الخميس، 24 نوفمبر 2011

مخاوف من ترابط توزيع السلاح والحديث عن الاغتيالات



توقّفت أوساط أمنيّة حيال انتشار ظاهرة السلاح الفرديّ عشوائيا من دون رقيب أو حسيب، وسط استمرار مسلسل الجرائم والسرقة، التي يستخدم فيها المواطنون الأسلحة الخفيفة والثقيلة والمتوسّطة، كما في طرابلس وبعلبك وعدد من أحياء بيروت، بحيث بات كلّ مواطن يملك أسلحة متنوّعة، وتحوّلت عشائر ومجموعات إلى حالة أمنيّة بذاتها.

أكّدت الأوساط أنّ انتشار السلاح الفرديّ يرتبط في الوقت نفسه بالمعلومات التي تؤكّد قيام جهات حزبيّة بتوزيع السلاح على عناصر وخلايا ومجموعات موالية لها في عدد من المناطق، واعتبارها بمثابة "قوّة تدخّل سريع"، في حال حصول أحداث أمنيّة، او اضطرابات معيّنة، في حين عاد حزب علمانيّ اكثريّ الى تدريب بعض عناصره ومجموعاته الحزبيّة على طرق استخدام السلاح في إحدى البلدات البقاعيّة.

وفي هذا الإطار أكّد قياديّ في قوى الرابع عشر من آذار لـ"الجمهورية" أنّ وزيرا سابقاً في البقاع حاول مؤخّراً جمع السلاح الذي سبق ان وزّعه على عدد من انصاره ومؤيّديه إلّا انّه فوجىء بأنّ حوالي 75% من هذا السلاح جرى بيعه لتجّار أسلحة، كما حصل ذلك تماماً مع قطب سياسيّ شماليّ، عندما تبلّغ من قيادات أمنيّة سوريّة عثورها على سلاح لدى بعض المعارضين السوريّين جرى بيعه من قبل مسؤول فاعل لدى القطب السياسيّ الشمالي.

ويترابط انتشار السلاح في نفس الإطار مع عودة تجارة السلاح الى سابق عهدها، والتي يقوم بها مجموعة من التجّار من مختلف الجنسيّات يشكّلون ما يشبه "الكارتل"، ويعملون على بيعه من دون ايّ اعتبار للجهة التي تشتري هذا السلاح، طالما إنّ الهدف هو الربح الماديّ السريع، وتزدهر هذه التجارة في البقاع وعكّار بشكل عام، حتى إنّ بعض التجّار يتولّى تأمين اسلحة وذخائر لبعض التنظيمات الاصوليّة. وتجارة السلاح باتت مورد عيش وارتزاق للكثير من اللبنانيّين، ولم يبقَ إلّا ان تصدر مراسيم وقوانين تنظّمها وتضع لها إطارها القانونيّ.

جمع السلاح الفردي

وارتفعت مؤخّراً أصوات تطالب بجمع السلاح الفرديّ في لبنان، والعمل على القضاء على هذه الآفة التي تهدّد أرزاق الناس وممتلكاتهم وأرواحهم، فالسلاح المنتشر في لبنان يظهر دائما ليس فقط خلال الأحداث الدمويّة والاشتباكات والمعارك، بل أيضا في مناسبات الأفراح والأحزان، إذ باتت عادة إطلاق الرصاص من أقبح العادات لدى اللبنانيّين، وانتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة إطلاق العيارات الناريّة، كلّما أطلّ احد الزعماء متكلّما أو خطيبا على شاشات المحطّات التلفزيونيّة، والتي تترافق مع سقوط ضحايا بريئة نتيجة الرصاص الطائش.


المطالبة بجمع السلاح الفرديّ برأي عدد من الأوساط، لا تُحَلّ بتوقيف العمل كلّ مرّة برُخص الأسلحة الحربية الصادرة عن وزارة الدفاع الوطني، بل تكون وفق خطّة عمليّة تتوافق عليها الأطراف السياسية والحزبيّة، وهذه الخطّة يجب ان تكون متوازية مع العودة الى تطبيق ما اتّفق عليه خلال طاولة الحوار من سحب السلاح الفلسطينيّ المنتشر في مواقع ومراكز في البقاعَين الاوسط والغربيّ، وفي الناعمة قرب الدامور، وفي مناطق عدّة في لبنان، مجهّزة بالمدافع الثقيلة والصواريخ، والتي لا فائدة منها في حماية الشعب الفلسطينيّ،ولا في المساهمة في تحرير فلسطين.

توزيع السلاح والاغتيال

وتخشى الاوساط الأمنيّة، من أن تكون ظاهرة انتشار السلاح وتوزيعه في لبنان مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمعلومات التي تحدّثت عن مخاوف من احتمال عودة الاغتيالات الى لبنان، فخلال لقائه في أواخر تشرين الاوّل الماضي مع عدد من المسؤولين الفرنسيّين في باريس، ومن بينهم نظيره كلود غيان، نبّه وزير الداخليّة العميد مروان شربل من عودة "الاغتيالات السياسيّة" الى لبنان. إلّا أنّ شربل لم يعطِ تفاصيل في هذا المجال، لكنّه أضاف محذّرا من تغلغل "أصوليّين وإرهابيّين ومطلوبين للعدالة داخل المخيّمات الفلسطينيّة، ومن التعرّض للقوّات الدوليّة الموجودة جنوب لبنان.

والمعلومات المتوافرة لدى الأجهزة الاستخباراتيّة الأوروبّية، تشير إلى تسلّل عناصر إرهابيّة تعمل لصالح جهات مخابراتيّة إقليميّة الى لبنان، لتنفيذ مهمّات أمنيّة محدّدة قد يكون من بينها اغتيال شخصيّات بارزة، وربّما شخصيّات سلفيّة في منطقة الشمال اللبناني، والقيام بتفجيرات قد تطال مؤسّسات وسفارات اجنبيّة، على خلفيّة التطوّرات والأحداث المتسارعة التي تشهدها المنطقة، بقصد خلط الاوراق، وتنفيذ سيناريوات محدّدة في هذا الإطار.

وكشف نائب لبنانيّ أنّ جهات دبلوماسيّة عربيّة أبلغته وجود لائحة سوداء بأسماء عدد من الشخصيّات اللبنانية "المرشّحة للاغتيال"، وهناك مخاوف من التحضير لتفجير الوضع الأمني من خلال تدفّق عناصر مشبوهة الى لبنان، من بينها مسؤول أصوليّ بارز يدعى (ل.ز)، وهو يتنقّل بين افغانستان والبوسنة وباكستان، ولديه علاقات مشبوهة مع أجهزة أمنيّة إقليميّة ودولية.

شخصيّات على اللائحة السوداء

وكانت مصادر ذكرت أنّ شخصيّات لبنانية تلقّت تحذيرات رسميّة لاتّخاذ تدابير وقائيّة في تحرّكاتها وتنقّلاتها خوفاً من تعرّضها للاغتيال. ومن هذه الشخصيّات الرئيس فؤاد السنيورة، ونائب رئيس الحكومة السابق الياس المُر، ورئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع، ورئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، والنائب أحمد فتفت، والنائب سامي الجميّل...

فالتهديدات لم توفّر حتى الصحافيّين والناشطين في مجالات حقوق الانسان، وتلقّى بعضهم رسائل الكترونيّة على هواتفهم، محمّلة بالشتائم والتهديد بسبب مواقفهم وتحرّكاتهم حيال ما يجري من ثورات واضطرابات في دول الجوار ومنها سوريا.

الساحة الفلسطينيّة

الأوساط الأمنيّة نفسها اعتبرت أنّ المخاوف الأمنيّة على الساحة اللبنانيّة تنسحب ايضا على الساحة الفلسطينيّة، إذ يشهد مخيّم عين الحلوة بصورة خاصة حالة من التوتّر الأمنيّ، ومن تدفّق عناصر غريبة الى المخيّم من جنسيّات مختلفة تنضمّ الى خلايا ومجموعات، وتوزيع أسلحة على هذه الخلايا والمجموعات، في حين أكّد مصدر أمنيّ لـ"الجمهورية" على تلقّي قياديّ في حركة "فتح" تحذيرات من احتمال تعرّضه للاغتيال على أيدي عناصر تعمل لعدّة أجهزة أمنيّة إقليميّة لدوره الفاعل في إرسال عناصر وخلايا لإثارة القلاقل في دولة عربيّة.

...والقوّات الدوليّة

وتتركّز المخاوف الأمنيّة من جهة أخرى على القوّات الدوليّة في الجنوب بصورة خاصة، التي تعتبر في "مرمى النار" لدى بعض المجموعات الإرهابية التي تردّد مؤخّراً أنّ معظم أفرادها من عناصر تنظيم فتح الاسلام الذي عاد مجدّدا الى تفعيل نشاطه على الساحة اللبنانيّة.

وختمت الأوساط الأمنيّة أنّ "الساحة اللبنانية مفتوحة على كلّ الاحتمالات الأمنيّة، مع تكاثر عمليّات توزيع الأسلحة وانتشارها في أكثر من منطقة في لبنان، خصوصاً إذا علمنا أنّ بيروت عادت كما كانت في الستّينات مسرحاً لمعارك وصراعات بين الأجهزة الاستخباراتيّة العالميّة". 

بقلم صبحي منذر ياغي الجمهورية

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية