومن واجب الدولة تأمينها بالحد الأدنى 18 ساعة من أصل 24، لكن الدولة -لأسباب ليس الآن مجال بحثها- فشلت في مواكبة الحاجة المتزايدة للمواطنين من الكهرباء (في العامين 96-97 كانت التغذية 24/24)، وزاد في الأمر سوءاً؛ الوزراء المتعاقبون على وزارة الطاقة والمياه بالإجمال، حتى باتت التغذية بالتيار الكهربائي -خارج العاصمة- أقل من التغذية البديلة التي يؤمنها أصحاب المولدات الكهربائية!.

لم يقتصر الفشل على هذا؛ فالدولة لم تشرّع عمل القطاع الخاص في الكهرباء، مع أن المواطنين اليوم يتعاطون مع أصحاب المولدات الخاصة، دون أية حماية من الدولة، بما يجعل أصحاب المولدات هؤلاء سلطة قائمة تتحكم بالمواطن في السعر، من خلال رسوم إذعان دون رقيب، وتحت طائلة قطع الاشتراك عمن لا يدفع!، مع العلم أن عقوبة قطع الكهرباء تكاد تختفي من الدول الغربية عمن لا يدفع للدولة، حيث تُفرض غرامات وإجراءات إكراهية أخرى ليس من بينها القطع، باعتبار أن الكهرباء حاجة أساسية ولا يجوز العقاب في الحاجات الأساسية، تماماً كما لا يجوز معاقبة المواطن بمنعه من الطعام والشراب، حتى لو ارتكب جرماً!.

وهكذا فشلت الدولة في تأمين الكهرباء، وفشلت في تنظيم عمل وأسعار أصحاب المولدات (بما في ذلك البلديات)، وصار المواطن ملزماً بدفع فاتورتين؛ الأولى لشركة كهرباء لبنان، والثانية لصاحب المولد (الاشتراك) -وهي الأغلى في الغالب-، لكن المواطن يتظاهر اليوم، ويشتم "وزير العتمة"، وهذا محق، ولم يتظاهر بعد ضد جشع أصحاب المولدات، ربما باعتبار أنه قطاع خاص، علماً أن الكهرباء ليست سلعة تجارية خاضعة لقانون العرض والطلب، وإنما هي سلعة حياتية، لا يجوز التعامل معها على أساس أن التجارة شطارة!.

كما أن الواقع الحالي اليوم لأصحاب المولدات، أنهم أصبحوا سلطة قسّمت المناطق اللبنانية إلى إقطاعيات كونفدرالية، محمية بزُمَر خاصة أشبه بـ "ميني ميليشيا"، ولا يُسمح فيها للمنافسة الحرة لا من أبناء المنطقة –الإقطاعية، ولا من خارجها، لأن مدّ النشاط الكهربائي من منطقة إلى أخرى ممنوع بلا تنسيق، تحت طائلة قطع التمديدات الكهربائية بقوة التشبيح!. وعليه؛ بات المواطن مكرهاً في السعر، ومن لا يدفع يُقطع عنه الاشتراك، علماً أن السعر متفاوت، وبعض أصحاب المولدات يقدمون الخدمة نفسها بفروقات تزيد عن 25% في السعر، مع أن المنطقة التي يغذونها والمنطقة الأخرى التي يغذيها آخرون متجاورتان!.

إزاء هذا الواقع؛ لماذا لا يتظاهر المواطنون في مواجهة أصحاب المولدات الكهربائية الجشعين، ولماذا لا يرفعون أسماء كبار المستغلين منهم، المسيطرين على أحياء معينة، وأكثر من ذلك؛ لماذا لا تتشكل هيئات أهلية لفرض السعر العادل على صاحب الاشتراك؛ تحت طائلة مطالبة البلدية بتوقيف المولد عن العمل وفك التمديدات الكهربائية عن بيوت الحي، أو فرض هذا الأمر في حال تقاعست البلدية؟

في الواقع؛ كما أن الاحتجاج على عجز الحكومة كهربائياً مطلوب، فإن الاحتجاج على عدم ترك المواطن تحت رحمة أصحاب المولدات الكهربائية مطلوب أكثر، والاحتجاج المقصود هنا موجه ضد أصحاب المولدات، وضد الدولة نفسها، لأنها أوصلت المواطن إلى هذه الحال المزرية!.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية