الجمعة، 22 فبراير 2013

الصراع السني ـ الشيعي في لبنان بلغ مستويات مثيرة للقلق

لا ينفصل الصراع السني ـ الشيعي في لبنان عن الصراع السني ـ الشيعي في المنطقة. ولكن نظرا لخصوصية الوضع في لبنان وتركيبته المعقدة وتوازناته الطائفية والسياسية الدقيقة، كان الصراع السني الشيعي يظل دائما مضبوط الإيقاع محصور النطاق وتحت السيطرة ومن ضمن قواعد اللعبة. ولكنه ومنذ مطلع هذا العام سجل تطورا وسلك منحى تصعيديا وتصاعديا وبدأ يقترب من دائرة الخطوط الحمر والمستويات المثيرة للقلق في حال استمرت الأمور في منحاها الحالي ولم يصر الى وضع «ضوابط وكوابح» تحد من اندفاع «قطار الفتنة».

ويمكن التوقف عند أربعة مؤشرات وعناصر تعزز هذا القلق وتدل على تقدم مسار الخلاف والتصادم على مسار الحوار والتسوية.. وهي:

١ ـ المعركة الدائرة حول قانون الانتخابات وباتت مختزلة في جولاتها النهائية في معركة «القانون الأرثوذكسي». هذه المعركة على قانون الانتخابات تدخل في صلب الصراع السياسي الدائر بين السنة والشيعة منذ ما بعد الطائف والمتحرك صعودا وهبوطا منذ العام 2005 عبر عدة محطات بدءا من التحالف الرباعي الذي لم يعمر إلا أشهر قليلة، مرورا باتفاق الدوحة الذي لم يعمر إلا سنوات قليلة، وصولا الى محطة الافتراق الكبير بداية العام 2011 عندما تم إخراج الرئيس سعد الحريري من الحكم والبلاد وحصل ما يشبه «الانقلاب السياسي» بطرق دستورية.

هذا الصراع السياسي هو صراع على السلطة وحول «من سيحكم لبنان لسنوات مقبلة» يتمحور حاليا حول قانون الانتخابات ويكاد أن يكون مختزلا به، وأن تصبح معركة «الأرثوذكسي» معركة «حياة أو موت» بالنسبة لتيار المستقبل في سياق خطته وإستراتيجيته للعودة الى الحكم من باب الانتخابات، ومعركة «مفصلية» بالنسبة لحزب الله في سياق خطته وإستراتيجيته لتثبيت وضعه المتقدم في الحكم وفي البرلمان بعد الحكومة. ولذلك فإن معركة قانون الانتخاب التي هي في المبدأ والأساس معركة تحسين وتحصيل التمثيل المسيحي والمناصفة الفعلية، هي في العمق والواقع معركة مفصلية في الصراع السياسي المفتوح بين تيار المستقبل وحزب الله.

٢ ـ عملية الاستقطاب الجارية في معرض هذا الصراع للعنصر والمكون المسيحي الذي طرأت على أجوائه تغييرات في الفترة الأخيرة. المسيحيون منذ العام 2006 بدوا قوة سياسية «ملحقة وتابعة» ومتحركة على هامش الصراع السني ـ الشيعي بحكم أن القيادات والقوى المسيحية موزعة بين الطرفين في إطار الانقسام السياسي في البلد بين فريقي 8 و14 آذار. وفي ظل هذا الصراع أتيحت فرصة للزعيم الدرزي وليد جنبلاط في أن يلعب دور بيضة القبان والقوة المرجحة. ولكن حصل أخيرا ما أدى الى تقدم الصراع المذهبي على الصراع السياسي وهو ما يؤدي تباعا الى تغييرات في الخارطة السياسية بحيث ان تعديلات بدأت تطرأ مثل اتساع الحالة الوسطية وانحسار الانقسام السياسي على أساس 8 و14 آذار، مقابل تقدم الانقسام الطائفي بين الطوائف والمذاهب. وهذا التبدل يجعل المجموعة المسيحية مرشحة لأن تلعب دور القوة المرجحة وبيضة القبان في الصراع الدائر وأن حالة من التنافس والتسابق بين القوتين الشيعية والسنية ستشتد لاجتذاب واستقطاب العنصر المسيحي مع تسجيل تقدم بالنقاط لحزب الله على تيار المستقبل في إدارة معركة قانون الانتخاب، ومع الإشارة الى أهمية العامل المسيحي في الانتخابات النيابية التي تدور فعليا على الأرض المسيحية وفي الانتخابات الرئاسية (هوية الرئيس الماروني).

٣ ـ وصول التجاذب السياسي الى المؤسسة العسكرية، وظهر ذلك بوضوح في تداعيات «حادثة عرسال» وردود الفعل عليها، وسجلت انفعالات ومزايدات عند الطرفين: عند حزب الله الذي نظم مع حلفائه حملة تضامن واسعة مع الجيش. وعند تيار المستقبل و«أهل السنة» الذين وجهوا انتقادات الى الجيش لدرجة اتهامه بالوقوع تحت نفوذ وتأثير حزب الله. وهكذا وجد الجيش نفسه في وضع مستجد وغير سليم وواقعا بين فكي التشجيع والتحريض من جهة والتشكيك والاتهام من جهة ثانية، ومهددا بتعطيل دوره.

٤ ـ التورط بأشكال مختلفة في الأزمة السورية، والذي بلغ حد التورط في القتال الدائر على أرض سورية لتبقى سياسة النأي بالنفس في إطارها الرسمي والنظري من دون التزام أطراف إعلان بعبدا بها. وبعد توافر وقائع وأدلة على تورط سني (تلكلخ) وشيعي (القصير)، صار السؤال بعد وقوع واقعة القتال غير المباشر في سورية ما الذي يمنع انتقال القتال الى لبنان ليصبح مباشرا أم أن المسألة مسألة وقت وتبدأ في لبنان حين تنتهي في سورية؟ 

الأنباء الكويتية

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية