الجمعة، 16 نوفمبر 2012

الوزير الشقيق

بقلم حازم الأمين لم يضع الوزير محمد فنيش، استقالته في عهدة رئيس الحكومة بعد انكشاف فضيحة تزوير شقيقه عبد اللطيف توقيع وزير الصحة على أذونات باستيراد أدوية. على الرغم من أنه وزير الإصلاح الإداري، وممثل لحزب لطالما قال إنه منقطعٌ للآخرة، ومُقلعٌ عن الدنيا وما فيها من مُتع كالجاه والمال والبنين. وخطوة أن يضع الوزير استقالته في تصرف الحكومة إلى أن تنجلي التحقيقات في قضية شقيقه هي أضعف الإيمان. ففنيش لم ينفِ، وقال إنه لا يُغطي شقيقه، لكن فعل التزوير حصل في الفترة التي كان فيها الوزير وزيراً، ما يعني أن احتمال استغلال المزور حقيقة أن شقيقه وزير كبير، لا بل راجح. وإذا قال الوزير إنه لم يكن على علم بنشاط شقيقه التزويري، فهذا لا يكفي، ذاك أن إمكان استخدام الشقيق نفوذ شقيقه أمر راجح، وهو على كل حال ما تشير إليه التحقيقات. فعبد اللطيف فنيش كان يتمتع بنفوذ كبير في وزارة الصحة. وقالت جريدة "الأخبار" إن الرجل كان بإمكانه ان يُنجز معاملات فيها بسرعة قياسية لم يكن غيره يستطيع إنجازها، وهو ما دفع الكثير من الشركات إلى اللجوء إليه في مقابل نسبٍ مئوية تقاضاها. عبد اللطيف فنيش شقيق الوزير والنائب في "حزب الله" محمد فنيش يتمتع بنفوذ في وزارة الصحة التي يقف على رأسها وزير من حركة "أمل" هو علي حسن خليل، وهو اليوم متهم بعملية تزوير كبرى في هذه الوزارة. ماذا يمكن لأي لبناني أن يُفكر حين يقرأ هذا الخبر؟ السيناريو البديهي، أو سيناريو أضعف الإيمان، هو أن المُزوِّر استخدم اسم شقيقه ومد نفوذه في وزارة الصحة التي يرأسها وزير من حزب حليف لحزب شقيقه. إذاً على وزير الصحة أيضاً أن يضع استقالته في عُهدة رئيس الحكومة إلى أن تنجلي التحقيقات، ذاك أننا لسنا أمام فضيحة فساد تقليدية. فهناك حزبان كبيران استوليا على الحكومة خلف هذه العملية. إنهما مشروع سلطة، لا بل هما السلطة، وقد غافلها شقيقها وزوّر أدوية كان من الممكن ان تسمم اللبنانيين. ليس المزور في هذه الحال شقيق الوزير، بل الوزير هو شقيقه، ذاك أن فعل التزوير يسبق في قوته فعل التوزير، والمضمون السلبي للأول أكثر قدرة على التفشي من الفعل "الإيجابي" للثاني. وفنيش الوزير والشقيق إن لم يكن فاسداً، وهو أمر صار يحتاج الى إثبات، من المؤكد أنه وزير غير حكيم، طالما أنه لم يضع استقالته بتصرف رئيس الحكومة، إذ إن الفضيحة أكبر وأوضح من أن تُدارى، ولا يمكن امتصاص ارتداداتها الشخصية على الوزير الا عبر خطوة الاستقالة. أما الارتدادات السياسية، فلن ينجو "حزب الله" منها. إنها مؤشرات انخراط الحزب بملذات الدنيا التي تؤمنها السلطة. والسلطة في وعي الحزب نماذجُها في دمشق وفي طهران، هناك حيث الفساد واسع، لكنه لم يفتَّ من عضد الخطاب... إذاً لن نشهد استقالة. ملاحظة: ما صدر عن القضاء بحق شقيق الوزير هو مذكرة تحرٍ وبحث، ما يعني ان الرجل متوارٍ. فأين هو يا ترى؟

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية