الأربعاء، 23 يناير 2013

حافظ الاسد تخلص من اللواء علي حيدر لأنه سخر من بشار


يروي الكاتب حسن صبرا في كتابه "سوريا: سقوط العائلة.. عودة الوطن" قصة تخلص حافظ الاسد من أحد أبرز رجالاته المخلصين له هو اللواء علي حيدر لمجرد انه سخر من فكرة توريث الاسد الأب ابنه بشار الحكم، كما يتطرق الى شؤون عائلة الاسد وكيف سيطرت زوج بشار اسماء الاخرس على البيت الاسدي بعدما أزاحت الأم والبحث عن اي دور لهما في الحكم.

كان اللواء علي حيدر أحد أبطال حرب تشرين الأول / اكتوبر ، وهو قائد القوات الخاصة التي أبلت بلاء حسناً في معركة تحرير جبل الشيخ في اليوم الأول من الحرب في 6/10/1973.

وعلي حيدر من الضباط الكبار الموالين للأب حافظ الأسد ، وقد ترك ابن عشيرته صلاح جديد في الصراع معه عام 1970 وانحاز إلى حافظ الأسد.

لكن علي حيدر الرجل الشجاع لم يسكت عن مسعى حافظ لتوريث نجله بشار بعد مقتل باسل، ففي آب/أغسطس 1994 وبعد سبعة أشهر من مقتل باسل، وأثناء تفقده إحدى قطعات القوات الخاصة، وبعد تناول طعام الغداء مع ضباطه ومع احتسائه كأس الشاي سأله أحد الضباط عما يتردد عن توريث الرئيس لبشار فقال حيدر بتهكم: الرئيس حافظ عم يغلط. يعني لما يجيب ابنه رئيس بعده فهو يرتكب خطيئة كبيرة، لماذا يريد تركيب هذا الولد.. وفي الحزب أشخاص كبار وقفوا معه وساندوه مثل أبو جمال (عبد الحليم خدام).

طبعاً وصل الأمر إلى حافظ، فطلب من قائد الاستخبارات العسكرية اللواء علي دوبا اعتقال زميله علي حيدر، فتم ذلك وأدخل علي حيدر السجن لمدة ستة أشهر، ولم يستطع أو لم يحاول أحد التحرك أو مجرد الدفاع عن اللواء المعتقل قائد القوات الخاصة الرجل القوي والشجاع ابن العشيرة الكبيرة.. طبعاً كان هناك من انزعج أو قلق لكن مشاعره ظلت داخله لم يجرؤ على تناول الموضوع علناً.

بعد ستة أشهر أخرج الأسد اللواء حيدر من السجن واستدعاه إلى القصر الجمهوري ليتناول الطعام معه، ثم قال له: يا ابو ياسر.. أنا عارف انك مريض، وأنا أرى انك تروح أميركا تتعالج.. الطب عندهم متقدم كثير..

أمر حافظ الأسد بسفر اللواء علي حيدر إلى أميركا للعلاج، وأمر بصرف مبلغ كبير له لينفقه على علاجه والاقامة واصطحاب من يشاء في رحلته.
وهكذا طويت صفحة واحد من أشجع رجال حافظ الأسد لأنه سخر من تعيين بشار.

وكم كان علي حيدر صادقاً حين قال مرة لصديق لبناني زاره في قريته وهو يتجول في مزرعته: شوف يا أبو فلان.. كل هذا الذي تراه أمامك يمكن أن ينتهي بهاتف واحد من السيد الرئيس، يقول لفلان اجلس في بيتك فيجلس، يقول له اذهب وتسلم القطعة العسكرية هنا، أو الارض هناك، أو المزرعة أو القصر، يذهب وينفذ ما يريده الرئيس.. المهم ان يقول كلمته، والجميع يضرب له تعظيم سلام وينفذ.

عندما انتقد اللواء علي حيدر سياسة حافظ الأسد في الصلح مع إسرائيل عام 1994، لم يحرك الأسد ساكناً رغم ان كلام حيدر كان أمام عشرات الضباط العلويين، حين قال للعماد حكمت الشهابي، الذي كان أجرى مفاوضات في أميركا مع رئيس أركان الجيش الصهيوني أمنون شاحاك، وتحدث مع كبار الضباط عن إمكانية وضع سيناريو للأمن الاقليمي، فرد حيدر: نحن يجب أن يكون لنا رأي في عملية السلام نفسها، وليس بعد ان تتم الاتفاقيات مع العدو الصهيوني.

