خالد القره غولي
تعتمد أغلب الدول المتقدمه في تطورها وإزدهارها العمراني والتكنلوجي والحضري على التربية والتعليم ، إذ أن التربية والتعليم ذو أهمية كبيرة في تطور العلوم والمعرفة في أي بلد من البلدان، حيث يمكن قياس مدى تطور وتحضر البلد عن طريق معاينة نظام التربية و التعليم المطبق فيها من حيث نوع المناهج التي تدرس في المدارس والجامعات ونسب المشاركين فيها ، ومثال على ذلك نهوض اليابان وصعودها للقمة في سلم التطور التقني والمعرفي بعد الإنتكاسة التي أصابتها ، ويعود ذلك لتركيزهم على التعليم في بلادهم من حيث تطويره وزج أكبر عدد من الأفراد فيه لأنه يمثل السبيل لإنتاج الموارد البشرية ذات المهاره العالية كالمهندسين والأطباء والقانونيين والعباقرة في بعض الأحيان والذين يقع على عاتقهم بناء البلد وتطوير إمكانياته وإستثمار طاقاته بالشكل الذي يجعل البلد في مصاف الدول المتقدمة . لذلك تقوم الدول المتقدمة بتخصيص الميزانيات الكبيرة للتعليم ومحاولة ترصينه وتحصينه من كل مايضعفه ويهدد كيانه وخاصة مرض الفساد الذي إجتاح أغلب دول العالم ولم تسلم منه حتى المؤسسات التعليمية والتربوية التي يقع على عاتقها إنشاء وتربية الأجيال . ومن غير الممكن الا تبدأ الجهات المعنية والمسؤولة في وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والتربية .. بإيجاد حلول سريعه وعاجله وواضحه .. لهذا المرض العضال (الغش الدراسي) في العراق الذي اصاب الحركة العلمية والتربوية..
فلغش الدراسي قبل عقود كان يسري ببطء شديد وحالاته منفردة وقليلة اما الان فقد اصبح حالة عامة تصيب المعنيين من التربويين والتدريسيين بالذعر من مستقبل التربية والتعليم في العراق، ولكي لا نبرر للظروف التي مر بها البلد من دور فيما قلل من امكانية توفير الوسائل الصادقة والحلول الناجحة لاستئصال الغش في الامتحانات ندعو في بداية هذا الموضوع الموسع ولمن يقرأه ان يضع مستقبل الوطن وابنائه امام عينيه وخصوصا وزيري التعليم والتربيه في العراق..
وان نبتعد عن الالتزام غير الدقيق فيما يطرح من مقترحات تخص الموضوع لكي لا نصحوا بعد سنين ولا نجد غير اطباء بلا طب ومهندسين بلا هندسة ومعلمين ومدرسين ومحامين لا يفقهون مما درسوا شيئا.
انها الامية العلميه الجديدة بغطاء حديث بدأت تطبق بظلالها على واقع غير عادل وفرقة واضطهاد لطلبتنا المجدين المثابرين الذين يصلون الليل بالنهار، لكنهم يصبحون على صورة مريعة وشأن مرعب وهم يرون اغلب زملائهم الاقل مثابرة يعتمدون في اجاباتهم على اوراق صغيرة، لكنها كبيرة بتأثيرها وحجم دمارها فيصابون برد فعل كبير بعد ان كانوا شهودا وحضورا لكارثة اسمها الغش..
تنص المادة (20) من التعليمات الامتحانية الجامعية الرقم 134 لسنة 2000 على ما يأتي: (اذا ثبت غش الطالب او محاولة الغش في أي من الامتحانات اليومية او الاسبوعية او الشهرية او الفصلية النهائية يعتبر راسبا بجميع المواد الدراسية لتلك السنة، وفي حال التكرار يفصل من الكلية او المعهد، ويرقن قيده من سجلاتها) أي ان يعتبر راسبا بجميع المواد الدراسية، وفي حال التكرار يرقن قيده من سجلات التعليم العالي.
والغريب في الامر ان عبارة (غش) وعبارة (غش او حاول الغش) فتحت صلاحيات واسعة لتحديد مستقبل الطالب بمعنى ادق ان محاولة الغش تعتبر غشاً! والطالب الذي يغش لا يقبل كذلك في الدراسات العليا او التنافس للزمالات والبعثات الدراسية والتنافس مع اقرانه للحصول على فرصة للتعيين.
الواقع عكس ذلك
نعم عكس ذلك تماما فكثير من الطلبة - الذين تحفل سجلاتهم بحالات غش ثبتت عليهم - اكملوا شهاداتهم العليا بدون وجه حق بعد ارتكابهم لهذه الجريمة العلمية، بل يؤكد بعض القانونيين انها جنحة مخلة بالشرف!
لماذا يقرأ الطلبة اذاً؟! ولماذا هذا التعب والسهر والمعاناة ما دام الطلبة الذين يغشون ينافسون اقرانهم من الطلبة الذين لا يغشون بالحصول على فرص عديدة؟!..
وبلا عناء ايضاً يستطيع أي مراقب او متابع او معني بهذا الشأن ان يلمس حجم الكارثة والبلاء الذي اطبق على التربية والتعليم في العراق، فها هي عشرات القاعات لطلبة الصفوف المنتهية (الثوالث والسوادس) تغلق لكي يتم ابرام وتنفيذ صفقات مشبوهة بين عدد كبير من المراقبين ومسؤولي القاعات والطلبة حتى ادى الى ظهور تنافس غير شرعي بين ادارات المدارس تلك؟!
اسئلة تشترى وتباع، وقاعات يراقب فيها من تناسوا امانة ما كلفوا به، واوراق غش حجمها لا يتجاوز المليمترات تباع في محلات الاستنساخ قريبا من قاعات امتحان الطلبة في الثانويات والجامعات وهموم واحزان وجملة من التساؤلات حملناها معنا متسائلين احيانا ومنبهين ومنذرين احيانا اخرى.
لا نضع الايادي على الخدود هذا ما قاله لي احد مدراء الاعداديه وهو يرى ويتلمس هذا المرض المميت. فالعراق مهد الحضارات وهو الذي علم الانسانية القراءة والكتابة، والعراقيون اول من سن قوانين تحفظ للانسان كرامته وتعطيه دوره وحجمه الذي يليق بعقله..
ويشير الى ان كثيرا من الحلول والمقترحات قدمت لوضع حد لهذه الظاهرة، لكنها لم تفلح، ولم تنجح كل الوسائل والقوانين ومنذ اتساع هذه الظاهرة لاستئصالها.. فاغلب المعنيين غير جادين والبعض الاخر يرمي سهام تهمه الى غيره، والطلبة تنشر العدوى بينهم في كل ساعة.. وعن المقترحات التي تضع حلاً لظاهرة الغش اكد أن نوع الاسئلة وتغير اغلب مفردات المناهج هي الحل الاساسي لكي لا يعتمد الطلبة على ما يتوفر من معلومات في الكتاب فقط.
اغلقوا الأبواب
يقف افراد الشرطة حائرين قرب قاعة امتحانية احد المدارس .. دخل رجل يرتدي نظارة بيضاء، واغلق باب القاعة.. اخرج الاسئلة من الظرف الكبير ووزعها بين الطلبة، وبدأ يرد الاجوبة عليهم بصوت عال بعض الطلبة لم يفهموا الكلمات لأنه كان سريعاً فكتب بعض الاجوبة على سبورة لم يستطع بعض الطلبة من نقل الكلمات لأنهم لا يعرفون الكتابة اصلاً..
هذه الكارثة لم تحدث في افلام الخيال العلمي، بل في قاعة امتحانية، والذين يقرأون هذه السطور يرددون مع انفسهم انها ليست الوحيدة, هذه المأساة بعد جولتنا في اروقة القاعات الامتحانية حملت حزنا مقفلاً ننتظر حلاً او مقترحاً ينقذ ما تبقى من امانة العلم والعلماء، لكننا نحمد الله اولاً واخيراً ان هذه البلوى لا تشمل الجميع وهي ليست مجاملة، بل واقعا وسباحة عكس التيار كما يقولون كيف نرى ذلك ونسمعه.. أساتذة الجامعة يدافعون، ويقترحون المراقبة الدقيقة والصادقة وتوزيع الطلبة بانتظام وبأسلوب علمي مدروس هي السبل الكفيلة للحد من ظاهرة الغش هذه واكدواعلى اقامت امتحانات الدراسات البكلوريا في قاعات الجامعات العراقيه في المحافظات ..
وأضاف أن الكليات لا توزع الطلبة الممتحنين بدقة، بل يجري احياناً بشكل عشوائي مما يفسح مجالاً للكثير من الطلبة للقيام بالغش اضافة الى التأثير السلبي على امكانية الطلبة المتبقين نتيجة الضجيج او حدوث مشاكل تنعكس سلباً على اداء الممتحنين.
واحب ان اكد على ضرورة المراقبة الدقيقة والامانة المطلقة من المراقبين وعدم فسح المجال للطلبة لتبادل الحديث او الالتفات او محاولة الغش اضافة الى منع ادخال أية ورقة او كتاب الى القاعة الامتحانية او وجود اشخاص غرباء.
ان اتساع ظاهرة الغش يهدد التعليم العالي في العراق، ويضعف البنية العلمية الابداعية للطلبة المتميزين، واعتبار العام الدراسي للطالب الذي يغش عام رسوب لا يكفي، بل منع الطالب من التقديم للدراسات العليا او التنافس مع اقرانه للحصول على زمالات او بعثات دراسية.
وناشد الجهات المعنية في الوزارة ضرورة تغيير بعض مفردات المناهج المقررة او نمط الاسئلة بما لا يفسح للطلبة مجالاً للاعتماد الكامل على الكتب الدراسية، بل صياغة اسئلة علمية تحاكي عقل الطالب وفهمه لمادته.
ونرى ان ظاهرة الغش مرض دائم للطلبة يؤدي الى تحطيم مستقبلهم، (ومع الاسف) فقد بدأت تنتشر من الدراسة الابتدائية وحتى العليا بسبب الظروف التي مر بها العراق اضافة الى تأييد ومساندة بعض اولياء امور الطلبة لهذه الظاهرة.
واحب ان اشير الى الاستفادة الجادة من الاختيارات العلمية التي تدل على القدرة العقلية وايجاد وسائل تمنع اتساع ظاهرة الغش عند الطلبة.
اهم رأي انه كانت ردود فعل الطلبة متباينة بصدد آفة الغش التي يتساوى فيها الطالب الذي يقرأ والذي لا يقرأ تساويا في النتيجة النهائية من خلال القول ان الكل سينجح، ويحصل على البكالوريوس.
ونؤكد ان صفة الغش من الصفات المنبوذة جدا، لكن بسبب ما رأيته من حصول الطلبة الذين يغشون على درجات عالية فضلا عن عدم قدرة التمييز بين الاساتذة لقياس مستويات الطلبة على حساب مستوى عطائهم وجهودهم اليومية والاكتفاء بالدرجة التي يحصل عليها الطالب في ورقة الامتحان دفعني الى ممارسة عملية الغش لأتمكن من الوصول الى مستوى أقراني (الغشاشين مع الاعتذار).
وللشعور نفسه ذكرت الطالبة (ر.ش) انها لم تعد تشعر برهبة الامتحان والنظر اليه كأجراء روتيني وتثبيت موقف لدى الاستاذ وعدم اتخاذ اجراءات صارمة بصدد الذين يغشون مما ادى الى اضعاف شعور الطالب بمسؤوليته تجاه واجبه واعتبار الامتحان مجرد حاجز عليه تخطيه.
تواطؤ وأساليب جديدة
العديد من الطلبة يتهمون بعض اصحاب الاكشاك بالتواطؤ مع الطلبة عبر استخدام اساليب جديدة للغش وتصغير الاوراق من حجم A4 الى حجم صغير جداً لا يتجاوز السنتمتر الواحد مما يشجع الطلبة على الغش وتسهيل تنفيذ هذه الجريمة، وعند مواجهتنا لأصحاب الاكشاك لم ينفوا ذلك، بل قالوا انها عملية مربحة جداً وانهم يقدمون النجاح للطالب بأسلوب آخر.
وأخيرا يروى عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه واله وسلم قوله (من غشنا فليس منا) والغش في الامتحانات في العراق طريق سريع مفتوح للنجاح بلا عوائق وبلا رقابة وبلا مسؤولية، فكل عام يزداد العدد، وتكبر معه الكارثة..
نحن نضع المقترحات امام أولي الامر والمسؤولين علهم يقرؤونها، فيخدش احدهم، فيأمر باتخاذ الاجراءات والدراسة العلمية الرصينة لعلاج ووأد هذه الظاهرة، بل هذا المرض الفتاك والافة الخبيثة لقد رأينا الطلبة الذين يغشون فرحين وكأنهم لم يرتكبوا اثماً يتساوى مع الربا والسرقة وغيره من الكبائر والطلبة الذين لا يغشون حزانى لان درجات الغشاشين اعلى من درجاتهم.
ولدينا الكثير من الكلمات الرنانة والجمل المؤثرة، لكن كلمة غش في بلدنا وحدها تكفي كي نجد حلاً صادقاً لما يدور في اروقة التربية والتعليم
تعتمد أغلب الدول المتقدمه في تطورها وإزدهارها العمراني والتكنلوجي والحضري على التربية والتعليم ، إذ أن التربية والتعليم ذو أهمية كبيرة في تطور العلوم والمعرفة في أي بلد من البلدان، حيث يمكن قياس مدى تطور وتحضر البلد عن طريق معاينة نظام التربية و التعليم المطبق فيها من حيث نوع المناهج التي تدرس في المدارس والجامعات ونسب المشاركين فيها ، ومثال على ذلك نهوض اليابان وصعودها للقمة في سلم التطور التقني والمعرفي بعد الإنتكاسة التي أصابتها ، ويعود ذلك لتركيزهم على التعليم في بلادهم من حيث تطويره وزج أكبر عدد من الأفراد فيه لأنه يمثل السبيل لإنتاج الموارد البشرية ذات المهاره العالية كالمهندسين والأطباء والقانونيين والعباقرة في بعض الأحيان والذين يقع على عاتقهم بناء البلد وتطوير إمكانياته وإستثمار طاقاته بالشكل الذي يجعل البلد في مصاف الدول المتقدمة . لذلك تقوم الدول المتقدمة بتخصيص الميزانيات الكبيرة للتعليم ومحاولة ترصينه وتحصينه من كل مايضعفه ويهدد كيانه وخاصة مرض الفساد الذي إجتاح أغلب دول العالم ولم تسلم منه حتى المؤسسات التعليمية والتربوية التي يقع على عاتقها إنشاء وتربية الأجيال . ومن غير الممكن الا تبدأ الجهات المعنية والمسؤولة في وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والتربية .. بإيجاد حلول سريعه وعاجله وواضحه .. لهذا المرض العضال (الغش الدراسي) في العراق الذي اصاب الحركة العلمية والتربوية..
فلغش الدراسي قبل عقود كان يسري ببطء شديد وحالاته منفردة وقليلة اما الان فقد اصبح حالة عامة تصيب المعنيين من التربويين والتدريسيين بالذعر من مستقبل التربية والتعليم في العراق، ولكي لا نبرر للظروف التي مر بها البلد من دور فيما قلل من امكانية توفير الوسائل الصادقة والحلول الناجحة لاستئصال الغش في الامتحانات ندعو في بداية هذا الموضوع الموسع ولمن يقرأه ان يضع مستقبل الوطن وابنائه امام عينيه وخصوصا وزيري التعليم والتربيه في العراق..
وان نبتعد عن الالتزام غير الدقيق فيما يطرح من مقترحات تخص الموضوع لكي لا نصحوا بعد سنين ولا نجد غير اطباء بلا طب ومهندسين بلا هندسة ومعلمين ومدرسين ومحامين لا يفقهون مما درسوا شيئا.
انها الامية العلميه الجديدة بغطاء حديث بدأت تطبق بظلالها على واقع غير عادل وفرقة واضطهاد لطلبتنا المجدين المثابرين الذين يصلون الليل بالنهار، لكنهم يصبحون على صورة مريعة وشأن مرعب وهم يرون اغلب زملائهم الاقل مثابرة يعتمدون في اجاباتهم على اوراق صغيرة، لكنها كبيرة بتأثيرها وحجم دمارها فيصابون برد فعل كبير بعد ان كانوا شهودا وحضورا لكارثة اسمها الغش..
تنص المادة (20) من التعليمات الامتحانية الجامعية الرقم 134 لسنة 2000 على ما يأتي: (اذا ثبت غش الطالب او محاولة الغش في أي من الامتحانات اليومية او الاسبوعية او الشهرية او الفصلية النهائية يعتبر راسبا بجميع المواد الدراسية لتلك السنة، وفي حال التكرار يفصل من الكلية او المعهد، ويرقن قيده من سجلاتها) أي ان يعتبر راسبا بجميع المواد الدراسية، وفي حال التكرار يرقن قيده من سجلات التعليم العالي.
والغريب في الامر ان عبارة (غش) وعبارة (غش او حاول الغش) فتحت صلاحيات واسعة لتحديد مستقبل الطالب بمعنى ادق ان محاولة الغش تعتبر غشاً! والطالب الذي يغش لا يقبل كذلك في الدراسات العليا او التنافس للزمالات والبعثات الدراسية والتنافس مع اقرانه للحصول على فرصة للتعيين.
الواقع عكس ذلك
نعم عكس ذلك تماما فكثير من الطلبة - الذين تحفل سجلاتهم بحالات غش ثبتت عليهم - اكملوا شهاداتهم العليا بدون وجه حق بعد ارتكابهم لهذه الجريمة العلمية، بل يؤكد بعض القانونيين انها جنحة مخلة بالشرف!
لماذا يقرأ الطلبة اذاً؟! ولماذا هذا التعب والسهر والمعاناة ما دام الطلبة الذين يغشون ينافسون اقرانهم من الطلبة الذين لا يغشون بالحصول على فرص عديدة؟!..
وبلا عناء ايضاً يستطيع أي مراقب او متابع او معني بهذا الشأن ان يلمس حجم الكارثة والبلاء الذي اطبق على التربية والتعليم في العراق، فها هي عشرات القاعات لطلبة الصفوف المنتهية (الثوالث والسوادس) تغلق لكي يتم ابرام وتنفيذ صفقات مشبوهة بين عدد كبير من المراقبين ومسؤولي القاعات والطلبة حتى ادى الى ظهور تنافس غير شرعي بين ادارات المدارس تلك؟!
اسئلة تشترى وتباع، وقاعات يراقب فيها من تناسوا امانة ما كلفوا به، واوراق غش حجمها لا يتجاوز المليمترات تباع في محلات الاستنساخ قريبا من قاعات امتحان الطلبة في الثانويات والجامعات وهموم واحزان وجملة من التساؤلات حملناها معنا متسائلين احيانا ومنبهين ومنذرين احيانا اخرى.
لا نضع الايادي على الخدود هذا ما قاله لي احد مدراء الاعداديه وهو يرى ويتلمس هذا المرض المميت. فالعراق مهد الحضارات وهو الذي علم الانسانية القراءة والكتابة، والعراقيون اول من سن قوانين تحفظ للانسان كرامته وتعطيه دوره وحجمه الذي يليق بعقله..
ويشير الى ان كثيرا من الحلول والمقترحات قدمت لوضع حد لهذه الظاهرة، لكنها لم تفلح، ولم تنجح كل الوسائل والقوانين ومنذ اتساع هذه الظاهرة لاستئصالها.. فاغلب المعنيين غير جادين والبعض الاخر يرمي سهام تهمه الى غيره، والطلبة تنشر العدوى بينهم في كل ساعة.. وعن المقترحات التي تضع حلاً لظاهرة الغش اكد أن نوع الاسئلة وتغير اغلب مفردات المناهج هي الحل الاساسي لكي لا يعتمد الطلبة على ما يتوفر من معلومات في الكتاب فقط.
اغلقوا الأبواب
يقف افراد الشرطة حائرين قرب قاعة امتحانية احد المدارس .. دخل رجل يرتدي نظارة بيضاء، واغلق باب القاعة.. اخرج الاسئلة من الظرف الكبير ووزعها بين الطلبة، وبدأ يرد الاجوبة عليهم بصوت عال بعض الطلبة لم يفهموا الكلمات لأنه كان سريعاً فكتب بعض الاجوبة على سبورة لم يستطع بعض الطلبة من نقل الكلمات لأنهم لا يعرفون الكتابة اصلاً..
هذه الكارثة لم تحدث في افلام الخيال العلمي، بل في قاعة امتحانية، والذين يقرأون هذه السطور يرددون مع انفسهم انها ليست الوحيدة, هذه المأساة بعد جولتنا في اروقة القاعات الامتحانية حملت حزنا مقفلاً ننتظر حلاً او مقترحاً ينقذ ما تبقى من امانة العلم والعلماء، لكننا نحمد الله اولاً واخيراً ان هذه البلوى لا تشمل الجميع وهي ليست مجاملة، بل واقعا وسباحة عكس التيار كما يقولون كيف نرى ذلك ونسمعه.. أساتذة الجامعة يدافعون، ويقترحون المراقبة الدقيقة والصادقة وتوزيع الطلبة بانتظام وبأسلوب علمي مدروس هي السبل الكفيلة للحد من ظاهرة الغش هذه واكدواعلى اقامت امتحانات الدراسات البكلوريا في قاعات الجامعات العراقيه في المحافظات ..
وأضاف أن الكليات لا توزع الطلبة الممتحنين بدقة، بل يجري احياناً بشكل عشوائي مما يفسح مجالاً للكثير من الطلبة للقيام بالغش اضافة الى التأثير السلبي على امكانية الطلبة المتبقين نتيجة الضجيج او حدوث مشاكل تنعكس سلباً على اداء الممتحنين.
واحب ان اكد على ضرورة المراقبة الدقيقة والامانة المطلقة من المراقبين وعدم فسح المجال للطلبة لتبادل الحديث او الالتفات او محاولة الغش اضافة الى منع ادخال أية ورقة او كتاب الى القاعة الامتحانية او وجود اشخاص غرباء.
ان اتساع ظاهرة الغش يهدد التعليم العالي في العراق، ويضعف البنية العلمية الابداعية للطلبة المتميزين، واعتبار العام الدراسي للطالب الذي يغش عام رسوب لا يكفي، بل منع الطالب من التقديم للدراسات العليا او التنافس مع اقرانه للحصول على زمالات او بعثات دراسية.
وناشد الجهات المعنية في الوزارة ضرورة تغيير بعض مفردات المناهج المقررة او نمط الاسئلة بما لا يفسح للطلبة مجالاً للاعتماد الكامل على الكتب الدراسية، بل صياغة اسئلة علمية تحاكي عقل الطالب وفهمه لمادته.
ونرى ان ظاهرة الغش مرض دائم للطلبة يؤدي الى تحطيم مستقبلهم، (ومع الاسف) فقد بدأت تنتشر من الدراسة الابتدائية وحتى العليا بسبب الظروف التي مر بها العراق اضافة الى تأييد ومساندة بعض اولياء امور الطلبة لهذه الظاهرة.
واحب ان اشير الى الاستفادة الجادة من الاختيارات العلمية التي تدل على القدرة العقلية وايجاد وسائل تمنع اتساع ظاهرة الغش عند الطلبة.
اهم رأي انه كانت ردود فعل الطلبة متباينة بصدد آفة الغش التي يتساوى فيها الطالب الذي يقرأ والذي لا يقرأ تساويا في النتيجة النهائية من خلال القول ان الكل سينجح، ويحصل على البكالوريوس.
ونؤكد ان صفة الغش من الصفات المنبوذة جدا، لكن بسبب ما رأيته من حصول الطلبة الذين يغشون على درجات عالية فضلا عن عدم قدرة التمييز بين الاساتذة لقياس مستويات الطلبة على حساب مستوى عطائهم وجهودهم اليومية والاكتفاء بالدرجة التي يحصل عليها الطالب في ورقة الامتحان دفعني الى ممارسة عملية الغش لأتمكن من الوصول الى مستوى أقراني (الغشاشين مع الاعتذار).
وللشعور نفسه ذكرت الطالبة (ر.ش) انها لم تعد تشعر برهبة الامتحان والنظر اليه كأجراء روتيني وتثبيت موقف لدى الاستاذ وعدم اتخاذ اجراءات صارمة بصدد الذين يغشون مما ادى الى اضعاف شعور الطالب بمسؤوليته تجاه واجبه واعتبار الامتحان مجرد حاجز عليه تخطيه.
تواطؤ وأساليب جديدة
العديد من الطلبة يتهمون بعض اصحاب الاكشاك بالتواطؤ مع الطلبة عبر استخدام اساليب جديدة للغش وتصغير الاوراق من حجم A4 الى حجم صغير جداً لا يتجاوز السنتمتر الواحد مما يشجع الطلبة على الغش وتسهيل تنفيذ هذه الجريمة، وعند مواجهتنا لأصحاب الاكشاك لم ينفوا ذلك، بل قالوا انها عملية مربحة جداً وانهم يقدمون النجاح للطالب بأسلوب آخر.
وأخيرا يروى عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه واله وسلم قوله (من غشنا فليس منا) والغش في الامتحانات في العراق طريق سريع مفتوح للنجاح بلا عوائق وبلا رقابة وبلا مسؤولية، فكل عام يزداد العدد، وتكبر معه الكارثة..
نحن نضع المقترحات امام أولي الامر والمسؤولين علهم يقرؤونها، فيخدش احدهم، فيأمر باتخاذ الاجراءات والدراسة العلمية الرصينة لعلاج ووأد هذه الظاهرة، بل هذا المرض الفتاك والافة الخبيثة لقد رأينا الطلبة الذين يغشون فرحين وكأنهم لم يرتكبوا اثماً يتساوى مع الربا والسرقة وغيره من الكبائر والطلبة الذين لا يغشون حزانى لان درجات الغشاشين اعلى من درجاتهم.
ولدينا الكثير من الكلمات الرنانة والجمل المؤثرة، لكن كلمة غش في بلدنا وحدها تكفي كي نجد حلاً صادقاً لما يدور في اروقة التربية والتعليم
0 comments:
إرسال تعليق