الاثنين، 25 فبراير 2013

عشرة أسباب تثير الشارع السني في لبنان: هل مَن يستدرك قبل الانزلاق إلى الهاوية؟!

فادي شامية        

                             
الشارع السني في لبنان مستفز ومتوتر. حقيقة لا داعي للتدليل عليها، لكن ما يحتاج إلى استدلال ودراسة هو أسباب ونتائج هذا التوتر غير المسبوق. ثمة عشرة أسباب كبرى يمكن إيرادها لفهم واقع الشارع السني اليوم.

أولاً: استكبار "حزب الله" على اللبنانيين، واستخفافه باعتراضاتهم على سلوكياته، وفرضه رؤيته الخاصة عليهم في استراتيجية الدفاع، وتقديسه لذاته وشيطنته لخصومه، وهذه كلها عوامل استفزاز للبنايين عموماً من غير مؤيدي الحزب، لكن في ظل معادلة الحزب-الطائفة، فإنها تدخل على خط التوتر السني- الشيعي، سيما أن الحزب المذكور تحدى بالفعل مشاعر الشارع السني في محطات عديدة سابقة.

ثانياً: الاستفزاز المستمر الذي يمارسه التيار العوني للشارع السني - سواء تجاه تيار "المستقبل" أو الإسلاميين- علماً أن هامش الفصل بين الحالة العونية و"حزب الله" لم يعد واسعاً في التفكير الجمعي للشارع السني؛ الذي يعتقد أن ما يفعله التيار العوني إنما هو بتوجيه أو برضا من "حزب الله". 

ثالثاً: السلاح خارج كنف الدولة، سيما وأنه صار جزءاً أساساً من المعادلة السياسية الداخلية، وقد استخدم -أو هُدد باستخدامه- مرات عدة؛ كان أكبرها في يوم السابع من أيار المخزي، علماً أن سلاح "حزب الله" محمي بذريعة "المقاومة"، فيما السلاح مع مخالفيه من القوى السنية مجرّم بذريعة "الإرهاب".

رابعاً: إجهاض الانتصارات الانتخابية للقوى الاستقلالية كلها؛ انتخابات العام 2006 بفعل الاعتصامات ومحاصرة الحكومة وصولاً إلى التغيير بقوة السلاح، وانتخابات العام 2009 بفعل التلويح باستخدام السلاح مرة أخرى وقلب الأغلبية النيابية وإسقاط الحكومة بما يشبه الانقلاب.

خامساً: مسلسل الاغتيالات الذي طال رموزاً استقلالية عديدة، من بينها رموز سنية كبيرة، مضافاً إليه مسلسل السعي لإجهاض وترهيب العدالة، سواء المحلية أو الدولية، وصولاً إلى فرض القداسة والحماية على المتهمين بقتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ما أسس لاتهامات –أصبحت لدى شريحة واسعة قناعات - حول مسؤولية "ما" لـ "حزب الله" في مسلسل الاغتيالات المستمر منذ نهاية العام 2004.  

سادساً: العبث في الشارع السني من قبل "حزب الله" الذي ينشر المال والسلاح ويؤسس لحالات مؤيدة له، فيما لا يمكن وصفه حرية عمل سياسي بريء، علماً أن الحزب نفسه لا يتهاون مع أي حالة اعتراضية في شارعه، ولو كانت ذاتية المنشأ ومدنية التحرك، فيسارع إلى مهاجمتها وتخوينها فقمعها. 

سابعاً: تسخير "حزب الله" الحكومة اللبنانية لخدمة مشروعه، وممارسته نفوذاً على أكثر من جهاز حساس في الدولة؛ لا سيما القضاء العسكري ومخابرات الجيش اللبناني، بما يؤدي بالنتيجة إلى تباينات ظاهرة في المعاملة تجاه هذا الفريق أو ذاك.  

ثامناً: الموقف من الثورة السورية، وتجييش "حزب الله" للشيعة من أجل دعم نظام الإجرام في سوريا، بالموقف والمال والسلاح والرجال، واستخدام الموارد والأراضي اللبنانية للقتال إلى جانب النظام السوري، وصمت أجهزة الدولة عن ذلك كله –بما في ذلك المقاتلون الذين يعود بعضهم بأكفان- وملاحقة مؤيدي الثورة السورية بالمقابل، بعد اتهامهم بـ "الإرهاب".   

تاسعاً: التحريض المستمر على المناطق السنية، ومحاولة الإيقاع بينها وبين الأجهزة الأمنية اللبنانية، باعتبارها مناطق تسرح فيها المجموعات المسلحة، أو الجماعات الإرهابية، والنكء المستمر لذكريات الفتن بهدف ضرب صورة السنّة.   

عاشراً: التلاعب بـ "التمثيل السني الصحيح" من خلال التغيير القسري، فالتغييب القسري لرئيس أكبر كتلة نيابية تمثل أهم موقع دستوري سني في لبنان، والتلطي وراء "التمثيل المسيحي الصحيح" من خلال طرح قوانين انتخابية، هدفها القريب الإيقاع بين المسيحيين والسنة، والهدف الأبعد السيطرة الكاملة على البلد.

ما هي نتيجة الأسباب سالفة الذكر؟
يبدو التوتر هو الظاهر اليوم في الشارع السني، لكن ما هو أهم ذلك؛ التحولات في الشارع السني؛ طلاقه مع "حزب الله"، واحتدام المشاعر المذهبية، وازدياد الحالات المتشددة فيه مقابل تراجع قوى الاعتدال، لا سيما لدى الشباب الذي بات يصنف المواقف الهادئة باعتبارها "تخاذلاً وجبناً"، وصولاً إلى توجه قطاعات سنية في غير منطقة نحو التسلح -وقد ظهر ذلك في أكثر من مناسبة- وأخيراً يأس قطاعات سنية واسعة من التغيير بالطرق الديمقراطية، والبرود تجاه القوانين والاستحقاقات الانتخابية المثارة، باعتبارها سبيلاً غير منتج للتغيير المطلوب، ومجاهرتها بضرورة امتلاك السلاح مقابل السلاح، طالما أن "معادلة اللاسلاح" لدى الجميع غير قابلة للتحقق. إلام يوصلنا هذا المسار؟ إلى الهاوية بكل تأكيد، فهل من مستدرِك قبل الانزلاق في أتون لا نعرف نهايته!   

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية