الأربعاء، 28 مارس 2012

سوريا، غياب قمة أم حضور مؤثر

تعقد القمة العربية في بغداد وسط تحديات كبيرة تشهدها الساحة العربية وفي ظل أزمات تعصف ببلدانها. لكن الحدث الأبرز في هذه القمة غياب سوريا قلب العروبة النابض التي أجد نفسي معنيا بالقول إنها غُمة على العرب وليست قمة كما يعتقدون ولربما ستكون وبالا على ميثاق الجامعة العربية التي كانت سوريا ضمن الدول المؤسسة لها حينما احتضنت مؤتمر بلودان الذي جمع الحكام العرب عام 1937 والذي بدوره أسهم في تأسيس جامعة الدول العربية. مخجل في حق العرب أن تغيب سوريا عن قمة بغداد. فغيابها غياب للتاريخ والعظمة من جامعة الدول العربية وصورة من صور التنكر للدور العروبي الذي قامت وتقوم به سوريا وهو دور كان ولا يزال دورا محوريا في كثير من قضايا الأمة العربية والإسلامية ويأتي في مقدمة تلك القضايا الصراع العربي الإسرائيلي والذي تمثل فيه سوريا جدار المقاومة والممانعة الشريفة التي كان حريا بالدول العربية أن يستلهموه ويستحضروه من خلال الحضور السوري للقمة في بغداد لاسيما وأن الظروف الراهنة التي تعيشها الدول العربية تكفل أن تكون سوريا جزءا من الحل وليس المشكلة. إن مشروع أي قرار أو بيان يصدر من قمة بغداد حول سوريا يظل حبيس أوراقه ولا يفي قيمة الحبر الذي كتب به. أما قيمته السياسية فلا تشكل أي وزن في ظل غياب الدولة المعنية بالأزمة. فغيابها يعني غياب بعض الحقائق والأمور التي تعين في حل الأزمة. أما تشخيصها وإصدار البيانات والحلول دون استشارة وتبادل للرأي مع الدولة المعنية من شأنه أن يعقد الأزمة ويزيد من تفاقمها ويشكل سابقة خطيرة في التعاطي مع الشأن السياسي للدول الأعضاء خاصة مع دولة بحجم سوريا يشكل حضورها للقمة العربية ثقلا سياسيا ينعكس على جميع الدول ويعطي رمزا لاستحضار الهيبة العربية خاصة وأنها تُعقد في بغداد بعد غياب طويل عنها. ربما تأخذ القرارات المنبثقة من قمة بغداد مسار المساومة السياسية للحكومة السورية وفي الوقت نفسه تبرئ ساحات العصابات الإرهابية من جرائم القتل والتدمير التي شاهدناها في بابا عمرو وكرم الزيتون وغيرها من المناطق. وإن تم ذلك فمعناه تغليب الحالة العدائية تجاه سوريا وتغييب لغة الحوار بين المعارضة والقيادة السياسية من جهة وفتح الباب للمسلحين من جهة ثانية ليعيدوا جرائمهم بحق الأبرياء وعليه فإن أي خيار للمساومة من جديد يصدر تجاه سوريا هو خيار خاسر وجدناه طيلة تلك الشهور الماضية ولم يحقق أي نتيجة على الأرض بل على العكس زاد في توحد الشعب السوري والتفافه حول قيادته من خلال مسيرات التأييد والرفض للتدخل الخارجي في شؤون بلدهم. باعتقادي أن قمة بغداد سيكون مخاضها صعبا وشديدا وأن غياب سوريا سيكون أشد تأثيرا من حضورها وبالتالي فإن أي قرار يصدر بشأن الأزمة السورية عليه أن يأخذ بعين الاعتبار اقتراب الحسم الداخلي للأزمة التي رأينا بوادره في الزيارة الرمزية للرئيس الأسد لحي بابا عمرو من جهة ومبادرة كوفي أنان التي هي واجهة للانسحاب الأميركي من الساحة السورية من جهة أخرى وهنا أجد أن العرب عليهم أن يستدركوا موقفهم تجاه سوريا ويخرجوا بصورة توافقية تمهد للحل وليس الأزمة. سامي جاسم آل خليفة

0 comments:

إرسال تعليق

 
تصميم وتنفيذ الادارة التنفيذية