علي نون
حضر السلاح في يوميات اللبنانيين منذ زمن طويل. دمّرهم بالتقسيط وعلى مراحل. وعند كل صحوة بين غفوة قتل وأخرى، كان الذمّ به رديفاً لإعلان البراءة منه.
قبل الحرب كان عنوان بطولة ورجولة ورفعة شأن ودلالة على حيثية مميزة في مجتمع مدني، السلاح فيه حكرٌ على السلطة وأبرز أدواتها. خلال الحرب الأهلية صار عنوان قضايا كبرى بكبر مشاريع المتحاربين وطموحاتهم. اليوم أيضاً، هو عنوان لقضية كبرى اسمها المقاومة، لكن تندرج تحت ذلك العنوان، تفاصيل فرعية كثيرة تجعل من التمويه سيداً كبيراً: سلاح للمقاومة، لكنه في أوقات الفراغ "يتسلى" بسائر خلق الله من اللبنانيين. يُستخدم في الداخل كلما تعطلت احتمالاته وأكلافه في الخارج. التمويه الواضح صار أكثر وضوحاً: سلاح للمقاومة لكنه في واقعه الراهن سلاح هدفه السلطة وتأكيد مراكز النفوذ فيها.. الإمساك بقرارها الشرعي في أقصى الحالات، وتحسين الموقع في ذلك القرار وتدعيمه وتدشيمه في أدناها.
الفارق الجوهري، بين سلاح الحرب الأهلية وسلاح الترهيب الأهلي. هو أنه في الحالة الأولى كان نتيجة طبيعية لتراكم قراءات متباينة وخلافات مستحكمة بين مكوّنات الاجتماع اللبناني و"ضيوفه". أما في المرة الثانية، الحالية، فقد صار هو سبباً مركزياً، من أسباب أخرى، لإنتاج تلك التباينات والخلافات وللدفع بوتائرها الى مستويات خطيرة.
غير ان الأمر الآخر المرادف لذلك الضنى، هو الهريان الذي يكاد يقارب حد الكمال، في بنية الدولة وأدواتها ومؤسساتها وحضورها. وما يفرزه ذلك الهريان من نتائج تشكّل في محصّلتها مفارقة غريبة: السلاح يقسّم اللبنانيين في السياسة ومشتقّاتها وطوائفها ومذاهبها، لكنه نفسه يكاد يوحّدهم!
بالأمس نشرت إحدى الصحف المحلية تقريراً عن مدينة بعلبك ومعاناة أهلها مع الفلتان الأمني فيها وفي محيطها... بعلبك حيث السلاح اسم رديف لها ولقضائها على مرّ التاريخ اللبناني الحديث، قبل اندلاع الحرب وخلالها وبعدها، يدبّ أهلها الصوت هلعاً وجزعاً ويأساً من الحال التي وصلوا إليها، تحت جناح "السلاح المقاوم".
قبل بعلبك، دبّت طرابلس الصوت، وقبل المدينتين كانت بيروت السبّاقة في الدعوة الى معالجة تؤدي في نهايتها الى إعلاء شأن الدولة و"توطية" شأن السلاح الداشر في أحيائها وشوارعها تحت مسمّيات كثيرة، يجزم أهل الضمير الحي، أن لا علاقة لها من قريب أو بعيد بمسمّى "مقاومة إسرائيل".
فرادة صرخة أهل بعلبك، لا تماثلها إلاّ صرخات مكتومة من أهل الضاحية الجنوبية.. "خزانا المقاومة" يطالبان بتخفيف وطأتها عليهما، فلا حرج بعد ذلك، إن عاد اللبنانيون أينما كانوا الى شعار العبور الى الدولة، فهو، لو تواضع أهل السلاح، المخرج الوحيد لهم، من مأزق استثنائي يكبر باطّراد ويكاد أن يطيح "قضيتهم" مهما أسبغوا عليها من نعوت، ومهما تمادوا في استخدامها كمطيّة لأهداف قهرية وسلطوية أخرى!
