السبت، 5 مايو 2012

الدور السوري في لبنان انتهى... وقريباً الإيراني

تعددت العناوين التي حملها كلّ من جيفري فيلتمان وجوزف ليبرمان في زيارتهما إلى لبنان، من ملف اللاجئين السوريين إلى تجنّب انعكاسات الأزمة السورية وما بينهما الالتزام بموعد الانتخابات وغيرها من الموضوعات، إلّا أنّ العنوان الأساس يبقى في إعادة الولايات المتحدة الأميركية التأكيد على أنّ لبنان ما زال أولوية أميركية، وأن لا مقايضة على حساب سيادته واستقلاله.

الصراع بين النفوذين الأميركي والإيراني على الأرض اللبنانية ليس مسألة تفصيلية، والشعب اللبناني أعجز من مواجهة الهيمنة الإيرانية منفرداً، على غرار عجزه في مرحلة سابقة من مواجهة الهيمنة السورية، وبالتالي حاجته إلى الدعم الدولي ضرورية لسببين: رفع الغطاء عن أيّ تدخل في الشؤون اللبنانية، والحؤول دون تحويل لبنان إلى قاعدة إيرانية.

ولكن لا يفترض وضع النفوذين في المنزلة نفسها، لأنّ النفوذ الإيراني، مثل السوري، هدفه استتباع لبنان وإلغاء كلّ مقوّماته السيادية واستخدامه كورقة وساحة، فيما النفوذ الأميركي يريد إعادة الاعتبار لمشروع الدولة في لبنان وإرساء الاستقرار فيه، ليس تلبية فقط لمطلب جزء كبير من اللبنانيين، إنما لنزع ورقة استراتيجية من يد دمشق وطهران تساهم في زعزعة الاستقرار الإقليمي وتنعكس سلباً على الخطة الأميركية الموضوعة للشرق الأوسط.

والمفاضلة بين هذا النفوذ أو ذاك، تتمّ على أساس المصلحة الوطنية المتمثلة في قيام الدولة اللبنانية، بمعنى أن الموقف من أيّ دولة يرتبط حصرا بسياساتها المعتمدة حيال لبنان، فلا يمكن التموضع مع إيران الداعمة لـ"حزب الله" ضد الدولة، أو الوقوف ضد أميركا الداعمة للدولة ضد التسيّب الميليشياوي. وأمّا معزوفة الدعم السوري - الإيراني لِما يُسمّى المقاومة في وجه إسرائيل، فهي ساقطة ومملّة وتنتمي إلى زمن انتهى.

وهذا الزمن ما كان لينتهي لولا جملة تطورات، منها: القرار الإسرائيلي بالانسحاب من لبنان، أحداث 11 أيلول 2001، إسقاط نظامي طالبان وصدام، إصدار القرار 1559، اغتيال الشهيد رفيق الحريري والانسحاب السوري من لبنان وصولاً إلى الثورات العربية التي عَرّت تماما ما يسمّى بمحور الممانعة الذي باتت صوَر قياداته تُحرق في شوارع العواصم العربية جنباً إلى جنب مع صوَر القادة الإسرائيليين.

فأهمية الثورات العربية بهذا المعنى أنها أظهرت بالملموس أنّ محور الممانعة وإسرائيل وجهان لعملة واحدة، هذه الخلاصة التي كانت قوى 14 آذار أوّل من أشار إليها في وثيقتها في الذكرى الثالثة على انطلاق انتفاضتها بكلامها عن التواطؤ الإيراني - الإسرائيلي.

ومن هنا، فإنّ مواجهة النفوذ الإيراني باتت عمليّاً مثلثة الأضلاع:

أوّلاً، مواجهة أميركية - دولية - إسرائيلية بُغية منع إيران من إنتاج القنبلة النووية، وهذه المواجهة بقدر ما لها علاقة بالخشية من استخدام هذا السلاح تحت عناوين جهادية ومشتقاتها، بقدر ما تهدف أيضا إلى حرمان طهران من التفوّق النوعي والمعنوي.

ثانياً، مواجهة عربية وإسلامية لاستعادة القرار العربي ومفتاح القضية الفلسطينية المسلوبَين من طهران، والحؤول دون تعميم النموذج اللبناني على كل الدول العربية من خلال زرع جاليات إيرانية تخطف القرار السياسي للدول العربية وتجعلها رهينة التوجّه الإيراني.

ثالثاً، مواجهة لبنانية 14 آذارية لاستعادة القرار الوطني، هذه المواجهة التي انتقلت بعد العام 2005 إلى مواجهة مباشرة مع طهران وتحوّلت في ظلّ الأزمة السورية إلى حصرية معها.

لم يسبق أن تجمّعت عناصر خارجية وداخلية مؤاتية للقضية اللبنانية على غرار اللحظة الحالية، إذ إنّ انتفاء التأثير السوري نتيجة الأزمة السورية لا بد أن يُفضي إلى تراجع النفوذ الإيراني بعد سقوط النظام السوري، خصوصاً أن أيّ صفقة محتملة، وهي مستبعدة، بين واشنطن وطهران على الملف النووي لا يمكن أن تتعدّى أفغانستان والعراق في ظلّ توجّه أميركي ثابت بإخراج نفوذ المحور الممانِع عن البحر الأبيض المتوسط.

''شارل جبور''

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية