الاثنين، 25 فبراير 2013

معارك منطقة القصير.. هل هي بداية لتشكيل جيب علوي؟

بقلم: نيكولاس بلاندفورد


تحولت منطقة الحقول والمزارع والبساتين والقرى الصغيرة الواقعة بين بلدة القصير السورية والحدود اللبنانية الشمالية الى ساحة حرب لمعارك شرسة باتت تهدد بامتداد الصراع في سورية الى لبنان.

إذ يخوض هنا مقاتلو حزب الله اللبناني والجيش السوري النظامي معارك طاحنة مع مقاتلي الجيش السوري الحر للسيطرة على منطقة تنطوي على أهمية استراتيجية كبرى في حال سقطت دمشق بأيدي الثوار، واضطر نظام بشار الأسد للهرب. فبلدة القصير تقع قريباً جداً من الطريق الرئيسي الذي يربط دمشق بحمص ثالث أكبر مدينة سورية ثم بطرطوس، البلدة الساحلية التي تُعتبر بوابة لسلسلة جبلية يهيمن عليها العلويون الذين يشكلون العمود الفقري لنظام الأسد.
وفي هذا السياق، يُعرب بعض المحللين عن اعتقادهم أن النظام سيلجأ في حال اضطر الأسد للخروج من دمشق الى هذه المنطقة الجبلية ليشكل فيها جيباً يمكن أن يصمد بفضل الدعم اللوجستيكي والمالي الذي تقدمه إيران حليف النظام الرئيسي وظهير حزب الله.
يقول جوشوا لانديز أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما والخبير في الشؤون السورية: إذا تم طرد الأسد من دمشق ستُصبح القصير مهمة جداً لأنها تصل دمشق بالجبل العلوي.
والحقيقة أن منطقة القصير صورة مصغرة عن النسيج الديموغرافي الطائفي المتشابك في سورية يعيش فيه السُّنّة السوريون واللبنانيون والشيعة بجانب المسيحيين السوريين والعلويين. فهناك حوالي 23 قرية و12 مزرعة غربي القصير يسكنها شيعة لبنانيون على الرغم من أن المنطقة تقع داخل الأراضي السورية، لذا بقيت القيود الحدودية فيها خفيفة تاريخياً، وهناك العديد من السيارات الشاحنة والطرقات الصغيرة المعبّدة يستخدمها السكان والمهربون للتنقل عبر الحدود. لكن بينما تسيطر المعارضة السورية على بلدة القصير، يسكن الشيعة اللبنانيون المتحالفون مع حزب الله غربها مما جعل القتال للسيطرة على هذه المنطقة شرساً جداً في الأيام الأخيرة.
إذ يتهم الثوار السوريون حزب الله بمساعدة جنود الأسد على مهاجمة القرى السّنّية في المنطقة، وكان حسن نصر الله رئيس الحزب قد اعترف في أكتوبر الماضي ان بعض عناصر الحزب تقاتل في سورية، لكنه قال إن هذه العناصر تدافع عن القرى الشيعية فقط.
بالطبع يحاول حزب الله دوماً التقليل من أهمية الدور الذي يلعبه في سورية، لكن بات معروفاً على نطاق واسع أن مقاتلي الحزب منتشرون في مناطق سورية عديدة ولاسيما في المناطق السورية المجاورة لحدود لبنان الشرقية والشمالية وفي دمشق.

ممر

وفي هذا الإطار، يُعرب بعض المحللين عن اعتقادهم بأن تشكل القرى الشيعية الواقعة غرب بلدة القصير السورية حزءاً في نهاية المطاف لممر – كوريدور – يصل المناطق الخاضعة لحزب الله في شمال لبنان مع الحافة الجنوبية لجيب علوي يشمل سلسلة الجبال الساحلية الى ميناء مدينة اللاذقية.
وإذا ما تم تأمين مثل هذا الممر ستتحقق عندئذ عدة مكاسب استراتيجية مهمة منها أنه سيسمح لحزب الله بمساعدة ما يتبقى من نظام الأسد للدفاع عن الجيب العلوي ضد هجمات المجموعات السُّنّية، كما يمكن أن يصبح هذا الممر طريقاً لإمدادات السلاح لحزب الله. فمن المعروف تقليدياً أن معظم إمدادات السلاح لحزب الله يجري تهريبها من سورية الى لبنان. لكن من شأن سقوط نظام الأسد أن يعقّد قدرة الحزب في الحصول على هذه الإمدادات. لكن نشوء جيب علوي يطل على البحر من خلال موانئ طرطوس، بانياس واللاذقية سوف يسمح بوصول تلك الإمدادات التي سيتم استيرادها من إيران، ويتم نقلها بعد ذلك بالشاحنات الى حزب الله في لبنان من خلال الممر المذكور.
حول هذا يقول أندرو تابلر خبير شؤون سورية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: لما كانت منطقة القصير حلقة وصل بين الجزء الشمالي من وادي البقاع الذي تسكنه أغلبية شيعية وبين سلسلة الجبال الساحلية السورية التي يهيمن عليها العلويون، فإن حلقة الوصل هذه تُصبح أساسية جداً لبقاء الجيب العلوي الذي يسيطر عليه النظام متصلاً مع المناطق التي يسيطر عليها حليفه حزب الله، وهذا في الواقع هدف مهم ومفيد جداً بالنسبة لإيران.
غير أن إقامة مثل هذه الحلقة بين هاتين المنطقتين لن تكون عملاً سهلاً لأن معنى هذا أن على نظام الأسد أن يُخضع عدداً كبيراً من سكان القرى السُّنّية الى سيطرته أو يطردهم منها. ومن غير المستبعد أن يلجأ عندئذ لسياسة «التطهير الطائفي» من أجل السيطرة على هذه المناطق الاستراتيجية.

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية