السبت، 8 ديسمبر 2012

هذا حال الفساد المستشري في حزب "المقاومة" لماذا يطمس «حزب الله» الفضائح؟

قال السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله في لبنان في اجتماع موسع لقيادات الحزب ما معناه «حقاً نحن نمتلك صواريخ لضرب إسرائيل، ولكن من أين نأتي بالصواريخ لضرب الفساد؟!».
هذا الكلام لم يعد سراً بالنسبة إلى جميع الكوادر الحزبية التي لا شك ان بينها من هو نظيف جداً، ويعتبر نفسه أنه يحمل قضية، كما لا شك ان بينها من ثبت انه يقع في الإغراء حتى ولو كانت الهدية عبارة عن جهاز تلفزيون، فكيف يكون الحال اذا ما كانت الهدية شقة فاخرة، شقة فاخرة بكل أثاثها وتجهيزاتها، ربما وصولاً الى الزوجة الثانية أو الثالثة، فضلاً عن الخادمات، لم يصل الأمر حتى الآن الى حد إهداء خادمات.. رومانيات!
وتردد ان نصرالله تحدث، وأمامه كومة من التقارير التي تتحدث عن ثروات البعض، وعن ممتلكاتهم، وعن شبكاته التجارية التي تنسحب على أشقائه وذويه بطبيعة الحال، ليضيف ما معناه أيضاً ان ما في هذه التقارير أكثر خطورة، وأكثر هولاً، من ألف كيلو غرام من المتفجرات توضع أمامي، وهنا بالذات. متفجرات لا تدمر المكان بمن فيه فحسب، وانما تدمر الحزب.
وتردد أيضاً ان نصرالله قال للقيادات انه يرفض ان يكون شاهداً على تفجير الحزب، لذا قدم استقالته الى تلك القيادات، وقال انه وضع رسالة في هذا الخصوص الى الولي الفقيه، أي الى آيه الله علي خامنئني بعدما قال ان الفساد وصل الى الأعصاب الحساسة جداً للحزب، وانه بات خائفاً على نفسه من أن يصاب بهذه العدوى.
حذرنا من السلطة
البعض امتعضت وجوههم، والبعض ذكرّوه بأنهم حذروه من الانخراط في السلطة، عبر المجلس النيابي، أو عبر التشكيلة الحكومية، ناهيك عن المجالس البلدية وما شاكل، لأن السلطة في لبنان تقوم، إلا فيما ندر، على الفساد «وعندما نصبح جزءاً من السلطة لا مناص من ان نصبح جزءاً من الفساد الذي دخلنا نحن إليه بإرادتنا، ولم يكن بالإمكان تحصين النفوس، ونقصد كل النفوس ضده».
البعض دعا الى انقلاب داخل الحزب، أو الى ثورة داخل الحزب، باعتبار ان الترقيع ليس مجدياً، وحصل هذا بعدما تبين ان جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، وقيل أجهزة استخبارات أخرى، تمكنت من اختراق بعض القيادات العسكرية، بما في ذلك قيادات في حوزتها كل الأسرار حول الصواريخ وحول أمكنة وجودها، الاختراق حصل مالياً ونسائياً.
الإجراءات الحديدية .. وعالم المال
لم يصدق نصرالله ان تلك الأسماء يمكن ان تتورط، وان تقع في الإغراء وفي الإغواء بعدما كان يلتقيها في أحيان كثيرة، وان كان جهاز الاستخبارات التابع للحزب طبق إجراءات حديدية للحيلولة دون معرفة أماكن تواجد نصرالله الذي قيل انه لا يمكث في المكان الواحد لأكثر من شهرين أو ثلاثة، فالجهاز يتعامل مع أي قيادي في الحزب، حتى ولو كان من أقرب المقربين، كأي شخص عادي عندما ينقل للقاء «سماحة الأمين العام».
قبل انفجار قضية عزالدين، والأموال التي كان يوظفها لقاء فوائد مجنونة، وبمعنى الكلمة، كانت هناك أقوال كثيرة، ذات مرة، كان أحد كبار أركان الحزب عند نصرالله، وعندما مد يده الى جيب سترته ليتناول قلماً بدت «ماركة» البدلة التي يرتديها الضيف واضحة تماماً. انها المار كة التي لا يشتريها الا أثرياء القوم، لم يتحمل نصرالله ذلك، وسأله عن ثمن البدلة، وتردد انه بعدما استغرب ان يشتري «مجاهد كبير في الحزب» البدلة اياها، لاحظ ان سعرها يفوق راتب أي مقاتل بثلاث أو أربع مرات..
ولكن هناك من يقول ان الخطأ الذي ارتكبه الحزب لم يكن انخراطه في السلطة وحسب، بل وانخراطه في عالم الأعمال ايضا، اذ اصبحت له مؤسساته التجارية الضخمة التي، وان كانت تدار من قبل اشخاص آخرين مؤتمنين من قبل الحزب، ولهم باعهم الطويل في القطاعات المعنية، فقد كان للشركاء اقرباء او اصدقاء في الحزب. وعندما تدخل الارقام في اللعبة، هل من الممكن ان تبقى المبادئ على نقائها؟!
الحزب بين السلطة والمال. كيف يمكن حمايته إذن من الفساد؟
اغتيال مغنية
لا أحد يدري ما إذا كانت صحيحة تلك المعلومات التي قالت ان اختراقا حصل وأدى الى اغتيال القائد العسكري للحزب عماد مغنية، باعتبار ان الرجل كان يعتمد اساليب للتخفي او للاختفاء لا تخطر في بال. ثمة من وقع في الاغواء مع ان الحلقة التي كان يعمل فيها ضيقة جدا ومخلصة جدا. يحكى عن لغز مثير، مثلما يحكى عن اختراق مثير، ربما عن امرأة مثيرة ايضا. والله أعلم.
قضية عز الدين كشفت عن أهوال. والأهم من الارقام التي بات مؤكدا انها اذهلت نصر الله واغضبته الى حد الاستعانة بالأطباء للحيلولة دون التأثيرات السلبية لارتفاع معدل السكر في الدم، هو ذلك الجشع في تكديس المال، وعبر طرق تبين انها لا تمت الى المبادئ الدينية والحزبية بصلة..
عملية تطهير
بدا واضحا ان ثمة تدهورا، لكن المشكلة كانت في عدم امكانية تنفيذ عملية تطهير واسعة لما لذلك من انعكاسات دراماتيكية على الحزب الذي يقول عدد من انصاره انه عبارة عن أمينه العام وعن المقاتلين في الخنادق، والذين وضعوا حياتهم على أكفهم، اما الآخرون، فإن بعضهم يبدو وكأنه ضيف مقيم لدى.. الف ليلة وليلة.
بطبيعة الحال، هناك من قال داخل اجتماعات للنقد الذاتي ان اعضاء الحزب بشر، وانهم يعيشون في لبنان الذي ورث كثيرا من الماركنتيكية الفنيقية، كما ان الحزب مر في اوقات ضاغطة جدا، وفي حروب ضروس، مما استدعى التجنيد العشوائي في احيان كثيرة، وهذا ما احدث ثغرات في بنية الحزب كان يتم استدراكها «منهجيا».
وعلى الرغم من التعبئة العقائدية المكثفة لم يكن بالامكان تفادي حصول بعض «السقطات القاسية» جدا، وحين كانت الاختراقات المعروفة من قبل الموساد الذي لا بد انه يتقن لعبة التعامل مع نقاط الضعف، فضلا عن لعبة اكتشاف نقاط الضعف هذه..
تغطية الفضائح
المشكلة ايضا في من يستظلون قيادات الحزب، ان لجهة القرابة الضيقة جدا، او لجهة الصداقة الضيقة جدا.
ولعل المشكلة الاخطر ان قيادات الحزب تغطي على الفضائح، خشية ان تصبح قيد التداول العلني، مع ان حجبها في لبنان الذي هو عبارة عن «قرية» لا مجال لاخفاء الأسرار فيها، لا بل ان الفضائح عندما تحجب تصبح أسرارها أكثر.
انتشاراً وأكثر تضخيماً، فحين ظهر من تحقيقات احد الاجهزة ان ابن الشيخ محمد يزبك، وهو عضو في مجلس الشورى واحد اركان الحزب في منطقة البقاع، يعمل في تهريب السلاح الى سوريا، راحت الاشاعات تتوالد، والى حد القول انه كان يتولى تهريب السلاح الاسرائيلي.
وحينما اندلعت فضيحة حبوب الكبتاغون وغيرها من حبوب الهلوسة، والمخدرات، وتبين ان شقيق النائب حسين الموسوي هو الضالع الرئيسي في تصنيع تلك الحبوب وترويجها، لاسيما في الضاحية الجنوبية، لم توفر الاشاعات النائب نفسه الذي كان الناس يرددون انه بذل المستحيل لطي الملف، فهل من الجائز لأي مسؤول في الحزب ان يطمس فضيحة بهذه الخطورة؟!
أدوية مزورة... أوراق مزورة
ثم ألا يشجع ذلك آخرين على الدخول في محظورات اخرى ما دام هناك من يؤمن لهم الحماية أو التغطية في الاوقات الحرجة؟!
... وصولا الى قضية الادوية المزورة. والواقع ان سمعة وزير التنمية الادارية محمد فنيش كانت دائما بعيدة عن الشبهات. الرجل دمث وآدمي ومتقشف وبعيد عن مظاهر الصخب والتعالي. ولكن باسمه هو ارتكب شقيقه عبداللطيف (محمود) ما ارتكب، وضد صحة الناس، فيما بذلت جهود هائلة للفلفة القضية، بحيث تتحول من قصة ادوية مزورة، وذكرت بالاسم وسحبت من الاسواق، الى قصة اوراق مزورة.
حين يكون هناك مال حتى ولو وصف بــ«الطاهر» لا بد ان تهتز المبادئ، وحين تكون هناك سلطة، لا بد ان تكون هناك مكيافيلية، وانتهازية، وحتى زبائنية تنتج ما هو اشد قباحة بكثير، فهل اقتنع «حزب الله» بأنه لا يستطيع العودة الى الوراء، اي ان يبتعد عن الضوء ويعود الى الخنادق، كي لا يقال «مثلما تحمي الصواريخ لبنان، حسبما يقول نصر الله، فإنها تحمي الفساد ايضا»؟!
ربما شخصية حسن نصرالله تختلف عن شخصية ياسر عرفات الذي دمر الثورة الفلسطينية، كما دمر لبنان، بالمال، وان كان هناك من يعطي التبريرات تلو التبريرات. وللتذكير فقط، فإن وفداً فيتنامياً زار في مطلع السبعينات «فتح لاند» في منطقة العرقوب في جنوب لبنان وسهر مع فدائيي تلك المرحلة ليعود من هناك بهذا الانطباع «تلك ثورة غير قابلة للحياة لأنها متخمة».
نتيجة العقوبات
سبب الانطباع هو رؤية اعضاء الوفد لمئات علب «المربّى» المقدمة من الغرب وقد نثرت حول الخيم، فيما اخذ من كل منها مقدار ملعقة او ملعقتين ثم رميت ارضاً.
يقال الآن ان العقوبات التي فرضت على ايران التي لا يمكن ان تكون سخية كما في السابق قد ينتج عنها أمران، اما التقشف في بلد يعيش هستيريا المال، او الانخراط أكثر فأكثر في الفساد، ويقال: من دخل السوق باع واشترى!
 عن القبس

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية