
لم يحظ أيّ تحرّك قادته الجامعة العربية منذ عقود من الزمن بأيّ اهتمام كالذي تحظى به المبادرة الخاصّة بالملف السوري، بعدما بدأت فيها بوادر الانتقال بالأزمة من الحضن العربي إلى مجلس الأمن الدولي عبر المؤسّسات الدولية، وخصوصا تلك المعنيّة بالحرّيات وحقوق الإنسان، والتي تحوّلت معبرا الى المجلس.
على هذه الخلفيّات عكست التقارير الدبلوماسية الواردة من الأمم المتحدة، بأنّ التحضيرات بدأت في أروقة الأمم المتحدة لمواكبة المرحلة التي يمكن أن تقوم بناء على نتائج أعمال اللجنة الوزارية العربية، وما يمكن أن تؤدّي إليه الوساطة العراقية التي قامت على أنقاض تأجيل اجتماع اللجنة الوزارية أول امس الأحد في الدوحة، بعدما تبرّعت الحكومة العراقية بالقيام بالوساطة الأخيرة مع القيادة السوريّة في شأن الموقف السوري من البروتوكول الخاص بالمراقبين والمركز القانوني.
ما بعد الدور العربي
وفي السياق عينه، كشفت مصادر دبلوماسية واسعة الإطلاع عن أنّ الاتصالات على المستوى الدولي في شأن الوضع في سوريا وضعت على نار حامية. وفي المعلومات التي تبادلتها الأوساط الدبلوماسية أنّ هذه الاتصالات تجري على مستوى الأعضاء الدائمين للبحث في المراحل المرتقبة لما بعد مبادرة الجامعة العربية والمتوقعة في مهلة أيام قليلة، وهي تستثني روسيا والصين، اللتين ما زالتا على تأييدهما المطلق للنظام الحالي، لتهيئة الأجواء من اجل البحث في قرار جديد لمجلس الأمن يرفع من نسبة الضغوط على النظام في سوريا، وذلك لترتيب موَقّت لوقف العنف على ضوء معلومات موثوقة، تتحدّث عن تحضيرات عسكرية تستعدّ خلالها وحدات مدرّعة من الجيش للبدء بعملية واسعة وحاسمة تستهدف حمص ومدنا أخرى، وهو أمر يستفزّ المجتمع الدولي ويعتبر تجاوزا للخطوط الحمر التي رسمها الاتحاد الأوروبي في اجتماع وزراء خارجيته ووزير الخارجية التركي الأسبوع الماضي.
سيناريوهات أوروبية
وفي المعلومات المتداولة، أنّ الوزراء الأوروبيّين ونظيرهم التركي قد وضعوا سلسلة من السيناريوهات السلبية التي تحاكي الوضع السوري ما بعد سحب الورقة السوريّة من التداول في اللجنة الوزارية العربية، لمناقشة خيارات أخرى أقلّها المزيد من العقوبات التي ستتلاقى والعقوبات العربية، وتفيض عنها بما يزيد على المستوى الاقتصادي، الذي يؤثر على العمل الحكومي السوري وسير العمل في المؤسّسات الكبرى، ولا سيّما ما يتصل منها بقطاع النفط المستورد بالدرجة الأولى وصولا إلى احتمال الطلب بتحرّك المحكمة الجنائية الدولية في ملفات عديدة تتصل بحجم الضحايا من المدنيّين والأطفال والطلاب، وقد تصل في وقت قياسي إلى حظر حركة الطيران المدني وحركة البواخر باستثناء تلك التي تتعاطى نقل المواد الغذائية والأساسية إلى جميع المنشآت الجوّية والبحرية السورية باعتبارها مناطق محظورة على شركات الطيران والملاحة الأوروبية والأجنبية. وكلّها إجراءات تكمّل ما اتخذ منها على مستوى الحكومات والدول العربية المرشحة للتوسّع ما لم تأت المبادرة العراقية بجديد قد يغيّر في مجرى الأحداث لفترة محدودة. وفي اعتبار أنّ العالمين بالأمور لا يتوقّعون أيّة مفاجآت من نظام يعتقد أنّه ليس هناك ما يحول دون الانتخابات البلدية والاختيارية في البلاد.
تصلّب روسي وصيني
وتزامنا مع سلسلة المشاورات الجارية إقليميا ودوليا يبدو التصلّب عنوانا للموقفين الروسي والصيني دعما لنظام الأسد في مواجهة كلّ الحراك الدولي والغليان العربي. وتؤكّد المصادر العليمة أنّ الثنائي الروسي - الصيني سيشكّل عائقا أمام أيّ إجماع دولي باعتبارهما أنّ البديل من نظام الأسد قد يكون تفتيت سوريا والمنطقة. لكنّهما وفي الوقت عينه يسألان بإلحاح عن السيناريوهات التي يمكن أن تؤدّي إلى سقوط الرئيس الأسد والى البديل منه. البديل الذي يتكفّل باستقرار المنطقة ومصالح الطرفين. ومن هنا قد يبدأ الحوار بين المجتمع الدولي وكلّ من روسيا والصين لضمّهما إلى المحور المناهض للنظام السوري لإجراء التغيير بأرخص الأثمان وبالسرعة القصوى التي تقصّر معاناة السوريّين وجيرانهم في آن.
جورج شاهين _ الجمهورية
0 comments:
إرسال تعليق