لم أكن أعتقد أنه في يوم من الأيام أن المقاومة الفلسطينية ستجد نفسها حاضرة في الإعلام السوري الرسمي. وليس الاستغراب من حضورها في إعلام دولة المقاومة والممانعة، لكن الغريب أن تكون في هذه المرة المقاومة ليست ضيف شرف، وإنما تستحضر كشريك في ما يسمى "المؤامرة الكونية ضد سوريا".
فمنذ فترة وبعد اندلاع الثورة السورية، بدأ التحريض واضحا من قبل الإعلام السوري الرسمي والخاص، ضد رموز وقادة المقاومة الفلسطينية، وبالأخص ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي، انطلاقا من موقف الحركتين الداعي إلى وقف اراقة الدم السوري، والدعوة إلى الحوار والوحدة الوطنية والحفاظ على وحدة وأمن واستقرار سوريا، ومع حقوق وتطلعات الشعب السوري بالحرية والإصلاح والديمقراطية، ورفض التدخل الخارجي في سوريا.
والغريب أن هذا الموقف ينسجم مع الدعوات التي يطلقها النظام السوري، لحل ما يسميه "الأزمة السورية". فلماذا كل هذا التحريض في الإعلام السوري على المقاومة الفلسطينية، التي طالما كانت قياداتها تولي القنوات والفضائيات والصحف السورية أهمية في لقاءاتهم وتصريحاتهم الصحفية.
وهل إن كان النظام السوري قد احتضن المقاومة لسنوات طويلة ولا يزال، أن يكون الثمن الذي يجب أن تدفعه المقاومة الفلسطينية اليوم هو تجريم ثورة الشعب السوري، الحاضن الفعلي للشعب الفلسطيني ومقاومته الوطنية.
كيف تستطيع المقاومة التخلي عن مبادئها، وسياساتها، وأن ترسم نهجها وخطها النضالي وفق المصالح السياسية، وكيف لها أن تخون الشعب السوري الذي ما بخل يوما عن فلسطين؟
كانت المقاومة الفلسطينية، الناصح والأمين، الناصح للنظام السوري بالرحمة بشعبه، والأمين على سوريا أرضا وشعبا من التفرقة والتدخل الأجنبي.
وربما يسأل البعض عن باقي الفصائل الفلسطينية في سوريا، ومواقفها الداعمة للنظام السوري بالمطلق. اعتقد أن هذه الفصائل لا تتمتع بالشعبية سواء من ابناء شعبنا الفلسطيني، أو من أشقائنا السوريين، علاوة على أن مواقف هذه الفصائل تعود بالسلبية على أوضاع الفلسطينيين في سوريا، لأنها تحسب على النظام السوري وضد الثورة السورية.
فالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة التي يتزعمها جبريل، عملت في الآونة الأخيرة على تسليح المخيمات الفلسطينية وخاصة مخيم اليرموك الواقع جنوب العاصمة دمشق.
قامت بتسليح عشرات الشباب في اليرموك، دون توافق فصائلي، تحت مسمى "اللجان الشعبية"، ومهمة هذه اللجان وفقا للقيادة العامة هي حماية المخيمات من اللصوص والفلتان الأمني، لكن الذي اتضح أنها وجدت بالتنسيق مع الجانب السوري الرسمي، لمواجهة قوات المعارضة السورية المعروفة بالجيش السوري الحر، وبالتالي حسبت هذه اللجان على طرف في الأزمة السورية، وقد سلجت عدة اشتباكات بين عناصر القياد العامة والجيش الحر، داخل مخيم اليرموك، حيث كانت تواجه بغضب شعبي، وتولدت حالة فلسطينية في المخيم ترفض تسليح مخيم اليرموك، خاصة بعد ان استخدم هذا السلاح في مشاكل اجتماعية، أدت الى مقتل أحد الفلسطينيين إثر خلاف على "كب الزبالة"، وغيرها من الخلافات، وهنا ربما يقودنا هذا الوضع إلى ما تعانيه مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
بالتالي فإن السيناريو المحتمل لهذه اللجان الشعبية، أن تأخذ دور الأمن السوري في مواجهة قوات المعارضة السورية على حدود وداخل المخيمات في سوريا، وهذا ما سيقود إلى زج المخيمات الفلسطينية في الأزمة السورية، وبالتالي إلى صراع فلسطيني داخلي جراء الإنقسام الفلسطيني، بين مؤيد للنظام السوري، وداعم للثورة السورية.
وعودا على ذي بدء، نقول للإعلام السوري، نحن نتفهم دوركم كإعلام رسمي، لكن إن أردتم التحريض على المقاومة الفلسطينية، فاعتقد أنها ستكون ورقة التوت الأخيرة التي ستعري النظام السوري.
غالب واثق
صحفي فلسطيني
0 comments:
إرسال تعليق