الأحد، 10 مارس 2013

"الجيش الحر" في درعا: حرب تحرير صامتة


منذ بداية تشكيل "الجيش السوري الحر" في درعا سعى النظام السوري إلى سحقه بكافة الوسائل الممكنة والمتوفرة. فالنظام يعلم أنه إذا استطاع "الجيش الحر" السيطرة على الجبهة الجنوبية فإن العاصمة دمشق هي الوجهة المقبلة، وإسقاط النظام سيكون الهدف التالي والأخير.

منطقة اللجاة كانت ولا تزال الحاضنة الأقوى لهذا الجيش منذ بداية الثورة، وحاول النظام عبر محاولات عدة اقتحامها باءت بالفشل، كان آخرها الحملة التي انطلقت من ثلاثة محاور بمشاركة الفرق الخامسة والتاسعة والخامسة عشر، وتكبد خلالها جيش النظام خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، أُجبر على أثرها على الانسحاب، لكنه في المقابل بدأ إتّباع سياسية الخنق على المدينة عبر نشر الحواجز العسكرية في غالبية المناطق ضمن سياسة تقطيع الأوصال بين كل أطرافها من جهة، وعبر رفع حالات الاعتقال للناشطين والعاملين في المجال الإنساني أو الداعمين للجيش الحر من جهة أخرى.

"حرب التحرير" التي انطلق بها الجيش الحر لم يُعلِن عنها بشكل مباشر، لكنه باشر تحرير المناطق من قوات النظام، وتمكن من ذلك في القرى الشرقية التي تمتد حتى منطقة الكسوة بدمشق، ومن هذه القرى بصر الحرير والحراك واللجاة والمسيفرة وخربة غزال، التي تطل على طريق درعا – دمشق، وانسحبت قوات النظام من كل هذه المناطق بشكل كامل.

بالمقابل بقيت المنطقة الغربية هادئة نسبياً بسبب قربها من المناطق السورية المحتلة في الجولان، لكنّها تحركت أخيراً عبر عدد من العمليات التي سيطر خلالها الثوار على عدد من الكتائب على الحدود في مناطق جملة وعابدين ومعرية.

قلب درعا لم يختلف كثيراً عن الأطراف، إذ امتد نشاط الجيش الحر إلى الداخل. مدينة درعا التي تقسم إلى قسمين هما درعا البلد ودرعا المحطة، قام فيها الجيش الحر بمعارك عدّة وصفت بالنوعية أجبر خلالها النظام على سحب بعض قواته من منطقة درعا البلد لتعزيز مواقع أخرى يهاجمها الجيش الحر يومياً، وبشكل بات يحرج قوات النظام وقيادته السياسية التي تشعر بمدى خطورة الوضع بالنسبة إليها، في ظل خوف من أن تصبح مدينة درعا في طريقها للتحرير الكامل بعد مدينة الرقة.

وكما هي العادة منذ بداية الثورة اعتمد جيش النظام سياسة الأرض المحروقة مع كل المناطق التي يشعر بصعوبة السيطرة عليها عسكرياً، ونشر حواجز مكثفة حول المناطق التي انسحب منها، وبدأ قصفاً مدفعياً شبه يومي، الأمر الذي يرفع حصيلة الشهداء في هذه المدينة إلى عشرة يومياً تقريباً.

كما قام النظام السوري أخيراً بسحب قسم كبير من قواته من جبهة الجولان المحتل باتجاه الداخل السوري، وذلك كي تشارك في الدفاع عن آخر حصونه في مدينة دمشق. وكان لمدينة درعا قسم كبير من هذه القوات باعتبار أن مراكز قيادة قوات الجبهة متواجدة في درعا، مثل الفرقة الخامسة التي يقع مقرها في مدينة أزرع وهي تكفلت بقصف بصرى الحرير وما حولها، في حين تكفّل مقر قيادة الفرقة التاسعة وكتيبة جدية التابعة لها بقصف قرى الحارة في المنطقة الشمالية، وكانت حصة درعا البلد وبلدة النعيمة من القصف عبر كتيبة البانوراما المتواجدة في قلب المدينة.

الدعم العسكري للجيش الحر لم يكن خارجياً، بل اعتمد سياسة الغنائم من القطع العسكرية التابعة للنظام، كما في كتيبة السهوة وكتيبة الدفاع الجوي وسرية الهاون في بلدة جملة التي تقع على الحدود مع الجولان المحتل، يضاف إليها المخافر الحدودية على الحدود الأردنية حيث تم تحرير 10 مخافر كانت السبب في قتل الكثير من المدنيين الهاربين نحو المملكة الأردنية، والتي لم تلعب حكومتها درواً داعماً للثوار، بل تمارس هي الأخرى سياسية الحصار على المنافذ الحدودية لمنع تسرب السلاح إلى الداخل السوري وتمنع وبشدة مرور اي صفقات سلاح.

أحد القادة الميدانيين في الجيش الحر بدرعا أكد أن "حرب تحرير المدينة جارٍ العمل عليها منذ مدة، والمعارك وصلت إلى محيط جامع العمري وتم تحرير 7 حواجز وتدميرها بالكامل، فيما التقدم على مناطق اخرى من قلب المدينة يتم بشكل بات سريعاً أكثر ممّا سبق".



مـالـك أبـو خـيـر

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية