السبت، 28 أبريل 2012

بعد مسلسل التفجيرات في صور وجوارها، أي سلطة 'تتحكم' بأبناء الجنوب؟

ليس في الأجواء ما يوحي أن الانفجار الذي استهدف قبل أيام مطعم "نوشن" عند مدخل صور؛ سيكون الأخير ضمن هذه السلسلة التي بدأت قبل أسابيع، مستهدفة مطاعم في صور والصرفند القريبة منها.

بلغ عدد المطاعم المستهدفة بالتفجير حتى الآن ستة، اثنان منها في الصرفند. الجامع المشترك للأماكن المستهدفة أنها تبيع الكحول، ما يعني أن قراراً متخذاً "من قبل جهة ما"، بمنع بيع الكحول يجري تنفيذه بالقوة النارية في صور وجوارها.

النزول إلى الشارع في صور واستطلاع آراء الناس يؤكد هذه القناعة. ثمة من يؤكد رفضه لـ "سياسة فرض الرأي بالقوة"، وثمة من يشير بالاسم إلى الجهة المتهمة، وثمة من يتحاشى الكلام. في الشارع لا يتكلمون عن الخمر باعتبارها "محرمة دينياً"، فالموضوع ليس هنا، إذ غالبية من لديهم استعداد أن يتكلموا أمام صحفي يؤكدون أنهم لا يشربون الخمر، ولكن ما يثيرونهم جدير بالاهتمام: هناك ستة جرحى في الانفجار الأخير، ولولا لطف الله لوقع قتلى؛ وهناك محلات وسيارات وبيوت متضررة. ما ذنب هؤلاء؟ وهل هذه هي الطريقة المناسبة للتعبير عن رفض الجهة إياها للخمر؟! والأهم: من يحكم الناس ويفرض قانونه عليهم؟!

السلطة غائبة؟

بعد جولة في صور وجوارها: النتيجة هي أن السلطة غائبة أو مغيبة. لا تحقيقات جدية، ولا توقيفات أكيدة لغاية تاريخه. التواصل مع الجهات الأمنية يفيد وكأنها تعرف الجهة الفاعلة وتالياً، فهي لا تحتاج لتحقيقات موسعة... لأنها لن تتمكن من توقيف الفاعلين، أو أنها لا تريد ذلك!.

القناعة نفسها عند الناس الذين يحدثونك عن تهديدات وصلت إلى أصحاب المحال من جهة يعلمونها جيداً عشية رأس السنة الميلادية؛ فرضت عليهم إلغاء حفلات، وتغيير برنامج حفلات أخرى. ثمة منشورات وُزعت في وقت لاحق بهذا المعنى. أصحاب مطاعم "تيروس" و"شواطينا" و"لاكوستا" الذين تعرضوا لتفجيرات؛ سبق أن تعرضوا لتهديدات أو مضايقات، أو مُزقت لافتات لهم في وقت سابق على التفجير (تيروس).

الحظر "المفروض" يشمل دائرة واسعة في صور وجوارها، وصولاً إلى الصرفند والسكسكية، وهي مناطق تتمتع فيها حركة "أمل" بنفوذ كبير، لكن اللافت أن الحركة تنأى بنفسها حتى الآن عن الموضوع (لم تصدر أي إدانة للتفجيرات عن جهة معتبرة في "حزب الله")، وقد طالت التفجيرات صور والصرفند، لكن مطاعم في السكسكية تعرضت للتهديد أيضاً، فيما أحرق ملثمون إطارات أمام محل مخالف لـ "الحظر المفروض" في كفرمان في الأول من شباط الماضي.

أما المستهدفون فمنهم يتحدى ويصر على ما هو عليه؛ ومنهم من رفع لافتات مكتوب عليها "نعتذر عن تقديم الكحول"، والجميع يتحدث عن تأثر الحركة السياحية، والإضرار بمصالح المدينة، والعتب كبير على نواب المدينة وعلى بلديتها، الذين لم يتحركوا لإثارة الموضوع على مستوى يمنع التعرض لأمن الناس وممتلكاتهم.

بالتحليل؛ فإن ما يجري ليس سهلاً، لأن صور منطقة سياحية، ومعروفة بمطاعمها منذ مدة، وفرض "التغيير الشرعي" عليها لا يمكن أن يتم إلا بالقوة، والجهة التي تريد فرض إرادتها تريد تحقيق هدفين دفعة واحدة:

- فرض إرادتها بمنع بيع الكحول بطريقة عنفية.

- خلق انطباع لدى الرأي العام بإمكانية وجود مجموعات قادرة على التفجير في مناطق نفوذ الثنائي الشيعي (أمل وحزب الله)... وما ينطبق على المطاعم ينسحب على غيره من الأهداف سواء كانوا أفراداً أو دوريات تابعة لليونيفيل.

التطرف والفوضى

وفق المعطيات المتقدمة؛ فإن الموضوع ليس دفاعاً عن الخمر، ولكنه دفاع عن أمان الناس وحريتها، وعن قيمة مجتمعية اسمها الدولة، ففي كل بلد تسود فيه الفوضى وتنشأ مجموعات دينية مسلحة؛ يجري استهداف الأشخاص والأماكن المصنفة أنها "تخالف الدين". حدث هذا في العراق، وفي الصومال، وفي موريتانيا... متلازماً مع ظاهرتين: التطرف (الغلو في الدين)، والفوضى، وهما الصفتان اللذان يرفض أي فريق لبناني أن يتبناهما، لكن توالي الانفجارات وتصاعد حدتها يعني ترك مجال الدعوة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) والتوجه إلى أفعال القوة (تفجير محلات المخالفين)، وهذا مؤشر سلبي للغاية عن حلول سلطة الجماعات الدينية المتطرفة محل الدولة... وللأسف فإن هذا الأمر يحدث راهناً في جنوب لبنان على الصعيد الاجتماعي، وفي مدينة صور على وجه التحديد، بعدما حدث بشكل صامت في مناطق جنوبية أخرى غيرها.

فادي شامية

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية