الجمعة، 30 نوفمبر 2012

معركة دمشق قد لا تكون ضرورية لإسقاط نظام الأسد

«من الأفضل ألّا تبدأ معركة دمشق قبل شهرين على الأقلّ». بهذه النصيحة يفتتح أحد المستشارين الأميركيّين حديثه عن المآل الذي يتّجه إليه مسار الأزمة السورية في هذه المرحلة. ما تناقلته وسائل الإعلام الاميركية عن نقاشات مكثّفة تجري بين اكثر من إدارة معنية بصوغ الموقف الخارجي للإدارة الاميركية، وعلى رأسها الدفاع والاستخبارات المركزية والخارجية، تؤكّد أنّ التطوّرات الميدانية المتسارعة التي شهدتها سوريا، وضعت الجميع امام استحقاق "اللحظة التالية" لما بعد سقوط الأسد. لكن هناك من لا يزال يجادل في طريقة منع وقوع أيّ سلاح نوعي في يد جماعات متطرّفة "ستستعمله ضدّ أهداف مدنية كالطائرات التجارية فور سقوط نظام الأسد". هذا نقاش لن ينتهي، ويدرك كثيرون أنّه ليس أكثر من حجّة لا يزال الغرب عموماً والاميركيّون خصوصاً، يضعونه سبباً لإحجامهم عن التدخّل المباشر أو محاولة حسم النزاع مبكراً، لحسابات أشمل وأوسع تغطي مساحة المنطقة برمّتها. فلو كان هذا السبب هو الاساس في منع تدفّق السلاح النوعي الى المعارضة السورية، فلماذا إذاً ينجح التحالف الغربي الذي يخوض القتال ضدّ مسلّحي "طالبان" في افغانستان في منع تدفّق السلاح النوعي اليها، على رغم أنّ الحرب هناك منفلتة من عقالها بنحو أو آخر.. يسأل أحد رموز المعارضة السوريّة هنا في واشنطن؟ ويقول هذا المعارض الذي شارك في لقاءات المعارضة الاخيرة في القاهرة وغيرها، "إنّ الإدارة الاميركية أظهرت في الآونة الاخيرة إشارات تعبّر عن استعدادها لإعادة النظر في طريقة مقاربتها الملفّ السوري". وتشير بعض المعلومات إلى أنّ الاستخبارات الاميركية والغربية عموماً زادت من حضورها الميداني على الارض السورية، خصوصاً في "المناطق المحرّرة"، في محاولة لإقامة علاقات مباشرة مع الجماعات المسلّحة التي يمكن التعامل معها، من غير الجماعات الجهادية. ويضيف هذا المعارض "أنّ الأنباء الواردة من سوريا تؤكّد أنّ الحياة الطبيعية بدأت تعود الى كثير من المناطق المحرّرة. فبعد ما يقارب العامين من بدء الثورة، بدأت المناطق الخارجة عن سلطة النظام تكيّف نفسها وتتأقلم مع الظروف الجديدة". ويؤكّد "أنّ كثيراً من هذه المعطيات يجري إعلام الإدارة الاميركية بها في محاولة لتهدئة المخاوف من "المجهول" الميداني الذي تتذرّع به واشنطن. وما يجري على الارض الآن يشير الى أنّ إطالة أمد النزاع بالطريقة التي جرت، قد تكون حقّقت إيجابيات لتمكين الثوّار السوريين من بناء إمكاناتهم وتحسين شروط إدارة أوضاع البلاد بعد سقوط النظام. فخصوصية سوريا وتعقيدات ملفّها داخليّا وإقليميّا، قد تكون من الايجابيات التي سمحت بتطوير آليات لإدارة شؤونها بعد سقوط النظام، وهذه ميزة قد تحصّن الوضع المقبل من السقوط في الفراغ والفوضى". ويقول هذا المعارض "إنّ تمدّد عمر الأزمة قد حمل وجهاً إيجابيّا، على رغم أنّ سلبيته الأساسية على صعيد الكلفة البشرية والتدمير الهمجي الذي تتعرّض له سوريا على يد النظام، لا يمكن تعويضها بأيّ شكل من الاشكال. وقد أتاح هذا التمدّد البدء باعتماد آليات مباشرة تسمح بالاطمئنان الى أنّ مؤسّسات الدولة ستبقى تعمل". ويضيف: "أنّ المعلومات الميدانية ليس مبالغاً فيها، فقوات النظام تغادر كثيراً من مواقعها طوعاً، وأحياناً من دون قتال. وهناك حركة "نزوح" عسكرية نحو العاصمة دمشق، ويجري الانسحاب من عدد من المدن الكبرى الأخرى. حلب باتت معزولة والحياة عادية في غالبية أحيائها، وقوات النظام الباقية في بعض هذه الأحياء قد تغادر أو تستسلم". ويُنقل عن أوساط قيادية سورية معارضة "أنّ تحرير الشمال السوري وصولاً إلى الحدود العراقية، فضلاً عن الانسحابات الاخيرة حتى من مناطق درعا في الجنوب، يؤكّد أنّ المنطقة العازلة والآمنة باتت واقعاً ملموساً على الارض. وخطوة نشر صواريخ "الباتريوت" على الحدود التركية ـ السورية، قد تصبح من قبيل تحصيل الحاصل، وعلى رغم تأكيد طابعها الدفاعي، إلّا أنّ وقعها المعنوي على الطيّارين السوريّين الذين يتلقّون الأوامر بقصف مناطق الشمال، قد يكون كبيراً جدّاً". في السياسة، يقول المعارض السوري "إنّ ما جرى ويجري في مصر فرض على الجميع إعادة النظر في طريقة التعامل مع القوى السياسية التي تتشارك الآن في إدارة المعركة مع النظام. "انقلاب" الإخوان المسلمين سيفرض على الثورة السورية إعتماد آليات سياسية تضمن عدم الاستئثار والانقلاب من أيّ جهة على القوى الأخرى. بل وسيسمح للقوى الثورية أن تراجع حساباتها بالنسبة الى التعامل مع القوى ذات الطابع الديني أو الأصولي". ويؤكّد هذا المعارض "أنّ نقاشاً ميدانيّاً تجريه القيادة العسكرية المشتركة لتحديد الساعة صفر بالنسبة الى دمشق. لكنّه يحبّذ اعتماد النصيحة أعلاه بتأجيل معركة دمشق، خصوصاً أنّ النظام يحشد خيرة قواه العسكرية فيها، ويقيم أكثر من خطّ دفاع حولها، وهو يسعى الى جرّ الجيش الحر للتقدّم نحو العاصمة في ظلّ ميزان قوى يميل لمصلحته عدداً وتجهيزاً، ما يتيح له افتعال مجزرة ضدّ مقاتلي الجيش الحرّ الآن. وما لم تتمكّن المعارضة المسلّحة من حسم أوضاع المناطق التي سيطرت عليها وتحويل الحرب بالنسبة الى النظام الى حرب خاسرة، لا يمكن فتح معركة دمشق. بل وفي حال تمّ ذلك قد لا تكون معركة دمشق ضرورية، لأن لا أحد يعلم بالنتائج النفسية لهذه التطوّرات على القوات العسكرية التابعة للنظام". ويكشف هذا المعارض في الختام أنّ اتصالات إيجابية جرت في الأيّام والاسابيع الاخيرة في شأن المشكلة مع الأكراد. القيادة السياسية في كردستان العراق حسمت موقفها أخيراً بالانحيازالكامل الى الثورة السورية، وأعلنت عن بدء تشكيل "الجيش الكردي السوري الحر"، في محاولة لملاقاة الثوّار في معركتهم لإسقاط النظام. وأدركت تلك القيادة أنّه لا يمكن الحصول على أيّ مكاسب أو حقوق في المستقبل، سواء اعتمد الحياد على الاقلّ أو في ظلّ التواطؤ مع النظام في أسوأ الحالات. والجماعات الأصولية المسلّحة التي خاضت المواجهة مع الأكراد تبذل جهوداً داخلية وإقليمية حثيثة لاستيعابها". الجمهورية

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية