الاثنين، 23 أبريل 2012

تهم "عمالة" لـ"حسين يزبك"؟: "الكبتاغون" أشرف عليه "الباسداران" وصراعات "الحزب" كشفته لمكتب المخدرات




علي حيدر

فضحية تصنيع "الكبتاغون" في حوزات حزب الله في بعلبك أثارت الكثير من الإستفهامات حيال التناقض الأخلاقي ما بين خطاب "أشرف الناس" و سلوكياتهم. المعني الأساس بالفضيحة أي حزب الله، أدار الأذن الطرشاء للفوضى التي تصاعدت حوله، متهماً الجهات التي تناولت هذه القضية بالتصويب على "المقاومة" كالعادة. كما أن الأجهزة الأمنية التابعة للحزب حاولت، استكمالاُ للمسرحية، إسكات المعلّقين على الفضيحة بتعميم معلومات على وسائل الإعلام المحلية بأن لعناصرها الدور الأهم في اكتشاف شبكة تصنيع المخدرات ومداهمة بؤرها و تسليم أفرادها لأجهزة الأمن اللبنانية!

في الآونة الأخيرة بدا "حزب الله" كعجوز مصاب بنوبات فضائح متتالية! فلا يكاد يخرج من فضيحة ليدخل في أخرى، أشد انحطاطا من سابقاتها. وعوض أن يدفعه ذلك إلى إجراء نقد ذاتي لممارساته، وإعادة قراءة لسلوكياته، يقوم بالتستر على الفضائح وتمييعها وتظهيرها أمام الرأي العام أنها هجوم على نهج المقاومة وحماتها.

من بعلبك إلى.. بريتال.. وإلى الشويفات وحي السلم!

في تفاصيل الفضيحة أن مكتب مكافحة المخدرات ضبط في مرفأ طرابلس ماكينتين ضخمتين لتصنيع حبوب "الكبتاغون". ومن تحقيق إلى آخر، أمسك المحققون رأس الخيط في القضية، الذي كان "هاشم الموسوي" شقيق النائب "حسين الموسوي" نائب رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة"! سرعان ما اعترف المتورطون، الذين أوقفوا على ذمة التحقي، بوجود معامل لتصنيع هذه الحبوب في مستودعات في مدينة بعلبك أسفل حوزتي "أم البنين" في "حي العسيرة" و"الإمام الحسن المجتبى" في "حي الشروانة"، اللتين دهمهما مكتب مكافحة المخدرات ووجد فيهما ما وجد. رافق ذلك مداهمات حصلت في بلدات "إيعات" و"النبي شيت" و"بريتال" البقاعية,صودرت خلالها ماكينات تصنيع، وملايين من حبوب "الكبتاغون" الجاهزة، ومواد خام للتصنيع. واستنادا إلى اعترافات الموقوفين أيضا، تم الوصول إلى معامل أخرى في ضاحية بيروت الجنوبية،في منطقتي "الشويفات" و"حي السلم".

اللافت في القضية أن تمويل هذه المعامل وتجهيزها تم بإشراف الحرس الثوري الإيراني! أما إدارتها فقد تكفّل بها رجال دين ينتمون إلى "حزب الله". واختير لها أماكن بعيدة عن الشبهات أي "الحوزات الدينية"، وقد بدأ العمل فيها بعد حرب تموز 2006، مصحوبا بفتوى شرعية من الشيخ محمد يزبك تحلّل تصنيع هذه الحبوب وبيعها، شرط عدم تناولها من قبل أتباع ولاية الفقيه!

القطبة المخفية في الفضيحة تؤكد تسريب معلومات من قبل جناح في حزب الله إلى مكتب مكافحة المخدرات أدت إلى انكشاف المستور! لكن وراء الأكمة ما وراءها، حيث يختبئ وراء الأكمة صراعات سياسية - مناطقية بين أجنحة حزب الله!

"بقاعيّو" الحزب همشّهم "جنوبيّوه"!

الصراع السياسي- المناطقي في حزب الله يدور بين الثلاثي الجنوبي حسن نصر الله، هاشم صفي الدين، ونعيم قاسم، الذين يتفردون بمراكز النفوذ المؤثرة في الحزب. فنصر الله هو الأمين العام، وقاسم نائبه، أما صفي الدين فهو البديل الأقوى الذي يطرحه نصرالله خليفة له في الأمانة العامة. وبين الشيخ محمد يزبك، رئيس "الهيئة الشرعية العليا" في حزب الله وتياره البقاعي، الذي ازداد شعوره حاليا بالتهميش والإقصاء، قياساً على حجم التضحيات التي قدمها لحزب الله في مرحلة التأسيس الأولى في الثمانيات، والتي قامت على أكتاف ثلاث شخصيات بقاعية: الطفيلي، الموسوي ويزبك.

"بقاعيّو" حزب الله يعتبرون أن "جنوبيّيه" خطفوا منهم قيادة الحزب! ففي حين كانت مرحلة التأسيس الأولى "بقاعية" بامتياز، وجدوا أن ثمار ما بعد التأسيس استأثر بقطفها الجنوبيون وحدهم!

ومن أمثلة التهميش اللاحق ببقاعيي الحزب أيضا أن "مجلس شورى القرار" في حزب الله، وهو أعلى هيئة سياسية لديه تضم أهم سبعة قياديين صف أول في الحزب، واحد منهم فقط من البقاع هو الشيخ محمد يزبك، وخمسة جنوبيون هم :حسن نصر الله و نعيم قاسم وهاشم صفي الدين ومحمد رعد وعبدالله قصير, أما القيادي الأخير فهو المعاون السياسي حسين خليل من برج البراجنة.

يضاف إليها الإستئثار الجنوبي ببطولات المقاومة و إنجاز التحرير، وتسمية "بنت جبيل" عاصمة للتحرير بدلا من أي منطقة بقاعية، مع العلم أن أزمة التهميش التي يعاني منها البقاعيون بدأت مع تأسيس "مجلس الجنوب" الذي تكفّل بتعويض أهالي الجنوب خساراتهم المادية نتيجة الإعتداءات الإسرائيلية متناسيا مآسي أهالي البقاع،والتي استمرت طيلة فترة الإحتلال الإسرائيلي ووصلت ذروتها بعد حرب تموز، حيث كانت حصة البقاع من التعويضات العربية والدولية ضيئلة جدا، بالنظر إلى ما حصل عليه أهالي الجنوب.

بنظر البقاعيين وقع حزب الله في الإشكال ذاته الذي وقعت فيه الدولة اللبنانية. وهو تضخيم الحرمان الجنوبي وتقزيم الحرمان البقاعي، الأمر الذي جعلهم يستأنفون زراعة الحشيش ويطورونها. لكن، هذه المرة بمساعدة حزب الله! وكون الشيخ محمد يزبك، البقاعي من بلدة "بوداي"، الناقم على الثلاثي الجنوبي، والساعي إلى توسيع رقعة تأييده الشعبية في مناطق البقاع، حاصلاً على صفة "الوكيل الشرعي العام لمرشد الثورة السيد علي خامنئي في لبنان"، والذي تناط به مهمة استلام وصرف "الحقوق الشرعية" المتوجبة على أتباع مرجعية الخامنئي، ما يعني أنه يمسك بورقة تمويل رسمية، شكل موقعه الغطاء المالي والحزبي والديني لوضع الأسس الأولى للمشروع، يرافقه الغطاء السياسي من قبل النائب حسين الموسوي! فتم استيراد المعدات من إيران على اسم النائب "المقاوم"، واستخدام الطبقات السفلى لـ"الحوزات العلمية" كمعامل تصنيع! فتوسعت التجارة، وصارت تدرّ على أصحابها القناطير المقنطرة من الدولارات، وهنا بيت القصيد. فما لبث أن دب الخلاف حول حجم استفادة حزب الله ككل من عائدات تجارة المخدرات البقاعية، التي كان يذهب معظمها لعائلة الموسوي و شركائه، مع احتساب حصة قليلة جدا للتنظيم.

إبن الشيخ يزبك: شبهات "عمالة" و"تورّط في اغتيال مغنية"؟

الملاحظ في مسار القضية هو سكوت الشيخ يزبك المطبق عما حصل! تقول مصادر أن سكوت يزبك مرده فضيحة أخرى تطاله، هي اعتقال حزب الله لنجله البكر "حسين يزبك" منذ حوالي السنة بتهمة بيع السلاح للمعارضة السورية, إضافة إلى شبهات أخرى تمس الإبن كـ"العمالة لإسرائيل" و"التورط في عملية اغتيال المعاون الجهادي "عماد مغنية" في دمشق".!

تهريب إبن الأمين العام السابق إلى بغداد!

واللافت أيضا أن حزب الله كان متسامحا نوعا ما مع آل الموسوي لخصوصيات عشائرية, وضروريات إنتخابية وبصمة قيادية. حيث أشير إلى أن نجل السيد عباس الموسوي، الأمين العام السابق، المتورط بملفات فساد وتهريب، شريك في لعبة المخدرات أيضا, لذلك عمل رجل المهمات الصعبة في حزب الله, "الحاج وفيق صفا"، على تهريب "هاشم الموسوي" وعائلته سرا من مطار رفيق الحريري الدولي إلى بغداد، بالتعاون مع جهاز أمن المطار قبل شيوع الخبر.

رغم أن حزب الله لم يعترف رسميا بهذه الفضيحة، و راوغ في تبريرها, واعتبرها "إشاعة" غايتها النيل من "سمعة المقاومة" واستقامة قيادييها، إلا أن أبواب حوزتي "أم البنين" و"الإمام الحسن المجتبى" مختومة بالشمع الأحمر. وكذلك "معمل النايلون" في الشويفات، في حين كان كبش المحرقة آل حمية وزين ومقداد وغيرهم.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية