اثناء انشغالي في كتابة هذه السطور حول انتخابات الرئاسة المصرية سيتوجه اليوم الاربعاء وغدا الخميس الى صناديق الاقتراع ملايين الناخبين المصريين من اصل 51 مليون ناخب للادلاء باصواتهم لاختيار واحد من بين 12 مرشحا يتنافسون من اجل الفوز بمنصب رئيس الجمهورية , وما دفعني للخوض في هذه المسالة ان احدهم قد سالني : لو كنت مصريا فهل ستتجشم عناء التوجه الى صناديق الاقتراع للادلاء بصوتك لاي من هؤلاء المرشحين ؟ ولمن ستعطي صوتك اليتيم , هل ستعطيه للمرشحين الموصوفين " بالفلول " امثال عمرو موسى واحمد شفيق ام ستمنحه لوكلاء الذات الالهية على هذه الارض الغبراء والناطقين باسمه امثال ابو سكسوكة ابو الفتوح وابو نصف لحية مرشح الاخونجية محمد مرسي ام ستعطيه وبدون تردد او استعراض لاسماء المرشحين لاحد المرشحين الاشتراكيين والليبراليين امثال البسطويسي وابو العز والناصري المعتّق حمدين الصباحي ؟
وجوابي على هذه الاسئلة : بالتاكيد ساتوجه الى صندوق الاقتراع وسادلي بصوتي وساختار المرشح الذي اراه مناسبا لهذا الموقع وفي هذه الحالة لن امنح صوتي باي حال من الاحوال للاخونجية ابو الفتوح اولمحمد مرسي لان سكسوكة الاول ولحية الثاني وخطابهم الديني يذكرني برهبان وقساوسة الكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطى فكما كان هؤلاء يضحكون على ذقون البسطاء من المؤمنين الكاثوليك ويبيعونهم صكوك غفران لقاء ذهابهم الى جنات النعيم كذلك لا يختلف مرشحو الاخونجية في دعايتهم الانتخابية وفي اجتذابهم لاصوات البسطاء والسذج من الشعب المصري وحيث يتجلى كذب الاخونجية ودجلهم وضحكهم على ذقون المتدينين بالزعم بان من يعطى صوته للمرشح الليبرالي او القومي او الاشتراكي او للقبطي سيحل عليه غضب الله وسيعاقبه يوم الحشر برميه في جهنم الحمراء كى يتلوى هناك من شدة العذاب الى ابد الابدين وذلك جزاء لاعطاء صوته لهؤلاء المرشحين الكفرة والمشركين والملحدين وبان من يعطى صوته للمرشح المسلم الموحّد والذي يجاهد من اجل اقامة شرع الله على ارض مصر واعادة انتاج مرحلة السلف الصالح ومنظومة قيمها كالخلافة وما شابه أي يعطيه لمرشحي الاخوان الملتحين فسوف يكافئه الله عز وجل في الاخره بادخاله جنات نعيم تجري من تحتها الانهار وهي كما نلاحظ طبعة ثانية ان لم تكن نسخة طبق الاصل عن صكوك الغفران التي كان يوزعها ويبيعها القساوسة للمهابيل الكاثوليك ويستخدمها الاخونجية في دعايتهم لشدة تاثيرها السحري على عقول البسطاء والمهابيل من الناخبين المصريين الذين لم يعد من قضية تشغلهم بعد ان شحدوا الملح وذاقوا مرارة الفقر والجوع والمرض في ظل استحواذ الراسمالية الطفيلية على الجزء الاكبر من الدخل الوطني الا قضية ان يعوضهم الله حرمانهم من الملذات الارضية بالملذات والمتع المتوفرة في جنات النعيم ، كذلك لن اعطيه لاي من المرشحين الملتحين لان العدالة والحرية وتقدم مصر وتطورها بنظرهم لن تتحقق الا في ظل دولة دينية تقيم شرع الله أي في ظل دولة :
- ترفض التعددية السياسية وتداول السلطة
- تتعامل مع الديمقراطية كبدعة غربية تتعارض مع مبدأ الشورى الذي ينبغي تطبيقه تمشيا مع تعاليم الدين الحنيف
- ترفض مبدا المواطنة والمساواة بين المواطنين بل تفرق وتميز بينهم طبقيا الى مسلمين يحتلون مرتبة " الاعلون " والى اهل ذمة اقل درجة منهم ويتوجب عليهم ان يهرولوا الى بيت مال المسلمين كي يدفعوا الجزية بوجوه صاغرة . الم يقل المراقب العام السابق للاخوان المسلمين " طز في مصر " عندما قالوا له ان من حق المواطن القبطي ان يرشح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية باعتباره مواطنا مصريا الم يقل انه يقبل ان يكون اندونيسيا مسلما رئيسا لمصر ولكنه لن يقبل باي حال من الاحوال ان يحتل القبطي هذا المنصب وهل ثمة فرق بين النظرة الاستعلائية وللتفوق المذهبي للاخوان المسلمين عن نازية هتلر وفاشية موسوليني
- تعتمد اسلوب الجهاد اعلاء لراية دين الحق . وهل يختلف هذا الاسلوب عن اسلوب القوة الذي استخدمته الحركة الصهيونية من اجل اقامة الكيان الصهيوني على ارض فلسطين التي خصصها الله لشعبه المختار وفقا لتعهداته التوراتية ! وهل يتمشى اسلوب الجهاد الاخوني مع مبدا التعايش والتعاون بين شعوب دول العالم المنصوص عليه في اكثر من بند في ميثاق الامم المتحدة
- تكرس المجتمع الطبقي تمشيا مع اجتهادهم للنص الديني " جعلناكم طبقات فوق بعضكم البعض" أي ان يبقى الغني غنيا و الفقير فقيرا وكام هو الحال في المملكة العربية السعودية ومشيخة قطر وغيرها من مشيخات النفط والغاز التي تدعم الاخوان الملتحين بالمال لقاء ان ينفذ الملتحون مشروعهم الوهابي الرجعى الظلامي الهادف الى محاربة التيارات والانظمة التقدمية العربية وبرامج الحداثة والعدالة الاجتماعية التي تتبناها هذه القوى
- اعتماد مبدا الاغتيال لاصحاب الراي المختلف خلافا لمبدا احترام الراي الاخر . الم يحاول الاخوان الملتحون اغتيال جملل عبد الناصر في منشية البكري لمجرد انه خالف قاعدة التمايز الطبقي واتخذ قرارات بتاميم الشركات ونقل ملكيتها من البورجوازية المصرية الى المجتمع الم يغتالوا السادات رغم انه كان حاضنة لهم ولولاه لاندثر الاخوان الملتحون في مصر ولن يجدوا ماوى لهم في حضن أي نظام عربي الا في احضان النظام اسعودي والقطري؟ الم يحاولوا اكثر من مرة اغتيال حسني مبارك في السودان وغيرها ؟ الا يحرضون من وراء الستار على محاربة المفكرين واهل الفن ‘‘ الم يقتل اخوان حماس المئات من عناصر فتح اثناء انقلابهم الدموي على السلطة الفلسطينية بدون توجيه تهم لهم او محاكمتهم امام القضاء بوسائل لم نعهدها ولا تختلف عن الوسائل الوحشية التي يستخدمها تنظيم القاعدة ضد خصومه مثل القاء عناصر فتح من اسطح العمارات العالية
- عدم المساواة بين الرجل والمراة في الحقوق والواجبات خلافا لكافة المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان وتمشيا مع اجتهادهم في النص الديني " الرجال قوامون على النساء " والمراة ناقصة عقل ودين . الا تستحق المراة مثلا ان تحتل منصب وزير دفاع او تكون قاضية او رئيسا للدولة وهناك ادلة قاطعة تثبت انها كالرجل ناضجة ومكتملة العقل وتستطيع ان تحتل ارفع المناصب وتقوم بمهامها بالكفاءة المطلوبة ، فلو كانت ناقصة عقل فهل كان الشعب الالماني ينتخب انجيلا ميركيل مستشارة لالمانيا ولو كان عقل الرجل اكثر نضجا من عقل المراة فهل كان ممكنا ان يكون عدد الاناث المتفوقات في امتحانات التوجيهي اكثر من عدد الذكور؟ وهل كان ممكنا ان يكون عدد العلماء الاناث في بعض الحقول العلمية ضعف عدد العلماء الذكور
- اعتماد مبدا قطع يد السارق والارجل من خلاف ورجم الزانية والزاني خلافا للمواثيق الدولية التي تحرم هذا الاسلوب في معاقبة الجناة
لكل هذه الاسباب لن اعطي صوتي لاي من هؤلاء المرشحين الملتحين حتى لو مارسوا التقية وادعوا تبنيهم لمنظومة القيم الانسانية والتزامهم بالتقاليد الديمقراطية لن اصدقهم لان خطابهم في حملة الانتخابات سيخالف افعالهم لدى وصولهم الى سدة السلطة ولان التقية هي اسلوبهم بل قشرتهم للتغطية على جوهرهم المتخلف ولهذا ساعطي صوتي للمرشح الاشتراكي الناصري العلماني والمناضل الطبقي حمدين الصباحي لان ممارساته وبرنامجه السياسي هو النقيض تماما لبرنامج مرشحي الاخوان الملتحين ولان لا رافعة ولا تطور لمصر الا بتطبيق برنامج اشتراكي كالذي يتبناه وسيعمل على تطبيقه حمدين لو فازر بمنصب رئيس الجمهورية . وبما انني لست من التابعية المصرية ولا املك حق التصويت في هذه الانتخابات فانني ادعو من يقرا هذه السطور من الناخبين المصريين الى انتخاب حمدين والى حجب اصواتهم عن الاخوان الملتحين ضمانأ لامن واستقرار مصر وتحقيقا للعدالة الاجتماعية وحتى لا يذهب بها الاخوان الملتحون الى الفوضى السياسية والاقتصادية والاحتراب الطائفي ، فهل سيصوت المصريون للمرشح الاشتراكي العلماني ام سيعطوا معظم اصواتهم للمرشح الملتحي كسبا لمرضاة الله وللفوز من بعد ذلك بالحور العين في جنات النعيم ؟؟ الايام المقبلة ستكشف عن توجهات الناخب المصري وعن درجه تفضيله للواقع الملموس على العالم الغيبي اللامحسوس
خليل خوري
23 مايو ايار 2012
0 comments:
إرسال تعليق