تونس - هاجم متظاهرون في عدد من المحافظات مقرات حركة النهضة التي تقود الحكومة التونسية ونهبوا مكاتبها وأحرقوها احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، في وقت أظهرت عملية سبر للآراء أن 42 بالمائة من التونسيين يرون أن وضع تونس في عهد بن علي "أفضل من اليوم".
وتعصف موجة الاحتجاجات ضد الحكومة بالبلاد منذ تشكيلها قبل ثلاثة أشهر، إلا أنها أخذت نسقا تصاعديا عنيفا خلال الأسبوع الماضي لتشمل أغلب الجهات لاسيما المحرومة منها.
وتظاهر آلاف التونسيين رافعين شعارات معادية للحكومة في مدن مدنين وقفصة والرقاب وجندوبة ورمادة وصفاقس وقبلي وقابس وسيدي بوزيد والقصرين وسوسة وبنزرت وتالة.
وتسببت الاحتجاجات، في كثير من المدن، في شل مؤسسات الإنتاج بأنواعها ومؤسسات التعليم بمختلف مستوياتها فيما هددت بعض الجهات بإعلان العصيان المادي "ما لم تستجب الحكومة لمطالبهم المشروع في مقومات الحياة الكريمة وتشغيل العاطلين والإصغاء لمشاغلهم".
وهاجم المتظاهرون في عدد من الجهات المقرات الرسمية لحركة النهضة، خاصة في مدينة تطاوين أقصى الجنوب التونسي وفي مدينة تالة وسط غرب تونس العاصمة، وأخرجوا منها "العناصر النهضوية" ثم قاموا بنهب محتوياتها وحرق مكاتبها ووثائقها .
وقال شهود عيان في مدينة تطاوين الجنوبية المعروفة بتدين أهلها إن "متظاهرين من عامة الناس لا تقف وراءهم أية جهة سياسية هاجمت مقر مكاتب حركة النهضة في المدينة وأخرجوا العاملين فيها ثم أحرقوها".
وكانت تطاوين تعد معقلا من معاقل النهضة حيث صوت متساكنيها بكثافة لحركة النهضة في انتخابات 23 تشرين الأول/ اكتوبر 2011 وهو ما يؤكد أن الحركة التي كثيرا ما تروج بأن "الشعب معها" فقدت الكثير من مصداقيتها وفي عمق معاقلها.
واتهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي "أطرافا" لم يسمها بـ "التآمر على الحكومة من أجل عرقلة تنفيذ برامجها".
غير أن سياسيين ونشطاء قالوا إن "فزاعة المؤامرة التي ترفعها النهضة تهدف إلى التغطية عن فشل الحكومة في تحقيق مطالب مشروعة لمواطنين فقراء وعاطلين".
ولاحظ الأمين العام للحزب الشيوعي التونسي حمة الهمامي "إن حركة النهضة لم تكتف بخطاب يفتعل المؤامرات بل قامت بتكوين ميليشيات زرعتها في المدن وظيفتها التصدي لحركات احتجاج المواطنين".
وكانت مجموعات من السلفيين هاجموا اجتماعا عقده الهمامي في حي التضامن، أكبر الأحياء المحيطة بالعاصمة تونس وأشدها فقرا، وقاموا بتعنيفه واتهموه بـ "الكفر" و"الإلحاد".
وكشفت موجة الاحتجاجات التي أخذت خلال الأسبوع الماضي منعرجا خطيرا ينبئ بدخول البلاد في أزمة سياسية واجتماعية أن التونسيين "سئموا الوعود" و"ملوا من الخطب" وفقدوا الثقة في الحكومة التي تقودها حركة النهضة.
الى ذلك اظهر سبر للآراء نشرت نتائجه السبت وأنجزته مؤسسة "سيغما" المعروفة في تونس بالتعاون مع صحيفة "المغرب" اليومية أن 44 فاصل 7 بالمائة يرون أن وضع تونس في عهد بن علي هو أفضل مما هو عليه في ظل حكومة حمادي الجبالي الأمين العام لحركة النهضة.
وقال 78 فاصل 3 بالمائة من التونسيين إنهم "غير راضين عن الطريقة التي تسير بها الأمور في البلاد".
وتتطابق البيانات مع مواقف الأحزاب السياسية المعارضة والقوى الديمقراطية حيث أكد زعيم الحزب الديمقراطي التقدمي أحمد نجيب الشابي أن "الحكومة فشلت في تقديم حلول عملية لمطالب قطاعات واسعة من المواطنين وفي مقدمتها أبناء الجهات المحرومة والمعطلين الذين فاق عددهم 800 ألف عاطل".
وبرأي الشابي فإن فشل الحكومة يعود إلى عدة اعتبارات من أهمها أن "تشكيل الحكومة تم على أساس الولاء الحزبي للنهضة وليس على أساس الكفاءة في إدارة الملفات الشائكة" و"غياب الرؤية الواضحة في التعاطي المدروس والعملي مع مشاغل المواطنين" و"تقديم الهاجس الإيديولوجي والفكري على العمل السياسي الذي يقدم نتائج من شأنها طمأنة التونسيين".
وخلال حملتها الانتخابية إنتهجت النهضة خطاباً "ناعما" لم يخل من الدهاء استمالت به شباب الجهات المحرومة والأحياء الشعبية الفقيرة مستفيدة من منابر المساجد لإقناع الناخب بأنه مخير بين التصويت لـ "للحركة المسلمة" أو لـ "الأحزاب العلمانية الكافرة".
وتحولت نعومة الخطاب وعذوبة الوعود بعد ثلاثة اشهر من الحكم إلى احتجاجات يحاسب من خلالها الشعب حركة النهضة بعد أن خاب أمله فيها إلى درجة أن حوالي نصف التونسيين يحنون لعهد بن علي وفق عملية سبر الآراء.
وزجت احتجاجات التونسيين بالبلاد في حالة خطيرة من "الاحتقان الاجتماعي الذي استفحل في مختلف فئات المجتمع وألقى بتداعياته على المشهد العام بالبلاد حتى أن رئيس الحكومة حمادي الجبالي اعترف بأن بخطورة الأوضاع بالبلاد ملاحظا أن "الاحتقان والتوتر الاجتماعي لا يساعدان على البدء في تنفيذ الاستثمارات المبرمجة لفائدة كل الجهات".
وقال بيان صادر عن رئاسة الحكومة "أن حمادي الجبالي وعددا من الوزراء سيؤدون زيارات ميدانية بدءا من محافظة القصرين" التي تعيش منذ أسبوع حالة من العصيان المدني ترافق مع إضراب عام وقطع الطرقات وطرد للمسؤولين.
وتقول الحكومة أنها وضعت خططا تنموية للجهات المحرومة تبلغ قيمة الاستثمارات بكل جهة حوالي 137 مليون دينار تونسي أي حوالي 85 مليون دولار.
غير أن وعود الحكومة "لم تعد تطمئن المواطن بعد أن تقطعت شعرة الثقة نتيجة نفاذ صبر المحرومين والعاطلين بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على وعود لم يتحقق منها شيئا على أرض الواقع" بحسب المراقبين.
وبرأي المحلل السياسي زياد كريشان "عوض أن ترسل حكومة النهضة وبسرعة الإشارات الضرورية لطمأنة التونسيين نجدها تتخبط في اقتسام المسؤوليات ونخبة حاكمة ومعارضة تتناحر على الجزئيات"، مضيفا لقد "اتضح أن الحاكمين الفعليين للبلاد يملكون تصورات إيديولوجية أضاعت الكثير من الوقت لكنهم لا يملكون خطة واضحة لإنقاذ البلاد".
وبات التونسيون على اقتناع بأن الحكومة "الغارقة في الإيديولوجيا" والفاقدة "لخطة تنموية وسياسية عملية" هي المسؤولة عن تردي الأوضاع زاد في احتقانها اشتعال المواد الاستهلاكية الأساسية التي تضاعف سعر أغلبها بنسبة 100 بالمائة.
وأكد 53 فاصل 5 من التونسيين الذين شملتهم عملية سبر الآراء أن "الحكومة هي الطرف الأول الذي يتحمل مسؤولية المشاكل الاقتصادية".
وقال 83 فاصل 1 من المستجوبين أن "الوضع الاقتصادي في البلاد سيئ".
ولم تكن الاحتجاجات السياسية والاجتماعية ضد الحكومة بمعزل عن اختبار فئات واسعة من التونسيين لمدى وفاء النهضة لوعودها والتزاماتها التي قطعتها خلال حملة الانتخابات بل على العكس بدا التونسيون اليوم أكثر خشية على مكاسب الحداثة التي تحققت نتيجة نضالات من الوطنيين والمصلحين.
فقد أكد 81 بالمائة من النساء المستجوبات "إن الأمور لا تسير بطريقة مرضية" في تعبير صريح على أن حرية المرأة أصبحت مهددة خاصة بعد تنامي سطوة المجموعات السلفية التي تعد الذراع اليمنى والباطشة لحركة النهضة.
ونفض أغلب التونسيين وفي مقدمتهم القوى الديمقراطية والعلمانية ثقتهم من حركة النهضة بعد أن منحت ترخيصا قانونيا لحزب سلفي.
ومما يعمق خطورة الاحتقان الاجتماعي في تونس وفقدان الثقة في حكومة النهضة هي حالة "الاستقطاب السياسي" بين الحاكمين الجدد والمعارضة، إذ تصر النهضة على حق "مشروعية إنفرادها بحكم البلاد" على أساس ما أفرزته الانتخابات فيما ترى المعارضة أن الوضع الدقيق الذي تمر به تونس يستوجب "وحدة وطنية" تبنى من خلال إطلاق حوار وطني بين الإسلاميين والعلمانيين من أجل التوصل إلى أرضية مشتركة تساعد على نجاح عملية الانتقال الديمقراطي.
أما استمرار "الفجوة" و"غياب قنوات حوار ذات مصداقية" بين الحكومة والمعارضة في ظل هشاشة النسيج الاجتماعي وتراجع الثقة في حركة النهضة فهو من شأنه أن يعمق حالة الاستقطاب السياسي" على حد تعبير المحلل السياسي والإعلامي صلاح الدين الجورشي.
وبرأي المراقبين فإنه ما لم تبادر الحكومة بـ "تجسير الفجوة" بينها وبين القوى الديمقراطية والعلمانية وما لم تنتهج "سياسة ديمقراطية تشاركية" فإنها ستدفع بالبلاد إلى أزمة خانقة قد تعصف بعملية الانتقال الديمقراطي برمتها.
وتعصف موجة الاحتجاجات ضد الحكومة بالبلاد منذ تشكيلها قبل ثلاثة أشهر، إلا أنها أخذت نسقا تصاعديا عنيفا خلال الأسبوع الماضي لتشمل أغلب الجهات لاسيما المحرومة منها.
وتظاهر آلاف التونسيين رافعين شعارات معادية للحكومة في مدن مدنين وقفصة والرقاب وجندوبة ورمادة وصفاقس وقبلي وقابس وسيدي بوزيد والقصرين وسوسة وبنزرت وتالة.
وتسببت الاحتجاجات، في كثير من المدن، في شل مؤسسات الإنتاج بأنواعها ومؤسسات التعليم بمختلف مستوياتها فيما هددت بعض الجهات بإعلان العصيان المادي "ما لم تستجب الحكومة لمطالبهم المشروع في مقومات الحياة الكريمة وتشغيل العاطلين والإصغاء لمشاغلهم".
وهاجم المتظاهرون في عدد من الجهات المقرات الرسمية لحركة النهضة، خاصة في مدينة تطاوين أقصى الجنوب التونسي وفي مدينة تالة وسط غرب تونس العاصمة، وأخرجوا منها "العناصر النهضوية" ثم قاموا بنهب محتوياتها وحرق مكاتبها ووثائقها .
وقال شهود عيان في مدينة تطاوين الجنوبية المعروفة بتدين أهلها إن "متظاهرين من عامة الناس لا تقف وراءهم أية جهة سياسية هاجمت مقر مكاتب حركة النهضة في المدينة وأخرجوا العاملين فيها ثم أحرقوها".
وكانت تطاوين تعد معقلا من معاقل النهضة حيث صوت متساكنيها بكثافة لحركة النهضة في انتخابات 23 تشرين الأول/ اكتوبر 2011 وهو ما يؤكد أن الحركة التي كثيرا ما تروج بأن "الشعب معها" فقدت الكثير من مصداقيتها وفي عمق معاقلها.
واتهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي "أطرافا" لم يسمها بـ "التآمر على الحكومة من أجل عرقلة تنفيذ برامجها".
غير أن سياسيين ونشطاء قالوا إن "فزاعة المؤامرة التي ترفعها النهضة تهدف إلى التغطية عن فشل الحكومة في تحقيق مطالب مشروعة لمواطنين فقراء وعاطلين".
ولاحظ الأمين العام للحزب الشيوعي التونسي حمة الهمامي "إن حركة النهضة لم تكتف بخطاب يفتعل المؤامرات بل قامت بتكوين ميليشيات زرعتها في المدن وظيفتها التصدي لحركات احتجاج المواطنين".
وكانت مجموعات من السلفيين هاجموا اجتماعا عقده الهمامي في حي التضامن، أكبر الأحياء المحيطة بالعاصمة تونس وأشدها فقرا، وقاموا بتعنيفه واتهموه بـ "الكفر" و"الإلحاد".
وكشفت موجة الاحتجاجات التي أخذت خلال الأسبوع الماضي منعرجا خطيرا ينبئ بدخول البلاد في أزمة سياسية واجتماعية أن التونسيين "سئموا الوعود" و"ملوا من الخطب" وفقدوا الثقة في الحكومة التي تقودها حركة النهضة.
الى ذلك اظهر سبر للآراء نشرت نتائجه السبت وأنجزته مؤسسة "سيغما" المعروفة في تونس بالتعاون مع صحيفة "المغرب" اليومية أن 44 فاصل 7 بالمائة يرون أن وضع تونس في عهد بن علي هو أفضل مما هو عليه في ظل حكومة حمادي الجبالي الأمين العام لحركة النهضة.
وقال 78 فاصل 3 بالمائة من التونسيين إنهم "غير راضين عن الطريقة التي تسير بها الأمور في البلاد".
وتتطابق البيانات مع مواقف الأحزاب السياسية المعارضة والقوى الديمقراطية حيث أكد زعيم الحزب الديمقراطي التقدمي أحمد نجيب الشابي أن "الحكومة فشلت في تقديم حلول عملية لمطالب قطاعات واسعة من المواطنين وفي مقدمتها أبناء الجهات المحرومة والمعطلين الذين فاق عددهم 800 ألف عاطل".
وبرأي الشابي فإن فشل الحكومة يعود إلى عدة اعتبارات من أهمها أن "تشكيل الحكومة تم على أساس الولاء الحزبي للنهضة وليس على أساس الكفاءة في إدارة الملفات الشائكة" و"غياب الرؤية الواضحة في التعاطي المدروس والعملي مع مشاغل المواطنين" و"تقديم الهاجس الإيديولوجي والفكري على العمل السياسي الذي يقدم نتائج من شأنها طمأنة التونسيين".
وخلال حملتها الانتخابية إنتهجت النهضة خطاباً "ناعما" لم يخل من الدهاء استمالت به شباب الجهات المحرومة والأحياء الشعبية الفقيرة مستفيدة من منابر المساجد لإقناع الناخب بأنه مخير بين التصويت لـ "للحركة المسلمة" أو لـ "الأحزاب العلمانية الكافرة".
وتحولت نعومة الخطاب وعذوبة الوعود بعد ثلاثة اشهر من الحكم إلى احتجاجات يحاسب من خلالها الشعب حركة النهضة بعد أن خاب أمله فيها إلى درجة أن حوالي نصف التونسيين يحنون لعهد بن علي وفق عملية سبر الآراء.
وزجت احتجاجات التونسيين بالبلاد في حالة خطيرة من "الاحتقان الاجتماعي الذي استفحل في مختلف فئات المجتمع وألقى بتداعياته على المشهد العام بالبلاد حتى أن رئيس الحكومة حمادي الجبالي اعترف بأن بخطورة الأوضاع بالبلاد ملاحظا أن "الاحتقان والتوتر الاجتماعي لا يساعدان على البدء في تنفيذ الاستثمارات المبرمجة لفائدة كل الجهات".
