الأربعاء، 20 فبراير 2013

أيها العنصريون.. لن تتحكّموا بمن ولدوا أحرارا

بقلم محمد البوعزيزي

الى القادة الطائفيين في لبنان، أنتم الذين ترقصون فرحا وطربا عقب توقيع مبدئي على مشروع قانون إنتخاب مذهبي عنصري يشبه كلا منكم، صيغ في غرفة ظلماء، وفي ليل حالك، ينافس وجوهكم السوداء القاتمة على لونها، وتعتقدون واهمين بأنه المنقذ من ضلالاتكم، المحقق لآمالكم، المعالج لآلامكم الطائفية المزمنة، متوافق مع طموحاتكم الفردية، التي لن تتورعوا عن فعل أي شيء في سبيل تحقيقها، ولو تحول كل منكم الى نيرون في مزرعته، لن يفرض قانونكم على قوم  
ولدوا أحرارا.

أيها القادة التاريخيون في القرن الواحد والعشرين في لبنان، أنتم تعتبرون القانون الذي أعده (فرزلي) من أجل فرزكم، هو 
الدواء الشافي لآلامكم، وتعتبرونه المنصف العادل بينكم وبين أقرانكم وأترابكم ومنافسيكم، المذل لغيركم من الأخصام السياسيين، لأي طائفة أو تيار أو حزب سياسي إنتمى، المعز لحلفائكم القدامى والمستجدين، المهيمن لفريقكم على مقدرات بلد تتوهمون أنه سيكون على شاكلتكم، الرحيم لأتباعكم الحالمين برغيف نظيف، والعظيم لحوارييكم الذين يظنون أنكم أنصاف آلهة، والمقتدر على إجتراح وترجمة معجزاتكم الوهمية، والعليم ببواطن أفكاركم وتوخياتكم ومساويء تقياتكم، المانع لتحقيق آمال وطموحات سواكم، الحكيم الذي يغني ترهاتكم بفذلكاته النيّرة، الغفور الذي يمحو خطاياكم ويستر عوراتكم، الوهّاب الذي يعطيكم المكافآت التي تزيد غناكم غنى، وثرواتكم ثراء، العزيز الذي يعزكم ومن لا يخالفكم الراي والتوجه، الخالق الذي سأتيكم بوطن ــــ مزرعة تشبع شبقكم الى السلطة، ولو على زاوية مما أسلفنا، الفتّاح الذي سيشرّع لكم أبواب جنة النفط الموعود، والغاز المفقود، في بحر أنتم عاجون عن الخوض في نوّه، الرزاق الذي سيمنحكم كل ما تشتهونه، مما يملكه سواكم في هذه الفانية، المصوّر الي سيرسمكم في أجمل لوحة تشبه بنات أفكاركم، الودود الذي تحاولون الضحك من خلاله على مريديكم، المنتقم ممن لوى رقابكم بالحق، وقارعكم بالحجة، النّور الذي سينير طرقاتكم المظلمة، ويرشدكم الى ضلال مبين تعتقدونه عين الصواب، المُجيب لدعواتكم وطلباتكم وأهوائكم، الرؤوف بكم وبكل من ناصركم ووالاكم، الجامع لكل متناقض معكم، وقبل ملاقاتكم الى مصيركم المشؤوم، الشكور لكل عطاياكم وهباتكم، العليّ عن مذلاتكم، والغنيّ عن كل هداياكم وهداياتكم، الهادي الى الفتنة التي تعدون لها، الرقيب الذي يعفو عن خطاياكم، الحيّ في دواخلكم، الباقي في كل زاروب من أزقة طوائفكم ومذاهبكم، الحميد الذي يشكركم، ويبشر بحسناتكم ومزاياكم.الرشيد الى تهلكة اللبنانيين، البديع بالشكل، والأقبح بين مقترحاتكم، الصّبور على ترهاتكم وخزعبلاتكم.

أيها القادة التاريخيون، تكادون تسبغون عليه أسماء الله الحسنى (عذرا للتشبيه)، وتقاسمتم الأدوار، وراح كل منكم يطل من قُمة منزله ملوحا للآخرين بشارات النصر، الذي تفوح منها روائحكم النتنة، لكم زوايا مزارعكم الضيقة، وللبنانيين الشرفاء العقلاء الوطنيين الاحرار وطنهم الكبير، فَصِّلوا ما شئتم من قوانين العهر والدجل السياسية، وزعوا فتات أقمشتكم البالية على الحالمين بوطن يشبهكم، عفوا مزرعة تشبهكم، والبسوها أنتم في غرفكم الكالحة، ولكن لن تجبروا أيا ممن اختار وطنه الكبير على اللحاق بقطعانكم، ونطمئنكم بأن قانونكم لن يمرّ، ولن تكتب له الحياة، ولو ألبستم عباءاتكم السوداء للسماء الزرقاء، فلن تحزن، ولن يستقيم مشروعكم، لأنكم غافلون عما فعلت أياديكم القذرة النجسة، لأنكم لا ترون قيد أنملة أبعد من رؤوس أنوفكم البلاستيكة.

لقد وقعتم في شرور أعمالكم، وفي غياهب طروحاتكم المذهبية المحدودة، وغرقتم، وتحاولون إغراق اللبنانيين في عزلتكم وتوحدكم وإنعزاليتكم، سقطتم وتسعون الى إسقاط الآخرين في غياهب ظلامياتكم، مشروعكم التقسيمي الفيدرالي المغلف بنكهة دينية بريئة منه لن يمرّ، ليس لأنكم ستعقلون قبل الوقوع في فخ نصبتموه لبعضكم، ووقعتم جميعا فيه، بل لأن هذا اللبنان الصغير، لا يصلح للتجزئة، لأنه مثل الصفر، لا يجوز تقسيمه وتوزيعه، هو مثل أملاك الوقف الإسلامي والمسيحي، غير قابل للبيع والعرض والطلب، ولا يخضع لنزواتكم وجموحكم، هذا اللبنان العصي على كل المؤامرات لن تمر عليه ألاعيبكم المكشوفة الأهداف، ولا يسمح لأمثالكم بجره خانعا ذليلا الى ما لم يوجد من أجله، هذا اللبنان سيبقى وطنا لكل اللبنانيين، ومن لا يعجبه هذا الوطن، يمكنه أن يختار أي مزرعة تليق به خارجه، ويرحل، ويترك اللبنانيين يعيشون بأمن وسلام، من دون ضغائن وأحقاد، دعوا اللبنانيين يحيوا أيامهم المعدودة، وفقا لقناعاتهم وأهوائهم، لا تظنوا أنكم قادرون على فرض فجوركم، فلن تتحكّموا بمن ولدوا من بطون أمهاتهم أحرارا، ولن يرفرف علما على أرض هذا الوطن، إلا رايته التي يعتز فيها كل لبناني وطني، دون سواه.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية