الأربعاء، 19 سبتمبر 2012
وثائق سرية تكشف تورطاً أمريكياً في صبرا وشاتيلا ..الموفد الأمريكي لشارون: نود منكم الرحيل من بيروت دعوا اللبنانيين يتصرفون
بعد 30 عاماً على مجزرة "صبرا وشاتيلا"، التي استهدفت في 16 أيلول/سبتمبر 1982 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في منطقة صبرا وشاتيلا في بيروت العاصمة اللبنانية، وشارك فيها في حينه فصيل لبناني بالاشتراك مع القوات الإسرائيلية التي غطى طيرانها العملية، يبدو أن 5 وثائق جديدة (تعود إلى تواريخ 15 ، 16، 17، 18، و20 أيلول/سبتمبر 1982) ستكشف المستور عن تورط أمريكي واضح في المأساة التي طالت شيوخاً ونساء وأطفالاً هجروا من فلسطين
أما كاشف تلك الوثائق، بحسب صحيفة "لو موند" الفرنسية، فهو سيث أنزيسكا، وهو باحث أمريكي في جامعة كولومبيا، نشر مقالاً في "النيويورك تايمز" تحت عنوان "المذبحة التي كان يمكن تفاديها في صبرا وشاتيلا" عارضاً حواراً جرى بين أرييل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي في حينه، وموفد الرئيس الأمريكي رونالد ريغن إلى الشرق الأوسط السفير موريس درابر
ويتضمن المقال المذكور تعرية للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية، كاشفاً حقيقة سياسة واشنطن في لبنان
ففي إحدى الوثائق المسربة العائدة إلى 17 أيلول/سبتمبر 1982، حديث دار بين الموفد الأمريكي وبين أريال شارون، يظهر كيف خضعت واشنطن للإملاءات الإسرائيلية. إذ قال شارون في الاجتماع الذي ضم "الحليفين" بالحرف الواحد لدرابر: إذا كنت متخوفاً من أن تتورط معنا، فلا مشكلة، يمكن لأمريكا بكل بساطة أن تنكر الأمر أو علمها به، ونحن بدورنا سننكر ذلك أيضاً
أفظع مذابح الحرب اللبنانية
وفي هذه اللحظة بالذات كانت تجري مجزرة من أفظع ما ارتكب على الاطلاق في الحرب اللبنانية، حيث صفي ما بين 800 و2000 من المدنيين العزل شيوخا وأطفالا ونساء، على أيدي القوات اللبنانية الجناح العسكري في حينه للكتائب، حليفة إسرائيل التي اجتاحت لبنان في السادس من حزيران/يونيو 1982.
الاسرائيليون بحسب ما يشير عدد من المؤرخين كانوا على علم بأن حلفاءهم اللبنانيين دخلوا المخيم وأن عمليات تصفية جرت
وفي أحد اللقاءات التي جرت بين الموفد الأمريكي وشارون بحضور السفير الأمريكي سام لويس ورئيس الأركان الاسرائيلي رافائيل إيتان، ورئيس الاستخبارات العسكرية يهوشوا ساغي، ذكّر درابر بموقف بلاده المطالب بانسحاب قوات الجيش الاسرائيلي من بيروت
فما كان من شارون إلا أن رد قائلاً إن الارهابيين لا يزالون في العاصمة، مؤكداً أنهم يملكون أسماءهم وأن عددهم يتراوح ما بين 2000 و3000. وأضاف متسائلاً: "من سيتولى أمر المخيمات؟" ليجيبه درابر بأن الجيش وقوى الآمن اللبناني سيقومان بذلك. إلا أن درابر وبعد جدال بينه وشارون، يبدو أنه خضع للترهيب الإسرائيلي، بحسب ما أشار الباحث الأمريكي في حديث إلى لو موند
"لسنا مهتمين بإنقاذ أحد من هؤلاء"
ورغم اصرار شارون على تنظيف المخيمات من الارهابيين، قائلاً إن هذا الأمر يجب أن يكون من أولى اهتمامات الولايات المتحدة أيضاً، قبل الاسرائيليون الانسحاب من بيروت، بشرط اعطائهم مهلة 48 ساعة. وتكمن المفاجأة في موافقة درابر على ذلك، مشدداً على ان خطة الانسحاب يجب أن تطبق في غضون 48 ساعة
