الأربعاء، 6 يونيو 2012
الفريق والعقيد
4:17 م
اضف تعليق
عــمـاد مـوســى
يخرجُ معظم زوّار الدكتور بشار الأسد من اللبنانيين بانطباع يصل إلى حد اليقين أن الرئيس السوري قادرُ على حسم الموقف في 24 ساعة. ومثلهم خرج المبعوث الدولي كوفي أنان أيضاً بمثل هذا الإنطباع مع مفعول رجعي إذ سمع من فم سيادة الرئيس "أنه حسم الأمور العسكرية لصالحه تماما مطلع الشهر الماضي" أي منذ مطلع نيسان، وما جولات العنف اللاحقة وقصف الأحياء سوى تفاصيل صغيرة أو إرتدادات لا تستأهل التوقف عندها. وفي لغة الأرقام من يتحدث عن 10 آلاف أو 15 ألف قتيل بينهم نسبة عالية من الأولاد والنساء في عملية سيادية؟
حَسَم الأسد و"مستعدُ مجدداً للحسم في غضون 24 ساعة وأنه لا يزال يرفض ضغوطا عليه من القادة العسكريين بإنزال القوات الخاصة لحسم الأمور لمصلحة نظامه" على ما أبلغ إلى كوفي عنان. ما دام حسم وانتهى أمر "الإرهابيين" فما الحاجة إلى الحسم مجددا؟ أيودّ تأكيد الحسم كمن يطعّم ابنه ضد الحصبة ثم يكون هناك لقاح تذكيري بعد فترة؟ وهكذا تفلح القوات النظامية آحياء حمص وإدلب بالمدفعية ثم تعيد فلاحتها كل شهرين مرة.
وجد أنان نفسه أمام قائد قاطع في أحكامه وجاهز في أي وقت على هزيمة الأنظمة السياسية المتآمرة. هدد بزلزال. قبل أشهر كرر نفس الكلام على مسامع ضيوفه. زلزال يشعل الشرق الأوسط. تسجيل حي يدور ويدور.
نقل الإعلام ما قال السيد الرئيس للسيد أنان فقط. الباقي لا لزوم له. وبالتالي لم أعلم ما الإنطباع الذي كوّنه المبعوث اللامع لكن الواضح أن الرئيس السوري بات يتصرّف إلى حد ما كزعيم الجماهيرية الليبية الراحل العقيد معمر القذافي.
فقبل حوالى 10 أيام من مقتله زعم القذافي تحريك عشرة آلاف أمريكي في شارع "وول ستريت" في نيويورك، احتجاجاً على الفقر والبطالة وخاطب الأميركيين على طريقته:
"إننا نقول لكم بصراحة إن أحداث وول ستريت هي مجرد رسالة منا لكم ولكل الدول الغربية الآثمة.. إننا نملك الوسائل التي تحرك الشارع ضدكم وتنسف أمنكم كما نسفتم أمن الشعب الليبي".
وتابع الراحل: "إنني أتوجه بكلمتي هذه أولا إلى الرئيس الأمريكي أوباما وكل من ساند غزو الناتو للجماهيرية، لأقول لهم: هل عرفتم الآن أننا نستطيع أن نحرك الأوضاع من تحت أقدامكم وننشر الفوضى؟ والسن بالسن والبادئ أظلم".
يوم هدد العقيد القذافي بقلب الأوضاع كان متوارياً عن الأنظار فيما لا يزال الرئيس السوري (يحمل رتبة فريق) يتمتع بمساحة واسعة للتحرك ومخاطبة الغرب والشرق مباشرة، صوتاً وصورة.
ما يعني أن هناك تمايزاً في المسارين الإنحدارين، والجامع بين الفريق و العقيد أن كلاهما تسبب بضحايا بين أفراد شعبه وجيشه ومقاومته فاق عددهم من قتل في الحروب العربية الإسرائيلية.
والفارق أيضاً أن العقيد وصلت يده إلى أمريكا فيما لن يذهب الدكتور الأسد إلى حد تحريك الشارع الأمريكي. الشارع اللبناني أقرب.
0 comments:
إرسال تعليق