حضر السلاح في يوميات اللبنانيين منذ زمن طويل. دمّرهم بالتقسيط وعلى مراحل. وعند كل صحوة بين غفوة قتل وأخرى، كان الذمّ به رديفاً لإعلان البراءة منه.
قبل الحرب كان عنوان بطولة ورجولة ورفعة شأن ودلالة على حيثية مميزة في مجتمع مدني، السلاح فيه حكرٌ على السلطة وأبرز أدواتها. خلال الحرب الأهلية صار عنوان قضايا كبرى بكبر مشاريع المتحاربين وطموحاتهم. اليوم أيضاً، هو عنوان لقضية كبرى اسمها المقاومة، لكن تندرج تحت ذلك العنوان، تفاصيل فرعية كثيرة تجعل من التمويه سيداً كبيراً: سلاح للمقاومة، لكنه في أوقات الفراغ "يتسلى" بسائر خلق الله من اللبنانيين. يُستخدم في الداخل كلما تعطلت احتمالاته وأكلافه في الخارج. التمويه الواضح صار أكثر وضوحاً: سلاح للمقاومة لكنه في واقعه الراهن سلاح هدفه السلطة وتأكيد مراكز النفوذ فيها.. الإمساك بقرارها الشرعي في أقصى الحالات، وتحسين الموقع في ذلك القرار وتدعيمه وتدشيمه في أدناها.
الفارق الجوهري، بين سلاح الحرب الأهلية وسلاح الترهيب الأهلي. هو أنه في الحالة الأولى كان نتيجة طبيعية لتراكم قراءات متباينة وخلافات مستحكمة بين مكوّنات الاجتماع اللبناني و"ضيوفه". أما في المرة الثانية، الحالية، فقد صار هو سبباً مركزياً، من أسباب أخرى، لإنتاج تلك التباينات والخلافات وللدفع بوتائرها الى مستويات خطيرة.
غير ان الأمر الآخر المرادف لذلك الضنى، هو الهريان الذي يكاد يقارب حد الكمال، في بنية الدولة وأدواتها ومؤسساتها وحضورها. وما يفرزه ذلك الهريان من نتائج تشكّل في محصّلتها مفارقة غريبة: السلاح يقسّم اللبنانيين في السياسة ومشتقّاتها وطوائفها ومذاهبها، لكنه نفسه يكاد يوحّدهم!
بالأمس نشرت إحدى الصحف المحلية تقريراً عن مدينة بعلبك ومعاناة أهلها مع الفلتان الأمني فيها وفي محيطها... بعلبك حيث السلاح اسم رديف لها ولقضائها على مرّ التاريخ اللبناني الحديث، قبل اندلاع الحرب وخلالها وبعدها، يدبّ أهلها الصوت هلعاً وجزعاً ويأساً من الحال التي وصلوا إليها، تحت جناح "السلاح المقاوم".
قبل بعلبك، دبّت طرابلس الصوت، وقبل المدينتين كانت بيروت السبّاقة في الدعوة الى معالجة تؤدي في نهايتها الى إعلاء شأن الدولة و"توطية" شأن السلاح الداشر في أحيائها وشوارعها تحت مسمّيات كثيرة، يجزم أهل الضمير الحي، أن لا علاقة لها من قريب أو بعيد بمسمّى "مقاومة إسرائيل".
فرادة صرخة أهل بعلبك، لا تماثلها إلاّ صرخات مكتومة من أهل الضاحية الجنوبية.. "خزانا المقاومة" يطالبان بتخفيف وطأتها عليهما، فلا حرج بعد ذلك، إن عاد اللبنانيون أينما كانوا الى شعار العبور الى الدولة، فهو، لو تواضع أهل السلاح، المخرج الوحيد لهم، من مأزق استثنائي يكبر باطّراد ويكاد أن يطيح "قضيتهم" مهما أسبغوا عليها من نعوت، ومهما تمادوا في استخدامها كمطيّة لأهداف قهرية وسلطوية أخرى!
0 comments:
إرسال تعليق