لكن شارون، لم يترك طاولة الاجتماع إلا بعد أن تأكد من خلو الاتفاق من أي التباس، معدداً أسماء المخيمات التي سيدخلها لتصفية الارهابيين منها وهي صبرا وشاتيلا، برج البراجنة وفكهاني. عندها بادره درابر بالقول لكن البعض سيزعم بأن الجيش الاسرائيلي باق في بيروت لكي يسمح للبنانيين بقتل الفلسطينيين
فما كان من شارون إلا أن رد قائلاً: "سنقتلهم نحن إذاً، لن نبقي أحداً منهم، لن نسمح لكم (يقصد للولايات المتحدة) بإنقاذ هؤلاء الارهابيين". وإذا كان رد شارون غير مفاجئ، إلا أن المفاجأة أتت من درابر نفسه الذي "أذعن" قائلاً "لسنا مهتمين بإنقاذ أحد من هؤلاء". فكرر شارون قائلاً: "إن كنتم لا تريدون أن يقتلهم اللبنانيون فسنقتلهم بأنفسنا". فأعاد عندها السفير درابر موقف الحكومة الامريكية قائلاً: نود منكم الرحيل. دعوا اللبنانيين يتصرفون
"يجب عليكم أن تخجلوا"
بعد هذه المحادثة بثلاث ايام بدأ الانسحاب الاسرائيلي نهار الجمعة 17 سبتمبر/ايلول وشهد هذا النهار اسوء لحظات المذبحة. لم يكن هناك في المخيمان لا 2000 ولا 1000 ولا حتى 500 "ارهابي": قوات منظمة التحرير الفلسطينية كانت بالفعل قد اخلت بيروت. وبعد ليلة ثانية من الرعب، الكتائب انسحبت من المخيمات السبت في الصباح
وبعد أن أعلمه موفده بفظاعة ما جرى في المخيمات، كتب السفير درابر الى ارييل شارون قائلاً: "هذا رهيب. لدي ممثل في المخيمات وهو يعد الجثث. يجب عليكم ان تخجلوا". ومن جانبه وبخ الرئيس الامريكي ريغان رئيس الوزراء الاسرائيلي منحيم بيغين بعبارات قاسية غير معتادة
وفي مذكراته، كان وزير الخارجية الامريكي جورج شولتز الاكثر قسوة فكتب: "الاسرائيليون قالوا لنا انهم يدخلون بيروت (...) لتفادي حمام دم. لكنه تبين انهم سهلوا هذا الامر وربما ايضاً تسببوا به". واضاف انه وبسبب ان واشنطن وثقت بحلفائها وصلت الى نتيجة عنيفة وهي "اننا اصبحنا مسؤولين جزئياً" عن المذبحة
الإسرائيليين "تعمدوا خداع" الأمريكيين
وفي ختام مقاله، كتب سيث انزيسكا: "الدرس واضح: احيناً يتصرف حليف مقرب بعكس المصالح والقيم الامريكية. الفشل في ممارسة القوة الامريكية لمنعه يمكن ان يكون له عواقب كارثية".
وأوضح لصحيفة "لو موند" الفرنسية أن الاهم ليس ان الإسرائيليين "تعمدوا خداع" الامريكيين، حسب عبارة استخدمها نائب وزير الخارجية الامريكي لاورنس ايغلبرغر، ولكن "النقطة الاهم تكمن في ضعف الديبلوماسية في مواجهة محاولات الترهيب من قبلهم (اي الإسرائيليين) كما وفي التراجعات المتتالية من قبل السفير درابر" الذي انتهى به الامر بالتنازل عن نقاط اساسية
مهووس بهدفه رؤية الإسرائيليين ينسحبون من بيروت، السفير اعطى لمعلومة غير مؤكدة قوة الأمر الواقع – بقاء الاف من "ارهابيين" في المخيمات – ومنح لحليفه 48 ساعة من التواجد في المدينة. "بالخلاصة، انتهى به الامر بالقول للإسرائيليين: طيب، هيا، اقتلوا الارهابيين، وبعدها اذهبوا". "هنا يمكن اخفاق الديبلوماسية الامريكية"، بحسب كاتب المقال
العربية
0 comments:
إرسال تعليق