فور وقوع المجزرة في عين الرمانة صدرت روايتان ، الأولى كتائبية والثانية فلسطينية ، وبغض النظر عن موضوعية أي منهما ولكن من المفيد وضعهما لأن أحداث عين الرمانة شكلت أحد أبرز المنعطفات في المأساة اللبنانية ، فقد أصدر حزب الكتائب البيان التالي
الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر الأحد /13/ نيسان بينما كان يحتفل بتدشين كنسية في شارع الشيخ بيير الجميل في عين الرمانة إذ بسيارة فولكسفاكن مغطاة الرقم تخترق الشارع فأوقفها أحد رجال الأمن محاولاً الاستفسار من سائقها عن سبب تغطيته رقم سيارته ، فأجابـه بأنه فدائي وينتمي إلى إحدى المنظمات فطلب منه رجل الأمن أن ينزع الغطاء عـن رقم السيارة ، ويعود ، وبعد لحظات اجتاحت الشارع سيارة فيات مسرعة ومغطاة الرقم أيضاً ، وفي داخلها أربعة مسلحين ووراءها أتوبيس وبداخله عشرون مسلحاً أخذوا يطلقون النار على جموع المصلين مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بينهم الرفيق جوزيف أبو عاصي .
وصرح مصدر فلسطيني بمايلي :
حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر اليوم /13/4/1975/ وفي أثناء مرور إحدى السيارات التابعة لأحد فصائل الثورة الفلسطينية تعرضت السيارة في محلة عين الرمانة في بيروت للاحتجاز ثم لإطلاق النار على السائق من قبل عناصر مسلحة من حزب الكتائب اللبناني ، وفي حوالي الساعة الأولى من بعد الظهر وفي المحلة نفسها وأثناء مرور إحدى سيارات الباص التي تقل عدداً من المواطنين الفلسطينيين الذين شاركوا بالاحتفال بذكرى شهداء الخالصة الأبطال ، تعرضت السيارة التي كانت في طريقها إلى مخيم تل الزعتر لإطلاق نار كثيف من كمائن نصبتها عناصر من حزب الكتائب بتدبير مسبق .
ثم صدرت سلسلة من البيانات عن الأحزاب والهيئات اللبنانية والمنظمات الفلسطينية تدين الحادث ، وبدأ التصدع في مجلس الوزراء ، وفي الوقت نفسه انفجر الوضع الأمني بصورة مرعبة وكانت محصلة اليوم اثنان وعشرون قتيلاً مع عشرات الجرحى في بيروت وحدها .
وفي الخامس عشر من نيسان كانت محصلة القتال سبع وثلاثون قتيلاً عدا عشرات الجرحى في حرب حقيقية استخدمت فيها الصواريخ والمدفعية والأسلحة بمختلف أنواعها كما أن الأحزاب التقدمية أقدمت على خطوة سياسية هامة ، إذ عقدت اجتماعاً واتخذت القرارات التالية :
1 ـ اعتبار قيادة حزب الكتائب المسؤولة عن تخطيط المجزرة وتنفيذها .
2 ـ إزالة الحواجز الكتائبية وكل مظاهرها العسكرية من الشوارع والأمكنة العامة ومداهمة مراكزها .
3 ـ توقيف مرتكبي المجزرة والمحرضين عليها ومعاقبتهم .
4 ـ طرد وزيري الكتائب من الحكومة .
5 ـ مقاطعة حزب الكتائب وطنياً وسياسياً ومصادرة أمواله وأسلحته لإخلاله بالأمن الوطن .
6 ـ التضامن الكامل مع المقاومة الفلسطينية.
7 ـ دعوة القيادات الوطنية المسيحية إلى ممارسة دورها القيادي في خدمة الوطن وحمايته ومنع الكتائب من الاستمرار في ادعاء تمثيل الرأي العام المسيحي .
8 ـ الدعوة إلى اليقظة والحذر والاستعداد لممارسة أنواع النضال في سبيل تحقيق هذه الأهداف ، وتحذير الحكومة والسلطات من إعلان حالة الطوارئ أو استخدام الجيش .
9 ـ تشكيل لجنة متابعة للتحضير لمؤتمر وطني عام لتدارس الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدفاعية ووضع الحلول الكفيلة بإنقاذ البلاد وتحقيق المطالب الوطنية والشعبية للمدى الطويل وتحقيق الخطوات لتحقيق هذه الخطوات ومعالجة الأزمة الراهنة في المدى القصير .
وفي السادس عشر من شهر نيسان وبمشاركة الأمين العام للجامعة العربية ، تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار وتسليم المخطوفين ومرتكبي مجزرة عين الرمانة ، وإخلاء المواقع وتسليمها للدرك .
وشكل عدد من اللجان المشتركة ، وكذلك دوريات من قبل كل من الكتائب والمقاومة لضبط الوضع الأمني وتنفيذ الاتفاق .
وفي نفس الوقت إعلان وزراء الكتائب والأحرار والأرمن استقالتهم من الحكومة ، وأنه رغم الاتفاق على وقف إطلاق النار فقد انفجر الوضع الأمني بصورة مرعبة لاسيما بين الدكوانة ومخيم تل الزعتر ، وقتل العشرات من اللبنانيين والفلسطينيين في قتال أسود مرعب ، وقد استخدم الفريقان كل أنواع الأسلحة ، المدفعية والصواريخ والهواوين والرشاشات والمتفجرات .
لقد كان يوماً محزناً ومفزعاً ، لم يدرك أولئك المتقاتلون اللبنانيون والفلسطينيون أنهم يدمرون لبنان وقضية فلسطين ، ويقدمون لأعدائهم مالم يكن يحلم به في يوم من الأيام ، وامتد القتال ليشمل مناطق أخرى ، ففي طرابلس قتل ثلاثة أشخاص ونسف عدد من المحلات التجارية ، وتعرضت صيدا لانفجارات هزت المدينة .
وفي السابع عشر من نيسان بلغت محصلة القتال أكثر من ثلاثين قتيلاً عدا الجرحى والمخطوفين ، وأخذت أصابع الاتهام تتجه إلى طرف ثالث ، وفي رأيي هذا الطرف لم يكن موجوداً لأن قرار التصعيد كان مشتركاً .
وفي الأيام التالية بذلت جهود سياسية مكثفة من قبل عدد من الشخصيات والهيئات اللبنانية لوقف القتال وخلق حالة انفراج ، أدت إلى هدوء نسبي في مواقع القتال ولكن إلى تصعيد إعلامي وسياسي بين الأطراف المتنازعة ، أدى إلى أزمة في الحكم بعد استقالة غالبية الوزراء.
0 comments:
إرسال تعليق