وقال بيان صادر عن رئاسة الحكومة "أن حمادي الجبالي وعددا من الوزراء سيؤدون زيارات ميدانية بدءا من محافظة القصرين" التي تعيش منذ أسبوع حالة من العصيان المدني ترافق مع إضراب عام وقطع الطرقات وطرد للمسؤولين.
وتقول الحكومة أنها وضعت خططا تنموية للجهات المحرومة تبلغ قيمة الاستثمارات بكل جهة حوالي 137 مليون دينار تونسي أي حوالي 85 مليون دولار.
غير أن وعود الحكومة "لم تعد تطمئن المواطن بعد أن تقطعت شعرة الثقة نتيجة نفاذ صبر المحرومين والعاطلين بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على وعود لم يتحقق منها شيئا على أرض الواقع" بحسب المراقبين.
وبرأي المحلل السياسي زياد كريشان "عوض أن ترسل حكومة النهضة وبسرعة الإشارات الضرورية لطمأنة التونسيين نجدها تتخبط في اقتسام المسؤوليات ونخبة حاكمة ومعارضة تتناحر على الجزئيات"، مضيفا لقد "اتضح أن الحاكمين الفعليين للبلاد يملكون تصورات إيديولوجية أضاعت الكثير من الوقت لكنهم لا يملكون خطة واضحة لإنقاذ البلاد".
وبات التونسيون على اقتناع بأن الحكومة "الغارقة في الإيديولوجيا" والفاقدة "لخطة تنموية وسياسية عملية" هي المسؤولة عن تردي الأوضاع زاد في احتقانها اشتعال المواد الاستهلاكية الأساسية التي تضاعف سعر أغلبها بنسبة 100 بالمائة.
وأكد 53 فاصل 5 من التونسيين الذين شملتهم عملية سبر الآراء أن "الحكومة هي الطرف الأول الذي يتحمل مسؤولية المشاكل الاقتصادية".
وقال 83 فاصل 1 من المستجوبين أن "الوضع الاقتصادي في البلاد سيئ".
ولم تكن الاحتجاجات السياسية والاجتماعية ضد الحكومة بمعزل عن اختبار فئات واسعة من التونسيين لمدى وفاء النهضة لوعودها والتزاماتها التي قطعتها خلال حملة الانتخابات بل على العكس بدا التونسيون اليوم أكثر خشية على مكاسب الحداثة التي تحققت نتيجة نضالات من الوطنيين والمصلحين.
فقد أكد 81 بالمائة من النساء المستجوبات "إن الأمور لا تسير بطريقة مرضية" في تعبير صريح على أن حرية المرأة أصبحت مهددة خاصة بعد تنامي سطوة المجموعات السلفية التي تعد الذراع اليمنى والباطشة لحركة النهضة.
ونفض أغلب التونسيين وفي مقدمتهم القوى الديمقراطية والعلمانية ثقتهم من حركة النهضة بعد أن منحت ترخيصا قانونيا لحزب سلفي.
ومما يعمق خطورة الاحتقان الاجتماعي في تونس وفقدان الثقة في حكومة النهضة هي حالة "الاستقطاب السياسي" بين الحاكمين الجدد والمعارضة، إذ تصر النهضة على حق "مشروعية إنفرادها بحكم البلاد" على أساس ما أفرزته الانتخابات فيما ترى المعارضة أن الوضع الدقيق الذي تمر به تونس يستوجب "وحدة وطنية" تبنى من خلال إطلاق حوار وطني بين الإسلاميين والعلمانيين من أجل التوصل إلى أرضية مشتركة تساعد على نجاح عملية الانتقال الديمقراطي.
أما استمرار "الفجوة" و"غياب قنوات حوار ذات مصداقية" بين الحكومة والمعارضة في ظل هشاشة النسيج الاجتماعي وتراجع الثقة في حركة النهضة فهو من شأنه أن يعمق حالة الاستقطاب السياسي" على حد تعبير المحلل السياسي والإعلامي صلاح الدين الجورشي.
وبرأي المراقبين فإنه ما لم تبادر الحكومة بـ "تجسير الفجوة" بينها وبين القوى الديمقراطية والعلمانية وما لم تنتهج "سياسة ديمقراطية تشاركية" فإنها ستدفع بالبلاد إلى أزمة خانقة قد تعصف بعملية الانتقال الديمقراطي برمتها.
0 comments:
إرسال تعليق