سكت الأسد على موقف علي حيدر السياسي الاستراتيجي لكن حيدر عندما انتقد سلوك الرئيس بتعيين نجله بشار خليفة له، تعرض للاعتقال والسجن والخروج من الجيش نهائياً

وواقع الأمر ان أحداً لم يفكر بأي عمل ضد حافظ، فمن يكون مستفيداً إلى هذا القدر من وجوده مع حافظ الاسد الذي سمح لكل ضابط من الجيش أو من أجهزة الأمن أن يفعل ما يريد، أن يسرق وأن يشتري المزارع وأن يبني القصور وأن يقتني السيارات وأن ينعم برغد العيش، وأن يقتل وأن يسجن، لن ينظر إليه الأسد بأي عين إلا الرضى خاصة إذا كان بعيداً عن أي تفكير في الاقتراب من السلطة أو أخذها.

كان حافظ الأسد يسمح لضباطه أن يفعلوا ما يشاؤون والويل كل الويل لمن يضبطه يفكر مجرد التفكير في القفز على السلطة.. غير ان هذا لم يحدث.
وإذا تجرأ أحدهم ليسأل حافظ عما يتردد من سعيه لتوريث نجله.. كان يجيب هناك حزب وهناك دستور، وهو عملياً يهيىء باسل ليرثه.

كان يجلس معه بالساعات يحدثه في أمور السياسة والاستراتيجيات ويسلمه مفاتيح كل رجاله من مدنيين وعسكريين، حزبيين وسياسيين ويعطيه الاذن للتدخل في شؤون الدولة ليصل إلى تشكيل الحكومة. كان رئيس الوزراء محمود الزعبـي (الذي انتحر بعد ذلك) يزور باسل في مكتبه فقد كان أبو مفلح مقتنعاً ان باسل هو الرئيس القادم، وربما لهذا السبب تمسك به الأسد لأكثر من 10 سنوات رئيساً.. (سأل المؤلف مرة أمين سر حزب البعث في لبنان عاصم قانصوه: ما سر تمسك الأسد بالزعبـي رئيساً بالرغم مما يقال بأنه موظف سني، فرد أبو جاسم بهضامته المشهورة (الرئيس الأسد بحث عمن هو أسوأ من الزعبــي.. فلم يجد لذا تركه).

كان لدى باسل حق التدخل في التشكيلات العسكرية التي ترسل إلى والده من لجنة عينها الأسد بنفسه، فكان باسل ينقل هذا ويبعد ذاك، يرقي هذا ويجمد ذاك.

انتشر في كل أوساط الحزب والجيش وأجهزة الأمن وبعدها في الشارع السوري، ان حافظ سيورث ابنه، فتراكض الانتهازيون في كل موقع وجهة ومسؤولية نحو باسل، حتى بات يعرف الجميع.. كانوا يرون ان رئيس الوزراء يأتيه لتلقي التعليمات منه، وكثيراً ما كان الزعبـي يذهب إلى باسل ليوسطه في الطلب من والده أمراً مالياً أو خدماتياً أو سياسياً أو اقتصادياً.. وكان باسل يناقش أبو فلاح فإذا اقتنع هو يصبح الأمر قابلاً للتنفيذ حيث كان تأثير باسل على والده فعالاً كالسحر.

كان الضابط د. بهجت سليمان من أنصار رفعت الأسد، فلما برز باسل ترك بهجت الأسد الشقيق وتوجه إلى الأسد الابن، فلما مات باسل ورثه شقيقه بشار، حتى إذا تسلم بشار كانت أول حكومة في عهده برئاسة محمد مصطفى ميرو وهي من تشكيل بهجت سليمان

وبالمناسبة كان اختيار ميرو محط سخرية أبناء حلب حين كان محافظها، وزار بشار المدينة التاريخية، فاستقبله الحلبيون بهتاف طريف هو ((يا أبو حافظ خلصنا من هالمحافظ..)) فاستجاب بشار لنداء الجماهير وعين المحافظ رئيساً للوزراء ليخلص الناس منه!! رغم انه كان طرد من القيادة القطرية.. وكله بتأثير بهجت

قيل ان وفداً بريطانياً زار حلب واهتم به محافظها ميرو كثيراً فنقل أعضاء الوفد إعجابهم بالمحافظ إلى بشار فجاء به رئيساً للوزراء.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية