الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

جنبلاط اتّخذ قراره... وخائف على الطائفة!



لم تفاجئ مواقف رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط العنيفة التي أُطلقت من قصر المختارة في حفل تكريم قدامى المحازبين الأوساط السياسيّة والشعبيّة، خصوصاً وأنّها كانت متوقّعة بعد لقائه مساعد وزيرة الخارجيّة الأميركيّة جيفري فيلتمان، باعتباره صديقا مقرّبا جدّاً منه.

من الطبيعي، بحسب المطّلعين، أن يكون "أبو تيمور" المشهود له بالتقاط "الذبذبات" الإقليميّة، قد استشفّ من فيلتمان أمراً ما حول الشأن السوري، ما دفعه إلى رفع "دوز" مواقفه المستهدفة للنظام السوري. وترى أوساط عليمة في قوى 14 آذار أنّ جنبلاط اتّخذ مواقف هي الأعنف له منذ "ثورة الاستقلال"، حيث استذكر بشغف تلك المرحلة، واعتبرها الأفضل، ما يعني وفق المطّلعين على الأجواء الجنبلاطيّة بأنّ سيّد المختارة أقفل خطوطه نهائيّاً مع النظام السوري، وبات خطّ الوزير غازي العريضي مع معاون نائب الرئيس السوري اللواء محمد ناصيف معطّلاً في هذه المرحلة، بعدما أرسل جنبلاط رسائله وإشاراته التي ذكّرت رفاقه في 14 آذار بمواقفه من "ساحة الحرّية".

إنّما اللافت في سياق التحوّل الجنبلاطي الكبير انعكاسه على الساحة الدرزيّة، وتحديداً تدهور العلاقة الجنبلاطية ـ الإرسلانية، إذ عُلم أنّ القواعد الاشتراكيّة والدروز المؤيّدين لجنبلاط، وهم الغالبيّة، يبدون استياءهم من مواقف النائب طلال إرسلان، الذي وبعد لقائه الأوّل مع الرئيس بشّار الأسد انتقد جنبلاط من دون أن يسمّيه، وممّا زاد في الطين بلّة في هذا الإطار، زيارة إرسلان للأسد مرّة ثانية في أقلّ من أسبوعين على رأس وفد من بعض مشايخ الدروز، ومن ثمّ زيارته جبل العرب (جبل الدروز) وانتقاده جنبلاط مرّة أخرى رافضاً "نصائح البعض للرئيس الأسد"، مشيداً بخصال الرئيس السوري، بحيث اعتبرت القاعدة الجنبلاطيّة أنّ زيارة إرسلان إلى الأسد ومواقفه أتت بمثابة الردّ المباشر على الحراك الجنبلاطي، في حين سُجّلت إشادة درزيّة برئيس "حزب التوحيد" الوزير السابق وئام وهاب، الذي لم يدخل في هذه المعمعة، على رغم أنّه "رأس الحربة" في الدفاع عن النظام السوري. لكنّ وهاب انطلق من مبدأ الحفاظ على الصفّ الدرزيّ وعدم إقحامه في أيّ صراع داخليّ وإقليمي، وإن كان لأيّ طرف رأيه ومواقفه تبقى بالنسبة إليه من الثوابت.

من هنا عاد الصراع الجنبلاطي ـ الإرسلاني مجدّداً إلى الواجهة، وإن كان السجال بين جنبلاط وإرسلان غير قائم، لكن المطّلعين على العمق الدرزيّ وما يجري راهنا يرون مدى غضب أنصار جنبلاط من المواقف الأرسلانيّة الأخيرة، والتي تؤجّج الصراع الداخليّ في الطائفة، والذي ينأى عنه الجميع في الظروف الراهنة.

ويبقى بحسب المعلومات المتوافّرة، أنّ جنبلاط مستمرّ في تحوّله الدراماتيكي في الأيّام المقبلة، وستكون له، وفق المقرّبين منه، مواقف ناريّة جديدة، وانفتاح أكثر على حلفائه السابقين في قوى 14 آذار، وخصوصاً بعدما كسر الجليد أخيراً مع "القوّات اللبنانية"، من خلال زيارة وفد الحزب التقدّمي الإشتراكي لمعراب، وتلك رسالة لها دلالتها لناحية إمكانية لقاء قريب قد يجمعه مع الدكتور سمير جعجع، حيث آثر الأخير عدم السجال مع الزعيم الدرزي بعد خروجه من الأكثريّة السابقة، وأوصى نوّابه وقياديّي "القوات" بعدم تناول الزعيم الإشتراكي بأيّ موقف سياسي. كذلك فإنّ رسالة جنبلاط إلى إيران حول المقاومة أتت بمثابة المدخل لعودة العلاقة الجنبلاطيّة مع دول الخليج العربي ولا سيّما منها السعودية، وفي هذا السياق يندرج حديثه الأخير إلى مجلّة "المجلّة" السعودية. وتالياً، وفي خضمّ المواقف الأخيرة لسيّد المختارة، فإنّه مصرّ على الهدوء والاستقرار في الجبل وعدم المسّ بعلاقته مع "حزب الله"، ومن دون حصول أيّ قطيعة مع وهّاب، بمعنى أنّ ثمّة حرصاً على عدم زجّ الطائفة الدرزيّة في خلافات داخلية في هذه المرحلة، لكن، وبحسب المطّلعين، فإنّ مواقف جنبلاط من النظام السوري فتحت معركة سياسيّة جديدة مع حلفاء دمشق، وإن كان "حزب الله" يتناغم وجنبلاط في هذه المرحلة، إنّما من الطبيعي أنّه مستاء من مواقف "ابي تيمور" الأخيرة، لكن يُنقل عن أمينه العام السيّد حسن نصرالله أنّه يجب الحفاظ على جنبلاط ضمن الأكثرية الحاليّة، وهذا المؤكّد في هذه المرحلة، حيث يقول بعض المقرّبين من رئيس الحزب الإشتراكي، إنّه لن ينتقل إلى 14 آذار، والمؤكّد أنّه ليس في 8 آذار.
فادي عيد _ الجمهورية

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية